تونس لن تنسى

تونس لن تنسى

12 يوليو 2021
تعاني المنظومة الصحية في تونس من الإرهاق (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تشيّع تونس يومياً عشرات من أبنائها وبناتها ممن ماتوا بسبب كورونا، فيما يقترب العدد شيئاً فشيئاً من 200 حالة وفاة وعشرة آلاف إصابة يومياً، وهي أرقام قياسية، كبيرة على بلد تعبت منظومته الصحية وأُرهقت ولم تتطور منذ عقود. ليست تونس وحدها من تشهد مثل هذه الصعوبات، فما من دولة كانت مستعدة لفيروس كورونا. ومنذ الموجة الأولى، شهدت دول غنية وعريقة صعوبات كبيرة في التعامل مع الأزمة وتداعياتها، ولذلك فليس من العيب أن تتوجه تونس بطلب إغاثة دولية، مع العلم أنها لم تفعل ذلك بشكل رسمي وعلني إلى حد الآن. وليس على المسؤولين أن ينصتوا إلى أصوات ناشزة تصف طلب المساعدة بالتسوّل، لأنها ترغب فقط في أن تُسقط حكومة وتُربك أحزاب.
ويتساءل تونسيون، اليوم، كم يلزم من ضحايا لتصحو الضمائر، وما هو الرقم الذي يمكن أن يقود إلى تضامن وطني لا ينهي الخلافات وإنما يؤجلها فقط إلى ما بعد الكارثة، ومتى ينتهي هذا التسابق الطفولي بين رؤساء البلاد وهم يحصون إنجازاتهم أمام التلفزيونات ويسجلون النقاط بعضهم على بعض.
في الأثناء، بدأت منظومة المجتمع المدني التونسي تفقد صبرها من مسؤوليها وتعوّل على نفسها، وتتحرك كما فعلت أيام الثورة الأولى عندما تسلمت مقاليد تسيير البلاد تلقائياً في غياب كل السلطات، ونجحت في توفير كل مستلزمات الحياة، حتى الأمن في الأحياء، ولكن حدوث ذلك اليوم لن يكون بلا حساب. فالتونسيون منتبهون لكل شيء، لهذه الأحزاب الفارغة ولهذه المؤسسات المعطّلة ولهؤلاء الرؤساء المتخالفين. والتونسيون منتبهون أيضاً لمَن هبّ لنجدتهم من الأصدقاء والأشقاء بدون أن ينتظر دعوة لذلك، وسارع بالعون بدون أن تصل إليه رسائل الشكر، وهم منتبهون أيضاً لمن اكتفى بإطلاق وعود الاستعداد بالدعم، ولمن لم يحرك ساكناً وكأن ما يحدث في تونس لا يعنيه مطلقاً. ويتذكّر التونسيون أنه في بداية الجائحة العام الماضي، أرسلت البلاد وفداً طبياً إلى إيطاليا، فيما كان العشرات من أطبائها، ولا يزالون، في المستشفيات الفرنسية. ولكننا لم نر أطباء إيطاليين ولا فرنسيين هبّوا لنجدتنا اليوم، ولا سارعت طائرات فرنسية وإيطالية وأوروبية تدعم التجربة الديمقراطية كما يقولون. وربما كانوا معذورين في ذلك ولا لوم عليهم وهم يشاهدون كيف يتناحر أبناء البلد فيما بينهم، ولكن تونس لن تنسى أبداً.

المساهمون