يؤكد رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، الطيب البيّاحي، أن "تونس تواجه خطر انهيار الدولة، على غرار لبنان وفنزويلا ونيكاراغوا والبيرو وهندوراس، وهي سابقة في تاريخ تونس الحديث". ويشدد، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أمس الأحد، على أنه "يجب تدارك الموقف من خلال سنّ دستور اقتصادي واجتماعي يتجاوز مفهوم العقد ولا يخضع للزمن السياسي".
من جهته، يذهب تقرير مجموعة الأزمات الدولية إلى التحذير أيضاً من مخاطر كبيرة على البلاد قد تأتي على الأخضر واليابس، إذا لم يتم التدارك بسرعة قصوى ويذهب الجميع إلى حوار وطني جامع.
ولكن الرئيس قيس سعيّد يبدو أنه لا يسمع، ولا نعرف ما إذا كان خبراؤه يبلغونه فعلاً وبالتفصيل حقيقة الأزمة وحجم الكارثة التي تذهب إليها البلاد بسرعة قياسية، لأنه يواصل طرح الشعارات والخيارات نفسها.
لا يكترث سعيّد لأحد ولا يتفاعل مع مبادرة، حتى أنه لم يقل شيئاً عن دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن حوار ممكن، بعد لقائه بأمينه العام نور الدين الطبوبي، عدا كلمات لا علاقة لها بالواقع. ويعرف الجميع أنه يلوذ بالاتحاد حتى لا يظهر في المشهد وحيداً معزولاً، ولكن ذلك لا ينطلي على أحد، ولن ينطلي خصوصاً على المنظمة النقابية.
لكن سعيّد ليس مسؤولاً وحده عن خطر الانهيار المقبل، فمعارضوه أيضاً مسؤولون. سار عدد كبير منهم في البداية وراءه طمعاً في غنيمة، وهم اليوم، حتى بعد الاستفاقة، لا يعون حجم الكارثة وحجم معاناة الناس. يواصلون الخيارات نفسها، يتمسك كل منهم بمربعه ولا يتنازل أحد منهم للآخر، ولا يقبلون التجمّع تحت عنوان واحد هو إنقاذ البلاد من السقوط أولاً، ويريد كل منهم أن يكون قائداً للمسيرة، تحركه الحسابات والأطماع نفسها.
لا يوحّدهم حتى خطر الانهيار الكامل والسقوط النهائي الذي سيرحل بالجميع ويدمر ما بقي من فرصة تاريخية لحماية هذه التجربة الديمقراطية الاستثنائية التي اجتمعت ضدها المعاول من الداخل والخارج.
لا نعرف لماذا يكرر السياسيون التونسيون الأخطاء نفسها منذ سنوات، فما يعيشونه اليوم هو ثمرة ما قدّمت أيديهم في كل المحطات الانتخابية والسياسية بسبب خلافاتهم وتفرقهم وعدم توافقهم حول مشروع موحد ينقذ البلاد، تحت مبدأ المنافسة الشريفة والتسابق النزيه وتحت سقف المشروع الديمقراطي.
يدمرون بلدهم بأيديهم ويخنقون حريتهم ويفرطون فيها، ولكنهم يتباكون عليها، ويتقاذفون التهم والمسؤولية، وينتظر كل منهم أن يضعف الآخر ويسقط أولاً، بينما تقترب الحفرة أكثر ويتأكد الانهيار أكثر، ولا أحد منهم ينظر تحت قدميه.