تونس: خلافات عميقة تفضّ اجتماع شورى "النهضة"

تونس: خلافات عميقة تفضّ اجتماع شورى "النهضة"

05 اغسطس 2021
الاجتماع شهد انسحاب عدد من الحاضرين (Getty)
+ الخط -

شهد الاجتماع الاستثنائي لمجلس شورى حركة النهضة، المنعقد ليلة أمس الأربعاء، خلافات عميقة داخله منذ بداية أعماله بدعوة زعيم النهضة راشد الغنوشي إلى "تحويل إجراءات 25 يوليو إلى فرصة للإصلاح وأن تكون مرحلة من مراحل المسار الديمقراطي"، ليحتد الجدال بين دعاة تصحيح المسار الداخلي، ومناصري الصمود والتصعيد، وينتهي فجراً بانسحابات عديدة من اجتماع المجلس قبل إعلان بيانه الختامي.

وطغى الشأن الداخلي للحركة على المسألة الوطنية، رغم تداخل الملفين وتلازمهما، بين دعاة تركيز الاهتمام على تحركات الحزب ما بعد 25 يوليو وتنظيم الصفوف لبحث سبل التصدي لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد وحشد الدعم في جبهة لمقاومتها واستعادة البرلمان، وبين من يعتبرون أن الشأن الداخلي وأزمة التسيير وأخطاء القيادة جزء من الأزمة وأحد مسببات الانفجار الاجتماعي والأزمة الاقتصادية والسياسية.

وبدا موقف الغنوشي في بداية الأعمال منسجماً مع المطالبين بالإصلاح وتصحيح المسار داخل الحزب وعلى مستوى القيادة، واعتبره مراقبون مسايرة للوضع وربما مناورة لإنقاذ الحركة داخلياً بحماية وحدتها وبفتح نافذة تفاهم مع الرئيس بدل الدخول في مواجهات جديدة وتصعيد الخلاف، غير أنّ رأياً آخر دفع إلى التمسك بموقف المكتب التنفيذي القائم على ضرورة مقارعة الانقلاب وحشد الجهود لمناهضته سلمياً.

 

وسارعت قيادات لدحض دعوات تصحيح المسار الداخلي لإعلان موقف لا يختلف عن موقف المكتب التنفيذي، فيما بدت منذ الساعات الأولى حالات الارتباك والتشتت من تدوينات عدد من القيادات البارزة.

وسارع عضوا الشورى، رفيق عبد السلام وأسامة بن سالم، إلى تكذيب ما جاء على لسان سامي الطريقي الذي نقل عن الغنوشي رواية الاستفادة من الفرصة للإصلاح، مؤكدين أنها لا تعبّر عن اجتماع الشورى، وهي قراءة شخصية.

واختار عدد من القيادات من المطالبين بمراجعات، الانسحاب دون استكمال الأعمال، بسبب تعنّت مواقف مجموعة الصمود وتمسكها بالرأي، إذ نشرت القيادية جميلة كسيكسي على حسابها في "فيسبوك"، قائلة: "أعلن انسحابي من دورة الشورى وأي قرار يصدر عن الدورة لا يلزمني. كل الخير لتونس كل الحب لشعبنا ويبقى الأمل". ولا يبتعد موقف القيادية يمينة الزغلامي عن ذلك، إذ قالت بدورها في تدوينة: "أعلن الآن انسحابي من الدورة الاستثنائية لدورة الشورى ولا أتحمل مسؤولية أي قرار يصدر منها نتيجة سياسة الهروب إلى الأمام وعدم الانتباه لخطورة اللحظة التي تمرّ بها الحركة والبلاد. لن أكون شاهدة زور ربي يحفظ تونس". وفي السياق نفسه، دونت القيادية منية إبراهيم على حسابها الشخصي في "فيسبوك"، قرار انسحابها وعدم تحملها مسؤولية القرار الذي سيصدر عن الشورى ورفض أن تكون "شاهدة زور".

أكثر من 20 قياديا من الشخصيات المعروفة على نفس الموقف وسيعلنون انسحابهم ورفضهم نتائج الدورة الاستثنائية لمجلس الشورى

وقالت كسيكسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن القرارات التي اتخذها مجلس الشورى "لا تلزمها"، مبينة أنهم "كانوا ينتظرون المبادرة بالاعتراف بالتقصير الذي حصل، وتحمّل المسؤولية"، مستدركة: "صحيح أنها مسؤولية مشتركة وتضم عديد الأطراف ولا تشمل النهضة فقط، لكن الشعب عندما غضب على النهضة لأنه كان يراها حزباً كبيراً.

وأوضحت أن "النهضة لم تكن مضطرة لكي تكون دائماً في الحكم، وكان بالإمكان أن تكون في المعارضة، ولكن كان التقدير دائماً تغليب مصلحة البلاد"، مشيرة إلى أنه "كان على القيادات التي ساهمت في صنع السياسات وقادت إلى هذا الوضع من باب المسؤولية الأخلاقية والسياسية أن تتراجع وتستقيل، وتعترف بالمسؤولية، ولكن هذا لم يحصل".

وبينت المتحدثة أن "الاعتراف بالخطأ موجود نسبياً، ولكنه لا يكفي،  فلا بد من أن ترافقه خطوة أخرى نحو البلاد والشعب، وهو ما أردنا أن يحصل بعد هذا الاجتماع"، مؤكدة أنهم أرادوا "خلال هذه الأزمة غير المسبوقة التي تعيشها البلاد أن تدار النهضة بمكتب تنفيذي جديد وتركيبة مصغرة، ومن طريق أشخاص في مستوى التحديات، ولكن هذا لم يحصل، وكان مخيباً للآمال".

ولفتت إلى أن "أكثر من 20 قيادياً من الشخصيات المعروفة على الموقف نفسه وسيعلنون انسحابهم ورفضهم نتائج الدورة الاستثنائية لمجلس الشورى".

ولم يصدر بعد أي موقف رسمي أو بيان عن الاجتماع، فيما يلزم كثيرون الصمت مع توقعات بخلافات كبيرة ستكون لها تداعيات على تماسك الحركة.

المساهمون