تونس: جلسة ثانية في قضية التآمر وتصعيد من المعارضة

03 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 14:39 (توقيت القدس)
من تظاهرة أمام المحكمة الابتدائية في تونس، 4 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأجيل الجلسة القضائية الثانية في قضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس إلى 14 إبريل، وسط توتر من المعارضة بسبب عقد الجلسات دون حضور المتهمين واستجوابهم عن بُعد.
- إضراب جوهر بن مبارك عن الطعام احتجاجًا على المحاكمة عن بُعد، ودعم هيئة الدفاع له، مع دعوة المحاميين المعتقلين للحضور بكثافة في الجلسات القادمة.
- تصاعد التوتر السياسي في تونس بسبب المحاكمات السياسية، مع اتهامات بتسخير القضاء لتصفية الخصوم، ومطالبة المعارضة بمحاكمة علنية تُنقل للرأي العام.

تجري في تونس، يوم 14 إبريل/نيسان الجاري وقائع الجلسة القضائية الثانية في ما يعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة"، بعدما كانت مبرمجة في الرابع من هذا الشهر. وكانت الجلسة الأولى انعقدت بداية شهر رمضان وشهدت توترا كبيرا وغضبا في صفوف المعارضة بسبب قرار المحكمة عقد الجلسات دون حضور المتهمين في قاعة المحكمة واستجوابهم من مقر إيقافهم بالسجون، وهو ما رفضه المعتقلون وهيئة الدفاع.

ويُلاحق في القضية حوالي 40 متهما من قادة الرأي والناشطين والمعارضين التونسيين، تتهمهم السلطات بالتآمر على أمن الدولة. ويُنتظر أن تكون الجلسة الثانية بنفس الوتيرة، حيث يتجدد رفض هيئة الدفاع عن المعتقلين النهج نفسه الذي تتمسك به سلطات القضاء في تونس. وبدأ تصعيد المعارضة يتخذ أشكالا مختلفة للضغط في اتجاه توفير محاكمة عادلة تنكشف فيها كل الحقيقة أمام الرأي العام، كما يتكرر في تصريحات ممثلي هيئة الدفاع في كل مرة.

وأمس الأربعاء، أعلن عضو جبهة الخلاص الوطني المعتقل السّياسي جوهر بن مبارك عن دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام. وكشفت هيئة الدّفاع عن القادة السّياسيّين المعتقلين في "قضية التآمر" أن "بن مبارك بدأ إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ صبيحة يوم الأحد 30 مارس/آذار 2025، احتجاجًا على إصرار السلطة على عقد المحاكمة عن بُعد وتغييب الموقوفين عن قضيتهم وحرمانهم من دفع التهم الباطلة عنهم دون موجب واقعي ولا تبرير قانوني".

وفي بيان لها مساء أمس الأربعاء، قالت الهيئة إن بن مبارك "يرفض المغالطة التي تمت في جلسة يوم 4 مارس 2025، حيث نُسِب له كذبًا رفض حضور المحاكمة، بينما الواقع معاكس لذلك تمامًا، إذ تمسّك بالحضور والدفاع عن نفسه وفضح زيف الاتهامات الموجهة له على أن يكون ذلك في قاعة الجلسة بالمحكمة لا في جلسة صورية بقاعة في سجن إيقافه". وجددت الهيئة "رفضها المطلق للمحاكمة عن بُعد"، معربة عن "مساندتها التامة للمعتقل السياسي جوهر بن مبارك في نضاله من أجل حقه الدستوري في المحاكمة العادلة".

ومن سجنهما، نشر المحاميان المعتقلان رضا بلحاج وغازي الشواشي رسالة مفتوحة إلى الرأي العام، أمس الأربعاء، اعتبرا فيها أن الجلسة الأولى، في 4 مارس الماضي، "شكلت نقطة فارقة في فضح مهزلة ما يسمى في قضية التآمر"، وتوجها بالشكر إلى "الزملاء الذين حضروا بكثافة وحماس لفضح هذه المحاكمة الافتراضية، التي جرى فيها تغييبنا من قبل هيئة غير شرعية لإصدار أحكام جاهزة خارج أسوار المحكمة". ودعا المعتقلان مجددًا "للحضور بأعداد أكبر في جلسة 11 إبريل"، وقالا "إن هذه المحاكمة، وسائر المحاكمات التي استهدفت المحاميات والمحامين، والصحافيات والصحافيين، والناشطات والناشطين في المجتمع المدني والسياسي، وما سيصدر عنها من أحكام، ستنتهي بزوال الانقلاب. أما ما سيبقى ويخلده التاريخ، فهو موقف المحاماة وصمودها في الدفاع عن استقلالية القضاء، وعن الحقوق والحريات، ومقاومة الاستبداد، تمامًا كما بقي موقفها ومساهمتها في ثورة 14 يناير 2011 منارةً تنير للأجيال القادمة من المحامين درب النضال والحرية".

الصورة
ملف التآمر| من تظاهرة أمام المحكمة الابتدائية في تونس، 4 مارس 2025 (Getty)
من تظاهرة أمام المحكمة الابتدائية في تونس تضامناً مع المعتقلين السياسيين، 4 مارس 2025 (Getty)

وقال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير، لـ"العربي الجديد"، إن "الجولة الثانية من المحاكمات السياسية لن تختلف كثيرا عن المناخ والوضع العام الذي ميز الجلسة الأولى، حيث تتواصل المحاكمات ودعوات التحقيق لعدد من النشطاء وفق المرسوم 54"، مبينا أن "صدور القرار القضائي لوزارة العدل بعقد الجلسة القادمة عن بعد يعزز فكرة أن القضاء يجرى تسخيره مجددا لتصفية الخصوم السياسيين ووضعه في إطار تنفيذ قرارات السلطة التنفيذية، وهذا سيزيد في تعكير الوضع العام، خاصة أن حالة التململ والقلق أصبحت تتجاوز النخب السياسية إلى جزء واسع من الرأي العام في قضايا مختلفة".

وأضاف الصغير أن "المغالطات التي عاش على وقعها الشارع التونسي في الفترة الأخيرة من طرف السلطة بدأت تنكشف أمام الجميع، وهو ما جعلها تحاول إخفاء الحقيقة". وأكد المتحدث أن "المعارضة في اتجاه مقاطعة جلسات المحاكمة عن بعد، خاصة بعد إضراب الجوع الذي بدأ يخوضه عضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك، وأيضا المحامية سنية الدهماني، وزيف الخطابات الرسمية التي قيلت عن التآمر".

وأوضح المتحدث أنه "في المقابل، هناك عدم استقرار في الحكومات المتعاقبة، وتعديلات متلاحقة، أي بمعدل تغيير رئيس حكومة ووزراء كل ستة أشهر، والآن أصبح جزء مهم من الشعب التونسي يضع كل ما حصل سابقا في موضع تفكير وتساؤل". ولفت إلى أن "كل هذا يزيد من حالة الاحتقان السياسي عندما تصر منظومة الحكم على الهروب إلى الأمام ومواصلة التشفي والتنكيل واعتماد القضاء وسيلةً لتصفية الخصوم السياسيين".

وبين أن "منع التداول الإعلامي في القضية طيلة السنتين الماضيتين والآن المحاكمة عن بعد وعدم مواجهة القادة السياسيين مباشرة، تؤكد حالة الارتباك التي تعيشها منظومة الحكم بسبب هذا الملف وما تضمّنه من تفاصيل من قبيل المضحكات والتلفيق، وهو ما يرتقي إلى حبك السيناريوهات بشكل مفضوح يثير السخرية، مثل ذكر أحد المتهمين ممن توفاه الأجل منذ سنوات ضمن من عقدوا لقاءات مع المتآمرين. كل هذه المهازل أربكت منظومة الحكم وجعلتها تصر على عدم كشف الحقيقة للشعب التونسي".

وأضاف: "في المقابل، فإن أعضاء هيئة الدفاع وعائلات المعتقلين طالبوا في أكثر من مناسبة وفي كل المنابر والتدخلات بمحاكمة علنية تنقل مباشرة أي تلفزيا إلى الرأي العام، إلا أن كل ذلك قوبل من قبل القضاء، ومن خلفه السلطة التنفيذية، بالرفض وبعقد المحاكمة عن بعد، ولكن رفض المتهمون المؤمنون بعدالة قضيتهم الحضور في الجلسة الأولى باعتبارها غيابيا وجرت عن بعد، وهم يتمسكون عبر هيئة الدفاع بالحضور في المحكمة ومكاشفة الرأي العام والترافع عن أنفسهم".