تونس: جدل حول تدخل القضاء العسكري في السياسة

تونس: جدل حول تدخل القضاء العسكري في السياسة

06 مايو 2021
انتقد برلمانيون "تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية" (الأناضول)
+ الخط -

 

تحولت جلسة الاستماع لوزير الدفاع التونسي في لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان، إلى جدال حول ما وصفه برلمانيون "بتدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية"، وذلك إثر ملاحقة النائب راشد الخياري من المحكمة العسكرية بسبب اتهاماته للرئيس قيس سعيد بتلقي تمويلات أثناء حملته الانتخابية.

وقال النائب والقيادي بحزب النهضة عامر العريض "نعتز بالمؤسسة العسكرية التونسية ولا خلاف في العالم بأن الجيش التونسي أيقونة الثورة، لا بقوة التسليح، فنحن نعلم إمكانيات الجيش المحدودة، ولكن لأنه أثبت مراراً بأنه جيش جمهوري ولاؤه لله أولاً ثم للجمهورية وللوطن، وهذا مصدر قوته وليس للأشخاص، ومتى فقد الجيش هذه الميزة لا قدر الله سيصبح مثله مثل أي جيش عربي".

وتابع أعتقد "أن تثبيت هذه الثقافة مهم للجيش وللبلاد والتجربة الديمقراطية، وأظن أن الجيش التونسي ينظر باحتقار وسخرية وازدراء للدعوات التافهة التي تدعو الجيش للتدخل في الحياة السياسية الحزبية، لأنه من يدعو إلى ذلك يريد أن يقضي على الجيش وأن يجرده من صفة الحياد".

من جانبها، قالت النائبة عن حركة الشعب ليلى الحداد إن المؤسسة العسكرية التونسية "تؤمن بمدنية الدولة ولم تتدخل في الخلافات وهي بعيدة عن المناكفات السياسية منذ الثورة، وتدخلت لحماية السلم ثم عادت لثكناتها وجيشنا جيش جمهوري".

أما النائب عن "النهضة"، أمنة بن حميد، فتساءلت عن تعاطي وزارة الدفاع واستراتيجيتها مع المغالطات والأخبار المثارة حول تدخل الجيش، داعية إلى توضيح مسألة ملاحقة النائب من القضاء العسكري، ومدى ملاءمة ذلك مع الدستور، بالإضافة إلى الوثائق المسربة على مواقع التواصل الاجتماعي بغاية السرية كوثيقة بطاقة الجلب في حق النائب راشد الخياري.

القضاء العسكري مستقل دستورياً

وقال وزير الدفاع، ابراهيم البرتاجي في رده على استفسارات النواب حول قضية النائب الخياري، أنه لا، ولا يجوز دستورياً ولا أخلاقياً ولا قانونياً للسلطة التنفيذية التدخل في سير القضاء، ولا إبداء الرأي، مشدداً على أنه "في الغالب ليس لدي معلومات عن القضية، ولا نسعى للحصول عليها، فالقضاء العسكري قبل أن يكون عسكرياً هو قضاء من الأقضية مستقل دستورياً ولا تنزع عنه صفته العسكرية الاستقلالية، وبالتالي لا رأي لي ولا تقييم في قضية منشورة ولا يحق لي حتى كأستاذ أن أعلق".

وشدد البرتاجي على أن وزارة الدفاع جزء من السلطة التنفيذية، وبالتالي لا يحق لها التدخل في القضاء، مشيراً إلى أن الأمر الوحيد الذي يمكن تأكيده بأن وثيقة الجلب المسربة لم تصدر عن وزارة الدفاع، ولم تسرب منها بصفة صارمة، مشيراً إلى أنها مرت بشكل مادي رسمي في مسار يتعلق بالتحقيق.

الأمر الوحيد الذي يمكن تأكيده بأن وثيقة الجلب المسربة لم تصدر عن وزارة الدفاع

وأكد الوزير أنه لم يحدث سابقاً ولن يحدث أن سربت وثيقة من وزارة الدفاع، مشيراً إلى أن مراسلة رئيس البرلمان بدورها سربت ونشرت على الفيسبوك قبل أن تبلغ إلى الوزارة معلقاً بأن هذا الأمر مؤسف.

وبين أنه "لا يجب المبالغة والتهويل، فلا يمكن الحد من هذا التيار الذي يسرب الوثائق وينشرها إلا بالوعي والتحسيس"، مشيراً إلى أن محاسبة من سربها يعود للمؤسسة التي يتبعها ويخضع لها.

وأضاف البرتاجي في مداخلته أمام اللجنة أن الجلسة تتنزل في إطار مكتوب رئيس البرلمان حول الإصلاحات التشريعية في مجال الدفاع الوطني وسبل دعم قدرات المؤسسة العسكرية، وأهم النصوص القانونية التي تنظر فيها وزارة الدفاع لملاءمتها مع دستور 2014 وكذلك في إطار الاستشراف ومواكبة التحديات في مجال الدفاع، مبيناً أن تاريخ إصدار المنظومة القانونية العامة للعسكريين تعود إلى 30 سنة وذلك منذ العام 1962 عبر نصوص وقوانين وأوامر لم تعد تستجيب اليوم وتستوعب متطلبات المرحلة وارتفاع عدد القوات المسلحة والتهديدات الكبيرة واتساع مجالات تدخل القوات العسكرية.

وفي السياق، نظر مكتب البرلمان اليوم في طلب النائب راشد الخياري التمسك بحصانته البرلمانية مع تقرير مفصل عن القضية الملاحق فيها من القضاء العسكري.

وكان قاضي التحقيق الأول لدى المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس، أصدر منذ أسابيع بطاقة جلب ضد الخياري بتهمة القيام بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم وانتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس بكرامتهم وتعمد المشاركة في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الجيش أو الأمة بقصد الإضرار بالدفاع الوطني والتآمر على أمن الدولة الداخلي المقصود به تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح وربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية الغرض منها الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية العسكرية.

ورافق هذه القضية رفض من قبل أحزاب ومنظمات لملاحقة مدنيين من قبل القضاء العسكري بسبب تعارضه مع الدستور التونسي الجديد.