استمع إلى الملخص
- عبر المعتقلون وعائلاتهم عن قلقهم من التهم الثقيلة التي تصل إلى الإعدام، معتبرين القضية مؤامرة على المعارضة، ومطالبين برفع يد الدولة عن القضاء لتحقيق العدالة.
- أصر المعتقلون وأسرهم على الدفاع عن الحرية والديمقراطية، معتبرين المحاكمة انقلاباً على حقوقهم الدستورية، ومطالبين بمحاكمة علنية لفضح المؤامرة ضدهم.
أعلن المعتقلون التونسيون المتهمون في قضية التآمر على الدولة، عن رفضهم للمحاكمة السرية المقررة الشهر المقبل. وأكدت تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين، في ندوة صحافية، اليوم الخميس، أن "المعتقلين متمسكون بمحاكمة علنية حتى يكتشف التونسيون زيف الاتهامات التي وجهت إليهم وتتبين الحقيقة أمام الجميع".
وتنطلق أولى جلسات المحاكمة يوم 4 مارس/آذار المقبل، وتشمل نحو 40 معارضاً من بينهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي. ووصف الأمين العام بالنيابة في الحزب الجمهوري، عبد اللطيف الهرماسي، في كلمة خلال الندوة المحاكمات المقررة بأنها "أسوأ وأخطر محاكمة في تاريخ تونس"، مشيرًا إلى أنها تفتقد إلى الحد الأدنى من المقومات الحقوقية، عدا عن أنها "تشكل ارتدادا عما حققته الثورة".
وأضاف أن "اجتماع القادة السياسيين، الذي وصف بأنه مؤامرة، كان للتعبير عن الانشغال الكبير لما آل اليه وضع البلاد وللمطالبة بحوار وطني للخروج من الأزمة"، مؤكدا أن "هذه المحاكمة هي أخطر محاكمة خاصة وأن التهم الموجهة لنحو 40 قياديا ثقيلة جدا، وتصل إلى عقوبة الإعدام.. هذه المحاكمة هي مؤامرة على المعارضة التونسية وعلى أمن تونس". وبحسب الهرماسي فإن "هذه القضية تعتبر من أغرب المحاكمات في تاريخ تونس، لأنها بنيت على مجرد وشاية، وتم نسج الأحداث على أساسها"، وأضاف: "على النظام أن يجيبنا أين حاكم التحقيق؟ ثم لماذا تمت إضافة أسماء في آخر لحظة للملف دون وجود أي رابط؟"، مطالبًا بمحاكمة علنية، ورفع الدولة يدها عن المؤسسة القضائية لتحقيق العدل، بحسب قوله.
من جانبه، قال الناشط السياسي عز الدين الحزقي، (والد المعتقل جوهر بن مبارك) في كلمة بالمؤتمر، إن "جوهر ليس متآمرا، وقد دافع عن كل القضايا العادلة، ومن المفارقات أنه عاجز اليوم عن الدفاع عن نفسه". وأوضح أن رسالة ابنه جوهر من داخل سجنه عنوانها "لم ولن نصمت"، مضيفا أن جوهر قال: "رغم الملاحقات والإيقافات لا يزال هناك مدافعون شرسون عن الحقوق والحريات، وإنهم بصدد دفع الثمن باهظا، لكنهم متمسكون بدولة القانون والحريات، ورغم مرور سنتين من الاحتجاز القسري والحرمان من الحرية والتدريس في الجامعة، فإنه يحرم اليوم من الحضور في جلسة 4 آذار ولقاء القاضي للدفاع عن نفسه، بعد أن تولت سلطة الأمر الواقع وضع اليد على مؤسسات الدولة، وتدجين القضاء وحل المجلس الأعلى للقضاء"، مشيرا إلى أنهم "يريدون محاكمة علنية لا سرية".
أما عبد العزيز الشابي، نجل الأمين العام للحزب الجمهوري المعتقل، عصام الشابي، فقد تولى تلاوة رسالة والده السجين والتي جاء فيها أن "الزنزانة التي يقبع فيها قد تكون نجحت في حجب الشمس عنهم ولكنها فشلت في حجب ضوء الحرية، وأنه رغم الجدران العالية التي تحيط بهم فإنه مؤمن بالحرية وعدالة قضيتهم؛ ولذلك فإنه لم يشعر يوما بالعزلة، والحلم بوطن حر وديمقراطي يؤمن بكافة أبنائه مستمر".
وقال عبد العزيز الشابي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "والده أراد من خلال الرسالة التأكيد على أنه ثابت على مبادئه، وأن الأوضاع في تونس رغم اعتقالهم لم تتغير، وبالتالي فما حصل كان مجرد مسرحية للتغطية على فشل الدولة"، مضيفا أن والده متمسك بمحاكمة علنية ويعتبر أن المحاكمة السرية دليل براءة إضافي.
بدورها، أبدت الناشطة السياسية منية براهم، زوجة المعتقل عبد الحميد الجلاصي، استغرابها من المحاكمة قائلة: "إننا اليوم أمام قضية غريبة، فقد بدأت غريبة وستنتهي بغرابة أكبر". وأكدت المتحدثة أنهم في تنسيقية عائلات المعتقلين وهيئة الدفاع مقتنعون ببراءة القادة السياسيين ويطالبون بجلسة علنية. وقالت في كلمة لها في المؤتمر، إن "عبد الحميد الجلاصي قضى 19 عاما في السجن أي نحو 7070 يوما سجينا سياسيا تقريبا خلال جل الأنظمة الاستبدادية التي مرت على البلاد، واليوم هناك مخاوف جدية من عودة المرض الذي أصابه سابقا في سجن بن علي".
وبينت أن "رسالة عبد الحميد الجلاصي، تنص على ضرورة الحفاظ على نفس البوصلة، والنضال"، كما أكدت رسالته ضرورة أن تكون جلسة 4 آذار حضورية وعلنية "حتى يعي التونسيون حجم المؤامرة التي حاكها النظام ضد مواطنين مارسوا حقهم الدستوري في المشاركة في الحياة السياسية".
وقالت براهم في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "السجناء السياسيين يواصلون دفاعهم عن قيم الحرية والديمقراطية حتى وهم داخل السجن"، موضحة أن "موقفهم من النظام ثابت فهم يعتبرون أنه انقلاب". وأضافت براهم أن "الجرم الوحيد للمعتقلين في هذا الملف أنهم آمنوا بحقهم في النضال السلمي ودعوا إلى توحيد المعارضة بطريقة علنية لمواجهة الاستبداد".
وجاء في رسالة الناشط السياسي المعتقل خيام التركي، أن "الزج به في السجن كان بقرار سياسي، ومغادرته منه ستكون بقرار سياسي أيضا"، مضيفاً أن "بناء الديمقراطية ليس أمرا هينا، ومثله مثل عشرات السياسيين فإنهم يحلمون بالديمقراطية، هم يقتسمون هذه التجربة المرة"، مشيراً إلى أن ملف القضية سياسي وأن "السياسة تحولت إلى جريمة إرهابية في تونس".
وأكدت عضو جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "رسائل المعتقلين تكشف عن ثباتهم وصمودهم على نفس الموقف، وهم متمسكون بأن الملف فارغ، وأنه رغم تشكيك البعض في البداية فقد تبينت الحقيقة بعد عامين من السجن". وأكدت عيسى أن" المعتقلين متمسكون بجلسة علنية ويريدون الوقوف أمام قاض وليس أمام شاشة عن بعد".