تشهد المحاكم التونسية بداية من اليوم الاثنين، إضراباً عاماً قرره المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين، أول من أمس السبت، وتعليق العمل في جميع المحاكم العدلية والإدارية والمالية لمدة أسبوع كامل قابل للتجديد، بالتزامن مع اعتصام مفتوح للقضاة في كل مقرات هياكل القضاة.
اجتماع القضاة التونسيين المذكور، شهد مشاركة أكثر من ألف قاضٍ، بحضور الهياكل الممثلة للقضاة كافة، وعلى الرغم من بعض الخلافات بينها، إلا أن الخطوة التي اتخذوها كانت تعكس وعياً بخطورة القرار الذي اتخذه الرئيس قيس سعيّد بعزل 57 قاضياً. والأخطر أنه منح نفسه هذا الحق من دون رقيب ولا حسيب ومن دون منح القضاة المعزولين حق التظلم.
وغير بعيد عنهم، كانت خمسة أحزاب، هي التكتل، والجمهوري، والتيار الديمقراطي، والعمال، والقطب، تتظاهر أمام هيئة الانتخابات المعينة من الرئيس بعد حل المنتخبة، وتواجه قوات الأمن التي عاملتهم بخشونة واضحة.
وفي المساء، كانت جبهة الخلاص المعارضة تجتمع في توزر جنوباً، وتواجه أيضاً محاولة تعطيل اجتماعها من أنصار سعيّد، وسط غياب لافت للأمن أيضاً، وحصلت مناوشات مباشرة كان يمكن أن تتطور إلى أبعد من ذلك، بما يحمله ذلك من مؤشرات خطيرة.
وأمس الأحد، واصلت الجبهة جولتها في الجنوب التونسي، واتجهت إلى قفصة، فيما كانت جمعيات ومنظمات تلتقي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، وتبحث هذه التطورات الخطيرة والتعديات الواضحة على القضاء والحريات.
وأكد رئيس جبهة الخلاص، أحمد نجيب الشّابي، أن كل المعارضة على اختلافها، ستجتمع تحت سقف الدفاع عن الديمقراطية، لأن هذا ما يجمعها.
ويتضح أن هناك تصميماً لدى المعارضة لسعيّد، الذي كان يظن أنه في طريق مفتوح ليفعل ما يريد، ولكن يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً في اللهجة وفي الخطوات العملية لمقاومة هذا الإمعان في هدم كل مكاسب الديمقراطية التونسية، لأن أغلب المنظمات والأحزاب والشخصيات التي كانت مترددة، بدأت تقتنع، ولو متأخرة، بألّا خير يرجى من هذا الانقلاب، وأن البلاد تضيع من بين أيديهم.
في الجهة المقابلة، فوجئ المشاركون في الجلسة الافتتاحية للحوار، بطلب رئيس الهيئة الاستشارية الوطنية للجمهورية الجديدة، الصادق بلعيد، منهم أن يقدّموا تصوّراتهم السياسية التي يرون أنها يمكن أن تحقّق التنمية والتقدّم لتونس خلال الأربعين سنة المقبلة، في ورقة واحدة، وفي غضون 72 ساعة، وأن يقدّموا في ورقة ثانية الترجمة القانونية لهذه الأفكار لإدراجها في الدستور. لا يستحق الأمر تعليقاً على ما آل إليه الوضع في هذه البلاد، ولكنها تقاوم وتصمّم، وستكسب معركتها بالتأكيد.