تونس: اقتحام مقر اتحاد العلماء المسلمين يثير مخاوف من تنامي العنف

تونس: اقتحام مقر اتحاد العلماء المسلمين يثير مخاوف من تنامي العنف

10 مارس 2021
نجحت الشرطة في فض الاشتباك بين الحزب والمدافعين عن الاتحاد (فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال حادثة اقتحام مقر اتحاد العلماء المسلمين في تونس، أمس الثلاثاء، من أنصار الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي تثير الجدل، وسط تحذيرات من تطور الخلاف وتحوله إلى عنف مباشر بين أنصار الحزب والمدافعين عن الاتحاد، الذي يعمل بشكل قانوني في تونس منذ سنوات.
وشهد، ليل أمس الثلاثاء، مناوشات بين الشرطة التي تدخلت لإنهاء الخلاف بين الاتحاد والحزب وتجنب حصول أعمال عنف بينهما.
وتدخلت الوحدات الأمنية، لفض اعتصام أنصار الحزب الدستوري الحر وإبعادهم عن مقر اتحاد العلماء المسلمين. 
ونبهت الوحدات الأمنية في مرحلة أولى، إلى أنها ستطبق قرار حظر التجول، بتعليمات من النيابة العمومية، على جميع المواطنين الموجودين في الشارع والمعتصمين، ثم اضطرت لاستعمال الغاز المسيل للدموع، وأقفلت مدخل شارع خير الدين باشا من الجهتين، واستمرت حالة الكر والفر إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس.
وتمكنت الشرطة من إبعاد أنصار الدستوري عن مدخل مقر الاتحاد، إلا أنهم تحولوا إلى الجهة المقابلة من الشارع. وكان القضاء رفض دعوى بحل الاتحاد كانت تقدمت بها موسي منذ أشهر.
إلى ذلك، أكدت وزارة الداخلية في بيان، اليوم الأربعاء، أنها "تقف على المسافة ذاتها من جميع الأطراف وتؤكّد التزامها المطلق بتطبيق القانون وبالمحافظة على سلامة الأشخاص والممتلكات العامّة والخاصّة".
وأوضحت الداخلية أنه على أثر ما تم تداوله بخصوص تدخل الوحدات الأمنية لفض اعتصام لأحد الأطراف السياسية (تقصد الدستوري الحر) مساء يوم الثلاثاء، وإثر تسجيل حضور مجموعة من الأشخاص من حساسيّات سياسيّة أخرى (ائتلاف الكرامة) إلى محيط خيمة أُعدّت لتنفيذ الاعتصام المذكور، تمّت معاينة تبادل للعنف الجسدي واللفظي بين المجموعتين ليتمّ بصفة فوريّة التنسيق مع النيابة العموميّة وإعلامها بتفاصيل الوضعيّة الميدانيّة.

وبحسب الداخلية، فإنه تمّ "التدخّل في إطار احترام القانون للفصل بين المجموعتين مع المحافظة على سلامة الأشخاص وتفادياً لتطوّر الوضعيّة وما قد ينجم عنها من أضرار بدنيّة وفي احترام تام لسلامة الإجراءات والتطبيق التامّ للقانون".
وفي تعليقه على فض الاعتصام الذي ينفذه الحزب الدستوري الحر أمام مقر اتحاد علماء المسلمين، فرع تونس، بالقوة العامة، قال رئيس الحكومة، هشام المشيشي، إن الأمر "يتعلّق بمسألة قضائية، وإن النيابة العمومية هي الطرف الوحيد الذي يعطي توجيهاته في هذا الشأن".
وأضاف في تصريح لإذاعة "جوهرة أف أم"، اليوم الأربعاء، على هامش إشرافه على عملية بيضاء لتلقي لقاح كورونا، أن الحكومة لا تتحرّك إلّا في إطار القانون.
وشهدت ليلة أمس التحاق عدد من أنصار "ائتلاف الكرامة" بالمكان، يتقدمهم رئيس الكتلة سيف الدين مخلوف، وتداولت صفحات التواصل الاجتماعي صورة لسيف الدين مخلوف معبراً عن نصره، بعد فض اعتصام عبير موسي، أمام فرع اتحاد علماء المسلمين.
وقال مخلوف: "أنا في موقع الجريمة، حيث يوجد التجمهر غير القانوني من عصابة عبير موسي وخرق حظر التجوّل وإثارة الهرج والتشويش، إضافة إلى احتجاز عدد من الأشخاص دون أكل أو شراب واقتحام مقرّ آمن وكل هذا والدولة تتفرج"، وفق تعبيره.

واعتبر في تدوينة على صفحته في "فيسبوك" أن "استقالة الحكومة عن تطبيق القانون على المارقين وعن ممارسة دورها في حماية الآمنين، هي استدعاء صريح للشعب كي يفرض النظام بنفسه ويحمي الآمنين ويقتص من عصابات المرتزقة والبلطجية والمعتدين، والثورة ستفرض دولة القانون".


وأمام هذه التطورات، حذرت جهات عديدة من ارتفاع منسوب العنف بين الطرفين وتحول هذه الحادثة إلى مكان تنطلق منه أحداث عنيفة، وسط تنديد بإقدام عناصر الدستوري على اقتحام مقر قانوني لجمعية قانونية تنشط منذ سنوات. 
وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تدوينة نشرها، اليوم الأربعاء، على صفحته على "فيسبوك": "مع تواصل الأزمة وغياب الانسجام بين مؤسسات الدولة، بدأنا نشاهد ما حذّرنا منه مراراً وتكراراً: الفوضى. والعنف يطل برأسه والفتيل إذا ما اشتعل فلن يقدر أحد على إطفائه".
واعتبر الشابي أن ما أقدمت عليه ما وصفها بـ"العصابة الفاشية" من اقتحام مقر فرع تونس لاتحاد علماء المسلمين بالقوة، هو "عربدة مدانة بكل المقاييس ولا يمكن تبريرها أو السكوت عنها".


وبيّن الشابي أن قدوم نواب من ائتلاف الكرامة وبعض أنصاره إلى عين المكان بدعوى حمايته أو تعويض أجهزة الدولة في القيام بمهامها هو "بمثابة سكب الزيت على النار والبحث عن مبررات لإذكاء نار الفتنة". وأكد أن "الدولة وحدها مسؤولة عن تطبيق القانون وحماية الأشخاص والممتلكات".
وختم الشابي بالقول: "دولتنا مفككة والقائمون عليها يخوضون حرب نفوذ أنهكت مؤسساتها، أمّا نحن فلم يبقَ أمامنا إلا الدفاع عن مدنيّة الدولة وديمقراطيتها وعن علوية القانون بكل ما أوتينا من قوة وإلا فالخراب آتٍ ولن ينفع الندم ساعتها".
وعلّق الرئيس السابق، منصف المرزوقي، على هذه التطورات الأخيرة، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد ديمقراطي ليس فيه قانون يمنع وجود أحزاب متطرفة معادية للديمقراطية، وآخر مثال فرنسا التي قررت حل حزب اسمه أجيال الهوية".
وأوضح المرزوقي في تدوينة على صفحته في "فيسبوك"، أن "ما يسمى بالحزب الحر الدستوري هو حزب معادٍ للديمقراطية عبر سعيه المتواصل لشل عمل البرلمان وعبر خطاب الحقد والكراهية والاستئصال الذي يبثه وعبر تمرده على القانون كما حدث أخيراً، لذلك يجب حظر هذا الحزب لأنه اليوم أكبر خطر على تونس".


وذكر المرزوقي بـ"الثمن الباهظ الذي دفعته الشعوب؛ الألماني والإيطالي والإسباني، في بداية القرن الماضي عندما لم تنتبه للأفعى التي كانت تتمطى في فراشها"، داعياً إلى ضرورة الانتباه إلى "خطورة هذا الحزب الفاشي".

المساهمون