تونس: اتحاد الشغل يعد لطرح مشروع وطني على السلطة والفاعلين السياسيين

تونس: اتحاد الشغل يعد لطرح مشروع وطني على السلطة والفاعلين السياسيين

19 يناير 2023
أمين عام الاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي (Getty)
+ الخط -

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل أنه يجري "حواراً جدّياً مع شركاء تاريخيين له من المجتمع المدني لصياغة مشروع وطني للخروج من الأزمة الراهنة بمختلف أبعادها، يتمّ عرضه على السلطة وعلى كلّ الفاعلين السياسيين والاجتماعيين".

وذكر الاتحاد، في بيان بمناسبة الذكرى 77 لتأسيسه، اليوم الخميس، أن مشروعه يأتي "لإنقاذ البلاد وفتح طريق جديد يعيدها إلى سكّة البناء الديمقراطي والمؤسّساتي، ويضعها من جديد على طريق التنمية والعمل والبناء، بعيداً عن كلّ مظاهر الاستبداد أو العودة إلى الحالة التي كانت عليها قبل 25 يوليو 2021".

وأكد الاتحاد أن يوم 20 يناير/كانون الثاني 1946 "كان نقطة تحوّل مفصليّة في موازين القوى بين الشعب التونسي والاستعمار والمتحالفين معه"، وذكّر بأن الاتحاد "نزّل النضال من أجل الديمقراطية والتعدّدية السياسية وحرية التعبير ضمن أولويّاته منذ السنوات الأولى للاستقلال على طريق بناء دولة القانون والمؤسّسات وترسيخ مجتمع الحرية والتضامن والعدالة الاجتماعية".

وأشار البيان إلى "الرسالة المرجعية التي وجّهها الزعيم أحمد التليلي، الأمين العام الأسبق للاتحاد، للرئيس الحبيب بورقيبة سنة 1966، والتي لخّص فيها مجمل مواقف المنظّمة في رفضها لقمع الحريات وتعامل السلطة مع المعارضة وسعيها للهيمنة على المجتمع ومنظّماته المدنية وتدجينها".

وأكد البيان أنه "تواصلاً مع هذا التراث النضالي الزاخر وقف النقابيون في الصفوف الأمامية خلال ثورة 17 ديسمبر 2010 التي أطاحت بسلطة الاستبداد، وكان للإضرابات والتجمّعات الشعبية التي نظّمها الاتحاد في تلك الفترة الكلمة الفصل في حسم المعركة ضدّ النظام القائم لفائدة شعبنا والدخول إثر ذلك في معركة البناء الديمقراطي وتحقيق المطالب الاجتماعية التي رفعها الشعب خلال الثورة".

وأورد بيان الاتحاد أنه "أمام فشل الحكومات المتعاقبة بعد 2011 على النهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق الانتظارات المشروعة لشباب تونس وللفئات الاجتماعية والجهات المهمّشة، وإزاء ما ساد العلاقات بين مختلف الأحزاب السياسية من صراعات وتناحر أدّى إلى إهمال مصالح الشعب وتحوّل المؤسّسة البرلمانية، إثر انتخابات 2019 بالخصوص، إلى ساحة مواجهات زادت من حدّت الانقسامات داخل المجتمع وأساءت لصورة الديمقراطية الناشئة ببلادنا، كان أملنا أن تؤدّي قرارات 25 يوليو 2021 التي اتّخذها الرئيس قيس سعيد اعتماداً على الفصل 80 من دستور 2014 إلى وقف النزيف ووضع حدّ لحالة التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد وإعادة البلاد إلى طريق الاستقرار والتنمية ومقاومة الفساد ضمن الخيار الديمقراطي والنهج التشاركي واعتماد أسلوب التشاور والحوار وتجميع كلّ القوى الوطنية والتقدمية دون تهميش أو إقصاء".

واستدرك البيان: "إلاّ أنّ الدستور الأحادي الذي وضعه الرئيس وعرضه على الاستفتاء يوم 25 يوليو 2022، والقانون الانتخابي الجديد، واللذين وضعا دون تشاور فعلي، وفي غياب حوار جدّي ونزيه، إضافة إلى تتالي المراسيم المقيّدة للحريات والمفاوضات المعلنة وغير المعلنة مع صندوق النقد الدولي، والخضوع لشروط هذا الأخير المسيئة لمبادئ السيادة الوطنية، جعلتنا نفقد الثقة في إمكانية حصول تغيير حقيقي بالبلاد يخرجها من أزمتها الراهنة وينقذها من براثن الفساد والتبعية والإفلاس ويعيد الأمل لشعبها وشبابها في الخروج من نفق البطالة والفقر وتدهور مستوى العيش والوضع البيئي وخدمات المرفق العمومي".

وأفاد البيان بأنه "على هذا الأساس، وتواصلاً مع تاريخنا، وتحمّلاً منّا لمسؤوليّاتنا الوطنية، واعتباراً لكون الاتحاد أهمّ مكوّن مدني ساهم في تحرير الوطن وبناء الدولة الوطنية الحديثة ولعب دور القاطرة في مجال الدفاع عن الحريّات والديمقراطية واستقلالية تنظيمات المجتمع المدني، فإنه يخوض هذا الحوار".

وشدد الاتحاد على أن "ميزانية 2023 فاقدة لأيّة رؤية تنموية، خاضعة لشروط صندوق النقد الدولي ومثقلة لكاهل المواطن والمؤسّسات بالمزيد من الضرائب، بما يهدّد بإفلاس العديد منها ودفع بعض الشركات الأجنبية إلى مغادرة البلاد".

وأكد أنّه "أصبح من الواضح من خلال هذه الميزانية توجّه الدولة نحو إلغاء صندوق الدعم بطريقة القطرة قطرة تحت شعار التدرّج نحو حقيقة الأسعار، وهو ما من شأنه أن يقود إلى المزيد من بؤس الفقراء، ومن تسريع لوتيرة تفقير الطبقة الوسطى، وذلك في غياب توافق حول سياسة الدعم التي شكّلت على مدى عقود إحدى آليات عملية إعادة توزيع الثروة، وفي ظلّ تجاهل الدولة لمطلب الاتحاد بأن تقابل حقيقة الأسعار باعتماد حقيقة الأجور وحقيقة المساعدات الاجتماعية للعائلات الفقيرة والمعوزة".

وذكّر البيان بـ"تجذّر الانتماء العربي للاتحاد وانفتاحه الدائم على أفق عمّالي ونقابي عالمي"، وكذلك على تجديد العهد "بالوقوف غير المشروط مع الحق الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف".

وشدد: "نعبّر عن مواصلة دعمنا لنضال الشعب الفلسطيني الباسل من أجل دحر الاحتلال الصهيوني ووقف جرائمه البشعة في حق الفلسطينيين العزّل الذين مورس عليهم التقتيل والتعذيب والتشريد وهدم البيوت وانتزاع الأراضي وتهويدها وتدمير التاريخ والمعالم، ونجدّد دعوتنا إلى وحدة المقاومة الفلسطينية في وجه آلة الدمار الصهيونية وحلفائها من الدول الامبريالية والبلدان العربية المطبّعة، كما نجدّد تجنّدنا للنضال مع كلّ القوى الحيّة لفرض سنّ قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني البغيض في تونس".

المساهمون