توجه لتفكيك "الحمزات"... مقدمة لضبط الأمن بالشمال السوري؟

توجه لتفكيك "الحمزات"... مقدمة لضبط الأمن بالشمال السوري؟

12 أكتوبر 2022
عناصر من الشرطة التابعة للمعارضة في مدينة الباب (مصطفى باتحيس/الأناضول)
+ الخط -

يسود هدوء حذر في ريف حلب الشمالي الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، بعد ورود أنباء عن وقف إطلاق نار أمس الثلاثاء، عقب الاشتباكات الواسعة التي بدأت مساء أول من أمس الإثنين بعد تحرك "الجبهة الشامية"، أكبر تشكيلات الجيش الوطني السوري المعارض، للسيطرة على مقرات ومعسكرات فصيل "فرقة الحمزة"، الذي أظهرت تحقيقات أنه وراء اغتيال ناشط إعلامي وزوجته قبل أيام في مدينة الباب، ما أدى إلى غضب شعبي عارم.

وسيطرت "الجبهة الشامية" المنضوية ضمن الفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري، أول من أمس الاثنين وأمس الثلاثاء، على أكبر مقرات فصيل "فرقة الحمزة" وأبرزها، وهو مقر الكلية الحربية التابع للفصيل المذكور، وسجن "الزراعة" الذي تديره هذه الفرقة، وفق مصادر في الجيش الوطني، أكدت أن "الجبهة" عثرت على معتقلين داخل السجن بينهم نساء.

ووفق مصادر محلية، فإن فصيل "فرقة الحمزة"، والمشهور بـ"الحمزات"، قصف مدينة الباب مساء الإثنين بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة، بعد خسارته لنقاطه العسكرية فيها، ما تسبب بمقتل مدني وإصابة ثلاثة آخرين.

وأكدت المصادر أن عدداً من عناصر "فرقة الحمزة" تحصنوا في بلدة بزاعة القريبة من مدينة الباب، مشيرةً إلى أن الهدوء "الحذر" يسود الشمال بعد الاشتباكات التي أسفرت عن وقوع ضحايا من المدنيين وخسائر بشرية في صفوف الفصائل أيضاً.

اتفاق أولي لوقف إطلاق النار بعد تدخل من قبل تركيا

وتحدثت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أمس عن اتفاق أولي لوقف إطلاق النار بين "فرقة الحمزة" و"الفيلق الثالث"، بعد تدخل من قبل تركيا ودخول "هيئة ثائرون" التابعة للجيش الوطني، كطرف ثالث لفض الاشتباكات. وذكرت مصادر أخرى أن الهدوء جاء عقب دخول الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني إلى مناطق الاشتباك بهدف فضه.

اغتيال الناشط أبو غنوم يفجر الغضب بالشمال السوري

وكان الجيش الوطني أعلن الإثنين القبض على المشتبه فيهم بتنفيذ عملية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف الملقب بـ"أبو غنوم"، بعد متابعة استمرت ثلاثة أيام عبر كاميرات المراقبة داخل مدينة الباب. وانتشرت تسجيلات تتضمن اعترافات المقبوض عليهم باغتيال "أبو غنوم" بأوامر مباشرة من قادة أمنيين في فصيل "فرقة الحمزة".

وذكر ناشطون إعلاميون في الشمال السوري، أن أحد أعضاء الخلية التي نفذت عملية الاغتيال عضو سابق في تنظيم "داعش" ويعمل مع فصيل "فرقة الحمزة"، وأصيب أثناء اعتقاله بطلق ناري. وأكد الناشطون أن "جميع الأدلة التي تدين هذه الخلية موجودة لدى غرفة العمليات المصغرة التي تم تشكيلها لكشف قضية اغتيال أبو غنوم".

من جانبه، أشار هشام أسكيف، عضو مكتب العلاقات العامة في الفيلق الثالث، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن هناك "حالة غضب شعبي واسعة في الشمال بعد القبض على المجرمين". وأكد أن الجيش الوطني تدخل لـ"ضبط الأمن في مدينة الباب"، مشيراً إلى أن التحقيق ما زال مستمراً مع المقبوض عليهم.

من جهتها، قالت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة في بيان أمس، إنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة بحق المتهمين بارتكاب جريمة قتل أبو غنوم وزوجته. ودعت فصائل الجيش الوطني إلى وقف الاحتكام للسلاح.

في السياق ذاته، أكد القيادي في "هيئة ثائرون"، الفاروق أبو بكر، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "تجب محاسبة المجرمين"، وشدد على أن "الهيئة ملتزمة بقرارات وزارة الدفاع (التابعة للحكومة السورية المؤقتة في الشمال)، وتساند تنفيذ أي قرار يصدر عن الجهات المختصة بخصوص مقتل الناشط أبو غنوم".

وتسببت حادثة اغتيال أبو غنوم بحالة من الغضب والاستياء الشعبي في عموم المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني، والمُطالب منذ تأسيسه قبل سنوات، بضبط الأمن في هذه المناطق وتحييد كل المجموعات والفصائل التي تمارس كل أنواع الانتهاكات بحق السكان.

وعلى الرغم من محاولة وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة تجاوز حالة الفصائلية في الشمال السوري، إلا أن هذه الحالة هي السمة البارزة، في ظل وجود عشرات الفصائل المتباينة في الأهداف والتي لا رابط حقيقياً بينها.

توجه لتفكيك "فرقة الحمزة"

وتؤكد مصادر مقربة من قيادة الجيش الوطني أن الأخير، بصدد تفكيك فصيل فرقة الحمزة، مشيرة إلى أن هذا "مطلب شعبي"، بعد تكرار الانتهاكات من قبل هذا الفصيل والتي وصلت إلى حد القتل لإسكات كل الأصوات الفاضحة لهذه الانتهاكات.

وفي السياق، رأى النقيب المنشق عن قوات النظام، الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تطور الأحداث في الشمال السوري وسيطرة الجبهة الشامية على مقرات ومراكز تعود لفرقة الحمزة، يشيران إلى قدرة الجبهة على تفكيك فرقة الحمزات".

حوراني: الجبهة الشامية قادرة على إحداث فرق ما في مسألة ضبط الأمن

وتابع: "تمتلك (الجبهة الشامية) مقومات ذلك؛ اجتماعياً وقتالياً لجهة مستوى تدريبها وتسليحها وانتشارها في مجمل المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني". ولفت حوراني إلى أن "الجبهة الشامية فصيل له حاضنته الاجتماعية وتبدو تصرفاته منضبطة إلى حد كبير خلال الفترة الماضية".

وتابع حوراني أن "فرقة الحمزة تجاوزت بتعدياتها كل الحدود"، معرباً عن اعتقاده بأن الجبهة الشامية "لديها القدرة على سد الفراغ على الجبهات ونقاط التماس مع قوات النظام وقوات سورية الديمقراطية في حال تفكيك فصيل فرقة الحمزات".

ولا يرى حوراني أن ما يجري في الشمال مقدمة لضبط الأمن "لأن التجارب السابقة أصبحت كثيرة وجميعها فشل"، مضيفاً "لكن يمكن القول إن الجبهة الشامية قادرة على إحداث فرق ما في مسألة ضبط الأمن في الشمال".

وكانت فرقة الحمزة التي يتزعمها سيف أبو بكر، تأسست في عام 2016 من اندماج عدة فصائل صغيرة، لمحاربة تنظيم "داعش"، الذي كان حينذاك يسيطر على قطاع واسع من ريف حلب الشمالي. وشاركت الفرقة في عملية "درع الفرات" التي أطلقها الجيش التركي منتصف ذاك العام، وهو ما جعل منها قوة ضاربة في ريف حلب الشمالي الواقع تحت النفوذ التركي.

وشاركت الفرقة لاحقاً في عملية "غصن الزيتون" ضد الوحدات الكردية مطلع عام 2018 في منطقة عفرين شمال غربي حلب، وفي عملية "نبع السلام" ضد "قسد" في شرق الفرات أواخر عام 2019. ولفرقة الحمزة مقرات وانتشار في ريف حلب الشمالي، وخاصة في مدينة الباب وفي عفرين، وجرابلس، وفي منطقة رأس العين شمال غربي الحسكة في شمال شرق سورية.