تقرير حقوقي: مقتل 100 عنصر أمن و125 مدنياً وإعدامات واسعة في الساحل السوري

07 مارس 2025   |  آخر تحديث: 08 مارس 2025 - 00:33 (توقيت القدس)
تحركات للجيش السوري في اللاذقية وطرطوس، 7 مارس 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعد العنف في الساحل السوري: شهدت اللاذقية وطرطوس هجمات من مجموعات مسلحة مرتبطة بفلول نظام الأسد السابق، مما أدى إلى مقتل 100 عنصر من قوات الأمن و15 مدنيًا في جبلة، مع حملة أمنية واسعة أسفرت عن مقتل 125 مدنيًا.

- انتهاكات حقوق الإنسان: ضعف تدريب الأمن العام أدى إلى انتهاكات جسيمة، بما في ذلك إعدامات ميدانية دون تمييز، مع تحذيرات من تصاعد العنف وانتقام متبادل.

- ردود الفعل القانونية والدولية: دعوات لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات وفق القانونين الدولي والوطني، مع التركيز على العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.

هجمات لمجموعات مرتبطة بفلول نظام الأسد السابق في اللاذقية وطرطوس

تقرير: مداهمات عشوائية للمنازل وإطلاق نار مباشر على الأهالي

إعدامات ميدانية طاولت مدنيين داخل منازلهم بشكل عشوائي

وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير موجز لها حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، انتهاكات جسيمة حصلت جراء العمليات الأمنية في محافظتي اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري غربي سورية، حيث قتل ما لا يقل عن مائة عنصر من قوات الأمن الداخلي نتيجة هجمات نفذتها مجموعات مسلحة مرتبطة بفلول نظام الأسد السابق في محافظتي اللاذقية وطرطوس، بين 6 و7 مارس/ آذار الحالي.

ورصدت الشبكة أمس الخميس مقتل نحو 15 مدنياً نتيجة استهداف مسلحين مركباتهم على أطراف مدينة جبلة. كما قتل قرابة 125 مدنياً على يد قوات الأمن، حيث نفذت قوات مشتركة تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية حملة أمنية واسعة في عشرات القرى بريف اللاذقية وطرطوس وحماة، شملت مداهمات عشوائية للمنازل وإطلاق نار مباشر على الأهالي، وفق التقرير. وتخلل الحملة عمليات إعدام ميداني واسعة بحق شبان ورجال أعمارهم من 18 عاماً فما فوق، من دون تمييز واضح بين المدنيين وغيرهم.

وشهدت أحياء مدينة بانياس بمحافظة طرطوس حراكاً مسلحاً من عناصر فلول النظام أمس الخميس، وتركز الهجوم على نقاط الأمن الداخلي، خصوصاً في حي القصور ذي الأغلبية العلوية. ودخلت المدينة قوات عسكرية تضم عناصر من جنسيات غير سورية، نفذت اشتباكات مع المسلحين وأعمال تخريب ونهب للمحال التجارية والسيارات، كما نفّذت إعدامات ميدانية طاولت مدنيين داخل منازلهم بشكل عشوائي. ورصدت الشبكة مقتل ما يزيد عن 50 مدنياً نتيجة هذه الإعدامات، أغلبهم من عائلات أطباء من سكان حي القصور، قتلوا داخل منازلهم من دون أي محاكمة أو توجيه اتهامات واضحة إليهم.

 حملة أمنية واسعة في عشرات القرى بريف اللاذقية وطرطوس وحماة، شملت مداهمات عشوائية للمنازل وإطلاق نار مباشر على الأهالي

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إن من أسباب الانتهاكات ضعف تدريب عناصر الأمن العام، حيث يخضع هؤلاء العناصر لدورات قصيرة. وأضاف عبد الغني: "العصابات، وكما أرفض تسميتها بالفلول، هي مجموعات مسلحة خارج الدولة، هاجمت قوات الأمن العام وقتلت نحو 100 شخص منهم، وهو رقم مرعب. كما نفذت كمائن وهجمات منظمة أسفرت عن مقتل 15 مدنياً في جبلة". وتابع: "تحركت قوات الأمن العام للرد، لكن مع الأسف وقعت أعداد كبيرة من الانتهاكات بحق مدنيين، وليس بحق العصابات المسلحة. فالمدني الذي يحمل السلاح حتى لو لدقيقة واحدة يصبح هدفاً مشروعاً، لكننا نتحدث عن تصفية مدنيين لم يحملوا السلاح". وأشار إلى أن "إدارة العمليات العسكرية في سورية لم تقم بقتل مدنيين سابقاً، ولكن نتيجة حل جهاز الأمن والشرطة جرى جلب عناصر غير مدربة من فصائل الشمال السوري، وهم من ارتكبوا هذه الانتهاكات، إلى جانب مدنيين حملوا السلاح بدافع الانتقام"، وفق قوله.

وكشف عبد الغني أن "الحصيلة الأولية تشير إلى مقتل 125 مدنياً في قرى المختارية، الحفة، الفندارة، ريف حماة الغربي، بالإضافة إلى أرزة، قمحانة، حي القصور في بانياس. وقد تُركت الجثث في المكان، مما يستوجب تحقيقاً رسمياً لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات". وحذر عبد الغني من أن "عدم المحاسبة سيؤدي إلى تصاعد العنف وانتقام متبادل، خاصة أن هذه العصابات لا يتجاوز عددها 1500 شخص، وفي حال لم يتم التعامل معها بحكمة، قد تنضم إليها أعداد أكبر، مما يفتح الباب أمام دوامة من الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي".

من جهته، قال مدير العمليات في رابطة المحامين السوريين الأحرار، المحامي عمّار عز الدين، لـ"العربي الجديد"، إن "قلة الوعي من العناصر المشاركة في الحملة الأمنية وعدم التثقيف بحقوق الإنسان وفق القانونين الدولي الإنساني والدولي لحقوق الإنسان يجعل بعض العناصر ترتكب انتهاكات فردية، بمخالفتها القواعد التي نصت عليها هذه القوانين، مثل الضرب والاعتداء والإهانة للعناصر الذين تم القبض عليهم، أو على سبيل المثال التعرض للمدنيين". وأضاف "للتضليل دور في التأثير في بث الإشاعات وتضخيم التجاوزات، وهنا دور الدولة في الشفافية في نقل الأحداث ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، مع التأكيد وبكل حزم على القبض على مجرمي النظام البائد وإحالتهم للقضاء".

وتابع عز الدين: "الوضع في سورية لا يزال يخضع للقانون الدولي الإنساني والقانون السوري، وما قامت به فلول النظام هو جريمة وفق القانون الوطني، كونهم يحملون السلاح خارج نطاق الدولة". وأوضح عز الدين أن "القانون السوري ينص على عقوبات مشددة لمن يشكل فصائل مسلحة أو يعتدي على أمن الدولة، حيث تصل العقوبة إلى الإعدام في حال إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي". وأشار إلى أن "القانون الدولي الإنساني يقر بشرعية اشتباك الأمن العام مع المسلحين، لكنه يلزم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. لذا، فإن وقوع أضرار بين المدنيين قد يندرج ضمن الأضرار الجانبية، شرط أن تكون غير متعمدة ومتناسبة مع الهدف العسكري"، وفق قوله.

وأكد عز الدين أن "الانتهاكات المزعومة لم يثبت بعد من ارتكبها، وقد تكون من فعل فلول النظام. لذلك، على الدولة التحقيق وتحديد المسؤولين. وإذا ثبت تورط عناصر الأمن يجب محاسبتهم". وأضاف: "الجيش السوري بات يمثل الشعب ذاته في الدفاع عن الثورة، لكن بعض السوريين قاموا بتصرفات فردية، وهو ما أكدته القيادة السورية التي شددت على حماية المدنيين ومحاسبة المرتكبين". وختم عز الدين بتأكيد ضرورة "إصدار إعلان دستوري وتشكيل هيئة تشريعية، وإقرار قانون العدالة الانتقالية لضمان المحاسبة وجبر الضرر، وصولاً إلى المصالحة الوطنية والسلم الأهلي".

قتلى من الجيش والأمن العام بريف اللاذقية

وقتل وأصيب عناصر من الجيش السوري والأمن العام، مساء اليوم الجمعة، في كمين لفلول نظام الأسد بمحيط مدينة بانياس في ريف محافظة اللاذقية غربي سورية، بالتزامن مع محاولات زعزعة للأمن نفذها مقاتلو الفلول بريف محافظة حماة وسط سورية. وأوضح الإعلامي محمد الحمادي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ عناصر من فلول نظام الأسد استهدفوا مجموعة من مقاتلي الجيش السوري التابعين للفرقة 74، إضافة إلى عناصر من الأمن العام في منطقة حراجية قرب بانياس على طريق اللاذقية، مساء اليوم، وجرى الاستهداف على الطريق، حيث حوصروا في المنطقة، حتى تمكنت مجموعة من الجيش السوري من فك الحصار عنهم.

تخلل الحملة عمليات إعدام ميداني واسعة بحق شبان ورجال راوحت أعمارهم من 18 عاماً فما فوق، من دون تمييز واضح بين المدنيين وغيرهم

وبالتزامن مع الهجمات المستمرة لفلول النظام في المنطقة، نفذت مجموعات هجمات منظمة استهدفت ممتلكات المدنيين في مدينة جبلة بريف محافظة اللاذقية، وفق ما أوضح الإعلامي عبد الله المحمد، المنحدر من مدينة جبلة لـ"العربي الجديد"، لافتًا إلى أن اثنين من المدنيين قتلا بهجوم نفذه مقاتلو الفلول عند مدخل مدينة جبلة مساء اليوم. وتزامنت الهجمات التي استهدفت مواقع للأمن العام والجيش السوري في ريفي محافظتي طرطوس واللاذقية مع هجوم لفلول النظام استهدف أحد الحواجز الأمنية في بلدة أرزة بريف محافظة حماة الشمالي، حيث أكد "المرصد 80 للتحرّكات العسكرية" في المنطقة لـ"العربي الجديد" أن الهجوم استهدف حاجزاً أمنيّاً في بلدة أرزة، ما أثار مخاوف الأهالي في المنطقة، خاصة الذين كانوا في الطريق، ما دفع الجيش السوري إلى إرسال قوة عسكرية لتعزيز الحاجز، حيث تمكّنت من ملاحقة المهاجمين وقتلهم. ولفت المرصد إلى أن الهجوم تزامن مع الهجمات المنظمّة التي استهدفت مناطق في الساحل السوري، غرضها زعزعة الأمن وإثارة الرعب لدى المدنيين.

وأوضح الصحافي والحقوقي عبد الكريم الثلجي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تسلل مجموعات مسلحة من فلول النظام إلى بلدة أرزة، حيث حاولت استغلال التوترات الأمنية في الساحل السوري وإثارة الفوضى في ريف حماة، ومحاولة استعادة بعض المناطق. واعتبر ما يجري "عملية متكاملة بين الساحل السوري بدعم وتوجيه إيراني"، وفق اتهاماته.

الإعلامي عبد الله المحمد: بالتزامن مع الهجمات المستمرة لفلول النظام في المنطقة، نفذت مجموعات هجمات منظمة استهدفت ممتلكات المدنيين في مدينة جبلة بريف محافظة اللاذقية

وأضاف الثلجي: "أغلب مناطق الساحل السوري شهدت تحركاً من فلول النظام الذين يمتلكون الأسلحة ويتحصنون في الجبال، وبعضهم خضع لعمليات تسوية. هدفهم العيش في الفوضى والإجرام، ولا يريدون دولة مستقرة يعيش فيها الناس على مسافة واحدة من الحقوق تجاه الدولة". وشدد على أن العملية التي أطلقها فلول نظام الأسد في الساحل السوري عملية "مخططة بشكل مدروس، ولا سيما أن الأسرى من الأمن العام نقلوا إلى مناطق جبلية بتسهيلات لوجستية"، مضيفاً: "الأمور تتجه للأفضل، لكن العملية ليست سهلة، والعمل الاستخباراتي يجب أن يلعب دوراً في هذا الأمر، كون المنطقة جبلية وعرة، والجبال حتى الآن لم تجرِ فيها عمليات تمشيط".

وأكدت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد" أن محافظة حمص تشهد استنفاراً أمنياً وعسكرياً لصد أي هجمات أو تحركات لفلول النظام، خاصة في الريفين الشمالي والغربي، مع تأكيدات التعامل بحزم مع أي تحرك لها. وأعلنت الحكومة السورية، اليوم الجمعة، السيطرة بشكل كامل على مركز محافظتي اللاذقية وطرطوس بعد اشتباكات عنيفة استمرت لساعات مع مسلحين من فلول النظام السابق.

المساهمون