تروي صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قصة استشهاد الطفل الفلسطيني أيمن الهيموني (12 عاماً) على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، عندما كان يزور منزل جده في حي جبل جوهر، في الخليل بالضفة الغربية. اللافت في قضية أيمن الهيموني هو وضوح الأدلة، إذ توثقها لقطات من كاميرتين أمنيتين تروي اللحظات الأخيرة في حياة أيمن، الذي لم يكن يعلم أن مكالمته الأخيرة مع والده، التي امتلأت بأحلامه في كرة القدم والكاراتيه ومستقبله طبيباً أو مهندساً، ستكون الأخيرة.
لم يتحقق شيء من أحلام أيمن، ففي يوم الجمعة الماضي، بعد يومين من اتصاله بوالده، استشهد أيمن برصاص الجيش الإسرائيلي، وفقاً للقطات فيديو شاهدتها صحيفة "ذا غارديان"، وباستشهاد أيمن، انضم إلى قائمة طويلة من الشهداء الأطفال الفلسطينيين الذين تستهدفهم قوات الاحتلال دون محاسبة، في ظل تصاعد عملياتها في الضفة الغربية.
وفي مساء يوم الجمعة، أثناء خروج أيمن لتوصيل شيء إلى منزل جده والعودة إلى بيت عمه طارق، حدثت جلبة في شارع قريب، وسُمع إطلاق نار وبدأ الناس في الركض، وأصابت رصاصة أحد شبان الحي، وتُظهر اللقطات أيمن وأبناء عمومته يخرجون من منزل طارق، حين أصيب فلسطيني بجوار المنزل، ثم عمّت الفوضى مرة أخرى جراء إطلاق قوات الاحتلال النار، فهرب الجميع إلى الداخل، بمن فيهم أيمن، وحين دخل أيمن بوابة منزل عمه طارق ليختبئ، سُمع إطلاق نار آخر، من جهة جنود الاحتلال الذين كانوا يتقدمون نحو المنزل، وأصيب أيمن حينها.
وبقي جسد أيمن على الأرض بجوار جدار، ونظر جنود الاحتلال حولهم بضع ثوانٍ، ثم ساروا بعيداً بهدوء، غير مبالين بصراخ والدة أيمن التي سقطت على جثمان ابنها. حمله أحد أعمامه محاولاً إنقاذه، لكن الرصاصة اخترقت رئتيه، وأُعلن عن استشهاد في المستشفى. وفيما لم تعلّق قوات الاحتلال على الجريمة، تؤكد منظمات حقوقية أن المساءلة عن استشهاد الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال نادرة، إذ تُقدّر فرصة محاكمة جندي إسرائيلي بتهمة القتل بـ0.4% فقط. والد أيمن، ناصر، الذي يعمل في رام الله، علم باستشهاد ابنه أثناء عودته عبر حواجز الاحتلال، وحينها أقر أحد الجنود أنه هو من قتله وسخر منه قائلًا: "نأمل أن تلحق به قريباً".
ولم يرد جيش الاحتلال على أسئلة ذا غارديان بشأن استشهاد أيمن، وتقول الصحيفة "في بعض الحالات، عندما يتزايد الضغط الإعلامي، يعلن عن فتح تحقيق، لكن نادراً ما ينتج عنه إجراء ملموس"، وتضيف "في عام 2019، حُكم على جندي إسرائيلي بخدمة مجتمعية لمدة شهر واحد فقط بعد قتله طفلاً فلسطينياً يبلغ من العمر 14 عاماً في غزة، لكن حتى هذا النوع من "المساءلة" أصبح أكثر ندرة"، وتؤكد منظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية أن "احتمال محاكمة جندي إسرائيلي بتهمة قتل فلسطيني يبلغ 0.4% فقط، أي محاكمة واحدة من بين 219 حالة قتل تصل إلى الجيش".
وباستشهاد أيمن، ينضم إلى قائمة طويلة من الأطفال الفلسطينيين الذين يقتلهم جيش الاحتلال دون محاسبة، في ظل تصاعد عملياته في الضفة الغربية. وأصبح قتل الأطفال في الضفة الغربية أمراً معتاداً، لا سيّما بعد حرب الإبادة على غزة، وازدادت هذه العمليات حدة الضفة الغربية بعد وقف إطلاق النار في القطاع في يناير/كانون الثاني.