توتر على الجبهات السورية: تهديدات النظام لريف درعا تتصاعد

توتر على الجبهات السورية: تهديدات النظام لريف درعا تتصاعد

27 يناير 2021
تريد قوات النظام إخضاع ريف درعا الغربي (يوسف كرواشان/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي لا تزال فيه البادية السورية مسرحاً لعمليات عسكرية واسعة النطاق ما بين قوات النظام، مدعومة بالمليشيات والطيران الروسي، وتنظيم "داعش"، بدأت بوادر تصعيد عسكري على أكثر من جبهة، مع تهديد النظام والجانب الروسي ريف درعا الغربي في جنوب سورية باستخدام الطيران الحربي في حال عدم تنفيذ مطالب بتهجير عدد من أبناء المنطقة إلى الشمال. كما تصاعد التوتر في محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي من سورية، بين قوات النظام من جهة، وقوات "الأسايش"، وهي بمثابة قوى أمن داخلي تابعة لـ"الإدارة الذاتية" الكردية في المنطقة، من جهة ثانية.

وأعطى النظام والجانب الروسي أعياناً ووجهاء في محافظة درعا مهلة، تنتهي غداً الخميس، لتنفيذ عدة مطالب، منها تهجير عدد من المقاتلين السابقين في صفوف المعارضة السورية من بلدة طفس إلى الشمال السوري، وفق الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" أبو محمود الحوراني. وأوضح الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ضباطاً من "الفرقة الرابعة"، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام، وضباطاً من الشرطة العسكرية الروسية، هددوا باستخدام الطيران الحربي ضد بلدات ريف درعا الغربي في حال عدم الاستجابة للمطالب. وبيّن أن الطيران الحربي التابع للنظام حلّق، صباح أمس الثلاثاء، في سماء الريف الغربي لدرعا، في رسالة واضحة لاستعداد النظام معاودة القصف الجوي للمنطقة.

حلق الطيران الحربي التابع للنظام في سماء درعا

وكانت "الفرقة الرابعة" قد عززت مواقعها في ريف درعا الغربي أخيراً، استعداداً للبدء بحملة عسكرية، غايتها إخضاع هذا الريف، لإجبار الشبان على الانخراط في مليشيات تابعة للنظام. ووفق مصادر مطلعة، فإن قوات النظام تريد الدخول إلى بلدات الريف الغربي، وتسلّم المراكز الحكومية فيها، والقيام بعمليات تفتيش واسعة، وهو ما يفتح الباب أمام عمليات واسعة وتصفيات ميدانية. وكانت بلدة طفس، الواقعة في ريف درعا الغربي، قد شهدت، الإثنين الماضي، اشتباكات بين فصيل محلي و"الفرقة الرابعة"، أدى إلى مقتل عدد من عناصر "الفرقة"، التي تعتبر الأكثر وحشية في التعامل مع المدنيين منذ بدء الثورة السورية في 2011. وكانت فصائل المعارضة السورية في محافظتي درعا والقنيطرة المجاورة قد اضطرت إلى توقيع اتفاقات تسوية مع النظام في منتصف العام 2018، برعاية الجانب الروسي، والتي تبيّن لاحقاً أنها كانت مجرد مدخل للنظام للعودة إلى المحافظتين، والقيام بعمليات انتقام واسعة النطاق، في ظل تخلي الضامن الروسي عن مسؤولياته حيال الاتفاقيات.

في غضون ذلك، استيقظت مدينة تل أبيض، في ريف الرقة الشمالي على الحدود السورية التركية، أمس الثلاثاء، على تفجير هز أحد الأسواق الرئيسية، ناجم عن انفجار عبوة ناسفة، وأدى إلى مقتل وإصابة 10 مدنيين. ومنذ سيطرة فصائل سورية معارضة، تابعة للجيش التركي، على المدينة وأغلب ريفها، أواخر 2019، تعرضت المنطقة لعشرات الانفجارات الناجمة عن عبوات ناسفة، أو عربات مفخخة. وتُوجه أصابع الاتهام إلى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تنفي أي صلة لها بهذه التفجيرات التي تضرب الأماكن الأكثر ازدحاماً بالمدنيين.

وغير بعيد عن تل أبيض، لا يزال التوتر سيد الموقف في محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي من سورية، بين قوات النظام من جهة وقوات "الأسايش"، وهي بمثابة قوى أمن داخلي تابعة لـ"الإدارة الذاتية" الكردية في المنطقة من جهة ثانية. وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن "الأسايش" ضيّقت، مساء أمس الأول، الخناق على المربع الأمني التابع للنظام في مدينة القامشلي، على الحدود السورية التركية، مشيرة إلى أن هذه القوات أغلقت كافة المعابر والمداخل والشوارع المؤدية إليه. وذكرت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن "قسد" اعتقلت رئيس مجلس بلدة الجوادية بريف القامشلي الشرقي، واقتادته إلى جهة مجهولة. وتسيطر "قوات سورية الديمقراطية" على جل محافظة الحسكة الغنية بالثروات، باستثناء مربعين أمنيين في مدينتي القامشلي والحسكة، وبعض القرى القريبة من المدينتين، إضافة إلى "الفوج 123" (فوج كوكب)، قرب الحسكة، و"الفوج 154" (فوج طرطب)، قرب القامشلي، ومطار القامشلي، الذي تحول إلى قاعدة عسكرية روسية منذ أواخر 2019.

ضيقت "الأسايش" الخناق على مربع النظام في القامشلي

في موازاة ذلك، لا تزال البادية السورية مسرحاً لعمليات عسكرية واسعة النطاق ما بين قوات النظام، بمساندة من مليشيات محلية وإيرانية، وتنظيم "داعش"، الذي أرهق هذه القوات منذ مطلع العام الحالي عبر كمائن حصدت أرواح العشرات من العناصر. ودفع ما يجري في البادية السورية، مترامية الأطراف، الجانب الروسي إلى استخدام الطيران الحربي لقصف مسلحي التنظيم الذين يتحركون ضمن مساحة جغرافية واسعة. وذكرت مصادر متقاطعة أن الطيران الروسي نفذ خلال اليومين الماضيين نحو 100 غارة على أهداف للتنظيم في البادية، عقب عملية من الأخير على طريق دير الزور - تدمر، أدت إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر قوات النظام. وبدأت قوات النظام، ومليشيات إيرانية، منذ أيام، حملة تمشيط في البادية لتأمين الطريق من كباجب والشولا، غرب دير الزور، وصولاً إلى السخنة، الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة تدمر.

وفي الشمال الغربي من سورية، استكملت القوات التركية المنتشرة في محافظة إدلب إنشاء نقاط تمركز على خطوط التماس مع قوات النظام. وقد أنشأت منذ أيام نقطة في منطقة قسطون، في سهل الغاب، في ريف حماة الشمالي الغربي. وكان الجيش التركي قد أنشأ واحدة في منطقة آفس بالقرب من مدينة سراقب، لا تبعد كثيراً عن قوات النظام المتمركزة في المدينة، بينما أنشأ الروس نقطة مقابلة للنقطة التركية على الجسر الشمالي داخل المدينة، وفق مصادر محلية. وكان الجيش التركي قد أنشأ، أواخر العام الماضي، العديد من النقاط في مواجهة قوات النظام، أبرزها كدورة ورويحة، القريبتان من مدينة معرة النعمان، ودير سمبل، والبارة القريبة من بلدة كفرنبل، إضافة إلى نقاط بيلون وتل بدران وكنصفرة، التي تكشف جزءاً من سهل الغاب.

المساهمون