تواصل الاحتجاجات في السويداء رغم الانتشار المكثف لقوات النظام

تواصل الاحتجاجات في السويداء لليوم الخامس رغم الانتشار المكثف لقوات النظام

11 فبراير 2022
النظام السوري يتخوف من تمدد احتجاجات السويداء (تويتر)
+ الخط -

لم يمنع الانتشار المكثف لقوات النظام السوري في الساحات والطرق الرئيسية في مدينة السويداء، جنوبي البلاد، اليوم الجمعة، خروج العديد من احتجاجات شعبية في يومها الخامس على التوالي احتجاجا على تردي الوضع المعيشي.

وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن عشرات المحتجين تجمعوا أمام مقام عين الزمان في مدينة السويداء تلبية لدعوات للتظاهر السلمي ضد حكومة النظام أطلقها نشطاء الحراك الشعبي.

وانطلق المحتجون من ساحة السير إلى أمام مقام عين الزمان، حيث طالبوا النظام بتوفير الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم لكل المواطنين.

وقال أحد المحتجين، وفق ما وثقت مشاهد مصورة بثت عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "نريد العيش بكرامتنا وحقوقنا". وأوضح آخر أن الحراك هدفه "توحيد السوريين والوصول إلى حكم مدني ديمقراطي". وأضاف أن "المتظاهرين يتشرفون بحمل علم الثورة السورية، لأن قائد الثورة السورية خلال الاحتلال الفرنسي سلطان باشا الأطرش رفعه خلال الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي".

وتحدى المحتجون التعزيزات العسكرية والأمنية التي دفع بها النظام إلى المحافظة خلال اليومين الماضيين، حيث شهدت مدينة السويداء، منذ صباح اليوم، استنفارا أمنيا غير مسبوق، وانتشار عشرات العناصر من قوى الأمن والجيش، مع سيارات مزودة برشاشات متوسطة، عند الساحات والطرق الرئيسية، وفي محيط المراكز الحكومية. وأغلق عناصر الأمن الطريق المؤدية لمبنى المحافظة في مركز مدينة السويداء بعربات مصفحة، مع انتشار كثيف عند كل الساحات والطرق الرئيسية في المدينة.

ويحاول النظام السوري تطويق نطاق الاحتجاجات في محافظة السويداء، بعدما ارتفع سقف مطالب المحتجين على سوء الأوضاع المعيشية وسياسة حكومة النظام، التي تسببت قراراتها في استبعاد مئات آلاف الأشخاص من الدعم الاقتصادي بغضب شعبي.

 وكان وفد عسكري روسي قد زار، أمس الخميس، مدينة السويداء، والتقى مسؤولين تابعين للنظام، إثر تصاعد الاحتجاجات الشعبية.

ونقلت شبكة "السويداء 24" المحلية عن مصدر خاص قوله إن الوفد الروسي استفسر عن طريقة تعاطي النظام وفروعه الأمنية مع المحتجين، وأسباب استقدام التعزيزات الأمنية الأخيرة، فأجاب محافظ السويداء نمير مخلوف بأن قوات النظام لم تستخدم القوة ضد المحتجين، وإن نقل القوات تم من أجل منع التصعيد وتجنب الاستفزازات، حسب قوله.

وبحسب المصدر، فقد طمأن المحافظ الجانب الروسي بأن سلطات النظام "على اطلاع جيد بما يجري وتبقي الوضع تحت السيطرة"، لافتا إلى أن "الإعانات والمزايا الملغاة تنطبق فقط على الشرائح الثرية من السكان الذين يمتلكون أكثر من سيارة، ويملكون عقارات خارج المنطقة، وكذلك على المواطنين ذوي الدخل المرتفع"، في إشارة إلى قرارات حكومة النظام الأخيرة باستثناء بعض شرائح السكان من الدعم للمواد الأساسية.

وانتقل الوفد الروسي بعد لقاء المحافظ إلى فرع أمن الدولة في السويداء للقاء رئيس الفرع سالم الحوش، حيث تنوي روسيا عقد لقاءات مع زعامات دينية واجتماعية في الأيام المقبلة، وفق المصدر.

وكان المحافظ مخلوف قال، في أول لقاء جمعه مع شيوخ عقل الطائفة الدرزية، إن الملف الأمني في المحافظة له أهمية بالغة، مشيرًا إلى أن التعامل معه سيجرى "بالود أولًا، وبالتفاهم والتعاون بين مكوّنات المجتمع، على رأسها رجال الدين والدولة والجهات المعنية"، وفق شبكات محلية. وسبقت ذلك تسجيلات صوتية نشرتها صفحة "السويداء ANS" لأحد قياديي المجموعات المحلية المسلحة في السويداء، يتحدث عن أوامر صادرة عن مخلوف، تُبيح قتل المدنيين بذريعة "فرض هيبة السلطة"، حسب وصفه.

مخاوف النظام وتهديداته

في غضون ذلك، ذكر موقع "صوت العاصمة"، الذي يتابع تطورات دمشق وريفها، أن نظام بشار الأسد طلب من جميع فروعه الأمنية الاستنفار والانتشار المكثف في دمشق وريفها ومدن الساحل السوري، خلال الـ48 ساعة المقبلة.

ونقل الموقع عن مصادره تأكيدها أن قرارات النظام شملت "فرع الاتصالات لتكثيف مناوباته في مراقبة كاميرات الشوارع في مراكز المدن، ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، لتجنب حدوث أي خرق أمني". كما شملت القرارات عناصر وزارة الداخلية وحفظ النظام، وتضمنت "التعامل مع أي شخص أو مجموعة مشبوهة في مناطق الانتشار"، إضافة لوجود العناصر في المطاعم والمقاهي الشعبية بمختلف المدن.

وبحسب المصدرنفسه، فإن الداخلية وجهت كتاباً للمؤسسة العامة للاتصالات، يقضي بضرورة التعاون مع فرع الاتصالات والجهات الأمنية الأخرى، وذلك وسط خشية النظام من توسع نطاق احتجاجات السويداء لتشمل بقية المناطق الواقعة تحت سيطرته.

من جهته، هدد جهاد بركات، صهر آل الأسد وقائد مليشيا "مغاوير البعث"، كل من يتظاهر ضد النظام على خلفية رفع حكومته الدعم عن بعض السلع. وقال في منشور على "فيسبوك"، أمس، إن "كل من يتظاهر في الشارع ويهدد الأمن الداخلي للبلاد هو مجرم وعميل وخائن وتجب محاسبته".

وأضاف "حين يحاول البعض التحريض وبأوامر خارجية معادية طالبين النزول الى الشارع، فهذا الأمر لن نسمح به". وهدد بركات الأهالي في مناطق سيطرة النظام قائلا إن "النزول الى الشارع خط أحمر وعلى الجيش والقوى الأمنية قمع هذه الظاهرة"، معتبراً أن التهاون مع التظاهرات عام 2011 كان السبب في وصول الأوضاع إلى ما هي عليه، في إشارة إلى تاريخ اندلاع الثورة السورية.

المليشيات الإيرانية تعزز وجودها في الطبقة

وفي شرق البلاد، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن المليشيات التابعة لإيران عمدت، خلال الساعات الماضية، إلى إنشاء نقاط عسكرية تابعة لها في قرية خربة هدلة الواقعة بالقرب من مطار الطبقة العسكري، عقب أيام من قيام قوات موالية لروسيا بالانسحاب من المنطقة إلى داخل المطار.

وأضاف أن المليشيات الإيرانية رفعت سواتر وحصنت نقاطها هناك، من دون معرفة الأسباب الرئيسية من وراء هذا الانتشار الذي يعد الأول من نوعه في هذه المنطقة.

وكانت قوات تابعة لـ"الفيلق الخامس"، المدعوم من روسيا، انسحبت من مواقع انتشرت بها خلال الفترة الأخيرة ببادية الرقة الغربية إلى داخل مطار الطبقة العسكري الواقع تحت سيطرة القوات الروسية، من دون معرفة الأسباب.

"تسويات" النظام تتواصل

من جهة أخرى، ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري أن العشرات انضموا، أمس، لعمليات التسوية التي تتواصل في محافظات دير الزور وريف دمشق والرقة وحلب، والتي تشمل المدنيين والمتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية والمنشقين عن قوات النظام.

 وأضافت أن نحو 30 ألفا انضموا لعملية التسوية في دير الزور منذ انطلاقها في الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

كما انضمت مدينة داريا جنوب غرب مدينة دمشق لهذه التسويات وفق "سانا"، مشيرة إلى افتتاح مركز للتسوية وسط المدينة، حيث توافد العشرات من أبنائها إلى المركز لتسوية أوضاعهم.

كما تواصلت التسويات في مركز بلدة السبخة شرقي محافظة الرقة، والتي بدأت في الـ12 من الشهر الفائت، وكذلك في مركز بلدة مسكنة بريف حلب الشرقي.