تهديد نتنياهو بضم الضفة بعد الاعتراف بفلسطين يضع ترامب في مأزق

22 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 11:45 (توقيت القدس)
ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، 7 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الساحة الدولية اعترافات أوروبية بدولة فلسطينية، مما يعكس تحولاً في الموقف الأوروبي عن الإجماع التقليدي مع واشنطن، ويثير تساؤلات حول تأثيرها على السياسة الإسرائيلية والأميركية.
- تهديدات نتنياهو بضم الضفة الغربية تأتي كرد فعل على الاعترافات الأوروبية، مما يضع الإدارة الأميركية أمام اختبار حقيقي في كيفية التعامل مع هذه التهديدات.
- تتزامن هذه التطورات مع توتر إقليمي متزايد وانتقادات للإدارة الأميركية، مما قد يدفع واشنطن للتدخل لمنع ضم الضفة الغربية قبل الانتخابات الأميركية المقبلة.

موجة الاعتراف الأوروبي – الغربي بدولة فلسطينية التي انطلقت أمس الأحد، احتلّت عناوين الصفحات الأولى والنشرات المرئية بحسبانها نقلة نوعية غير مسبوقة، ولو أنّها رمزية ومحدودة. الجهات التي تتبنّى الخطاب الإسرائيلي ضخّمت الخطوة من خلال تصويرها بأنّها تمهّد لقيام كيان "يشكّل خطراً على إسرائيل". وجاء إعلان الاعترافات عشية افتتاح الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، اليوم الاثنين، في نيويورك، على أن يتبعها المزيد من الاعتراف بعد الافتتاح (فرنسا وغيرها)، لتعطيها دمغة دولية فارقة وإن من حيث الشكل، لكون هذه المجموعة تضمّ دولتين من أصل خمس تتمتعان بحقّ النقض في مجلس الأمن الذي تعود إليه الكلمة الأخيرة في تقرير عضوية الدول في الأمم المتحدة، وهما فرنسا وبريطانيا.

ما استوقف في هذه الخطوة أنّها كشفت ولأول مرة عن افتراق مع واشنطن في موضوع انعقد حوله إجماع بين طرفي الأطلسي منذ البداية. ولم يستبعد البعض أن يكون قد حصل تفاهم ضمني مسبق في هذا الخصوص بين الجهتين لتوظيف الاعتراف ورقةَ ضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "لكبح انفلاته". لكن المعطيات تنقض هذه الفرضية. فلو كانت هناك نية أميركية حازمة لممارسة مثل هذا الكبح، لما وقع العدوان على قطر، أو في أقله لكانت هناك محاسبة بعد وقوعه.

والآن هناك اختبار آخر لهذا الانفلات، ساحته الضفة الغربية. فالإدارة الأميركية اكتفت بموقف رمادي من تهديد نتنياهو بضمّها أو ضم أجزاء منها، لو مضى الأوروبيون في اعترافهم بدولة فلسطينية. نتنياهو قال أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قبل أيام لإسرائيل إنّ أي خطوة أحادية (الاعتراف) ضد إسرائيل ستقابلها هذه الأخيرة بخطوة من جانبها. الوزير روبيو خفّف من جدية ما لوّح به رئيس الحكومة الإسرائيلية من خلال وضعه في خانة "ردّ الفعل" على هجمة الاعتراف الأوروبية لا أكثر، وأنه بالتالي ليست هناك نية أصلاً للضم، مع أنّ نتنياهو كان قد أعلن أنّ "هذا المكان لنا".

الآن حصل الاعتراف، فهل يحصل الضمّ؟ لا شكّ أنّ نتنياهو عازم على ترجمة تهديده واغتنام الفرصة لتحقيق مخطّطه القديم لوصل الأرض "ما بين النهر والبحر"، فهل في هذه الحالة يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الخط لإحباط مشروعه؟

السوابق لا ترجّح الرهان على مثل هذا التدخل، لكن ثمّة اعتبارات وحسابات قد تفرض على البيت الأبيض التحرك للحيلولة دون إلحاق الضفة بإسرائيل، على رأسها أنّ الوضع العربي، وبالتحديد الخليجي، لا يحتمل اعتداءً من هذا العيار، خاصة بعد أيام قليلة من العدوان الإسرائيلي على قطر. فهذا العدوان، معطوفاً على التفظيع الإسرائيلي في غزة، أثار ردود فعل سلبية ليس فقط ضد إسرائيل بل أيضاً ضد الاحتضان المفتوح الذي تبديه الإدارة الأميركية تجاه هذه الأخيرة.

في استطلاع أخير، بات 60% من الأميركيين يقفون ضد هذه الحرب. يضاف إلى ذلك أنّه على أثر هذه الارتكابات الإسرائيلية الفاقعة في عدوانيتها وفي انتهاكها للقوانين والمواثيق الدولية، وتزايد الحديث والتقارير الدولية عن حروب الإبادة والتجويع في غزة، بدأت تُطرح تساؤلات عن تماهي الإدارة مع نتنياهو وحروبه المفتوحة، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات سياسية قبل سنة من انتخابات حاسمة لمجلسي الكونغرس الأميركي (النواب والشيوخ).

كل ذلك، مع التشديد في مداولات النخب المعنية بالسياسة الخارجية، على خطورة استمرار النزاعات في المنطقة من دون أفق سياسي، قد يحمل البيت الأبيض على منع إسرائيل من مصادرة الضفة الغربية. سيما وأنّ الاعتراف بدولة فلسطينية يبدو أقرب إلى ردّ فعل على حرب غزة منه إلى التصويت على قيام دولة مكتملة عناصر تكوينها. فلا تخوم محدّدة ولا إشارة إلى المستوطنات والقدس وقضية اللاجئين وغيرها من القضايا الخلافية المعقدة. فقط مجرّد إعلان سياسي، ولو أنّه يكتسب أهميته بما هو خطوة أولى مرشحة للتطوير إذا ما تواصلت الموجة (صارت 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطينية) وانضمّت إليها روسيا والصين في وقت لاحق غير بعيد. وربما لجأ نتنياهو إلى توظيف هذا الاحتمال لحمل البيت الأبيض على غضّ النظر عن إقدامه على نقل الضمّ من التهديد إلى أرض الواقع.

المساهمون