تنوشكا مرح... فلسطينية تخوض الانتخابات البريطانية بمواجهة أصدقاء إسرائيل

03 يوليو 2024
خلال تظاهرة في برايتون احتجاجاً على الإبادة الجماعية في غزة، 2 يونيو 2024 (ربيع عيد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تنوشكا مرح، المخرجة والممثلة ذات الأصول الفلسطينية الأردنية، تبرز كوجه احتجاجي في برايتون وهوف بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، معلنة ترشحها للبرلمان البريطاني ضد حزب العمال الذي انتمت إليه سابقًا، بدعم من حركات التضامن مع فلسطين وحركات بيئية ونقابات.
- تنتقد تنوشكا مواقف حزب العمال وتعتبر إسرائيل "دولة إرهابية"، مؤكدة أن ترشحها هو استجابة للتصدي لسياسات الحزب والوقوف ضد الظلم، خاصة بعد رفض النائب بيتر كايل التصويت لوقف إطلاق النار في غزة.
- تؤكد على أن قضية غزة غيرت حياتها ودفعتها للتحرك سياسيًا، معتبرة نفسها مدافعة عن المساواة وتربط قضية غزة بقضايا الاقتصاد، الخدمات الصحية، التعليم، والبيئة، داعية للتصويت لها لتمثيل هذه القضايا وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

لم تمرّ مناسبة تضامنية مع فلسطين في مدينة برايتون وهوف المجاورة لها جنوب شرقي بريطانيا إلا وكانت تنوشكا مرح حاضرة فيها، لكن في الأشهر الماضية أصبحت أحد أبرز الوجوه الاحتجاجية في المدينة، خصوصاً بعد بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتحوّلت غزة، وسط تعرّضها لإبادة جماعية، بالنسبة للمخرجة والممثلة المسرحية تنوشكا مرح إلى الحدث الذي دفعها لخوض غمار العمل السياسي ومواجهة حزب العمال الذي انتمت إليه سابقاً، ومواجهة ممثله في انتخابات مجلس العموم البريطاني، المقررة غداً الخميس. وتنوشكا مرح مرشحة لتمثيل هوف وبورتسليد في البرلمان البريطاني، واستبقت إعلان رئيس الحكومة ريشي سوناك عن موعد الانتخابات التشريعية، الذي فاجأ الجميع في بريطانيا، بمباشرة نشاطها لخوض الانتخابات، التي كان موعدها الأصلي مقرراً نهاية 2024 أو مطلع عام 2025 وليس منتصف العام الحالي. وجاء حراك تنوشكا مرح الانتخابي، بموجب ترشيحها من مجموعة من الحركات السياسية الشعبية الناشطة في برايتون خلال اجتماع في شهر فبراير/شباط الماضي، لتكون الشخصية الممثلة لتقاطع نضال هذه الحركات معاً من أجل وضع حد للإبادة في غزة. حظيت حملة ترشيح تنوشكا مرح بدعم كل من حركة التضامن مع فلسطين في برايتون، وحركة "كويرز لأجل فلسطين"، وحركة "غرين نيو رايزنغ" وهي حركة بيئية ناشطة من أجل تحقيق اتفاق بيئي جديد لضمان تحقيق مساواة اجتماعية، بالإضافة إلى الحصول على دعم من نقابات محلية ووطنية، وشخصيات سياسية مثل جيرمي كوربين والمخرج البريطاني كين لوتش. كما أعلنت حملة "الصوت المسلم" دعمها لها وهي حملة دعت إلى توحيد أصوات المسلمين في هذه الانتخابات.


تنوشكا مرح: أنا جزء من حركة بدأها القيادي الحقيقي جيرمي كوربين

تنوشكا مرح في الانتخابات

التقت "العربي الجديد" تنوشكا مرح الفلسطينية أردنية الأصل، بريطانية المولد، على هامش لقاء انتخابي حيث حَضَر العديد من الممثلين عن الحركات الداعمة لها، مقررين التجنّد في العمل ضمن حملتها للوصول إلى مجلس العموم البريطاني، كونها مرشّحة مستقلة من دون حزب. واعتبرت تنوشكا مرح لـ"العربي الجديد" أن هذه الحركات أصبحت بيتها، مشيرة إلى أن "الحملة الانتخابية تعمل بشكل رائع والناس يتفاعلون بشكل ايجابي، وهي حملة تعتمد على العمل الشعبي ومصنوعة من الناس أنفسهم وفيها العديد من القادة الذين يعملون ويقودون العمل، وبالنسبة لي هذا هو تعريف القائد". وأضافت في حديثها "أنا جزء من حركة بدأها القيادي الحقيقي جيرمي كوربين، وكلّي فخر أن أكون ضمن هذه الحركة التي تجمع العديد من التوجهات والأشخاص والقادة". وقصدت تنوشكا مرح بذلك مجموعة من المرشحين المستقلين الذين كانوا ضمن حزب العمال، وقرروا الترشح بصفة مستقلين بسبب موقف الحزب بقيادة كير ستارمر المنحاز لإسرائيل في ظل الإبادة الجماعية الحاصلة في غزة. وتمثل تنوشكا مرح بذلك جزءاً من قرارات اتخذتها مجموعات مختلفة ناشطة في حركة التضامن مع فلسطين في بريطانيا. أحدثت مواقف حزب العمال وزعيمه خلال الأشهر الأخيرة، الكثير من الانشقاقات في صفوف الحزب الذي رفض التصويت على وقف إطلاق النار في غزة، داخل البرلمان خلال الأشهر الأولى من الحرب على القطاع. وفقط لاحقاً وبشكل متذبذب تبنّى الحزب وقف إطلاق النار، مما دفع عشرة نواب في البرلمان إلى الاستقالة من الحزب، وآخرين في مجالس محلية وأعضاء عديدين، في الوقت الذي عمل فيه زعيم الحزب على إقصاء عدد من الأصوات داخل الحزب اليسارية المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني.

حملة المرشحة تنوشكا مرح في برايتون، يوليو 2024 (العربي الجديد)
ملصقات انتخابية لتنوشكا مرح في برايتون، يوليو 2024 (العربي الجديد)

موقف بيتر كايل، النائب عن حزب العمال في دائرة تنوشكا مرح الانتخابية، برفض التصويت على وقف إطلاق النار، جعل مكتبه في هوف (دائرة انتخابية واحدة في منطقة برايتون أند هوف) نقطة احتجاج على الحرب على غزّة ضد موقفه المنحاز لإسرائيل. على مدار أشهر، تظاهر الناشطون في المدينة في أكثر من 15 مناسبة أمام مكتبه، خصوصاً في الأيّام التي سبقت التصويت في البرلمان على وقف إطلاق النار، كما أطلقوا حملة للاتصال بمكتبه للضغط عليه وعريضة وقّع عليها المئات، لكن من دون استجابة. كايل ممثل حزب العمال عن هذه الدائرة منذ عام 2015، بات نائب رئيس مجموعة أصدقاء إسرائيل داخل حزب العمال، وشغل أكثر من منصب وزاري في حكومة الظل للحزب، وأصبح من الشخصيات المقرّبة من زعيم الحزب، ومرشحاً لشغل منصب وزاري في الحكومة المنبثقة من انتخابات الغد، المتوقع فوز العمال فيها، بحسب معظم استطلاعات الرأي. لكن بالنسبة لحملة تنوشكا مرح لن تكون هذه الانتخابات سهلة لكايل، إذ ذكرت مرح أن "بيتر كايل أخذ أغلبية مطلقة في الانتخابات السابقة وهو يعتقد أن بإمكانه الجلوس ويحصل على هذا الدعم مجدداً لأن الناس مستاءة من المحافظين"، في إشارة إلى كونه نائب الرئيس لمجموعة أصدقاء إسرائيل داخل حزب العمال. وبالنسبة إلى تنوشكا مرح فإن ما يمكن رؤيته هو "كمية الأطفال الذين استهدفتهم إسرائيل، هذا يجعل إسرائيل دولة إرهابية. وإذ أنت في حزب العمال معجب بإسرائيل فأنت معجب بمنظمة إرهابية". وأضافت أنه "بغض النظر عن كيف يتم التعريف الرسمي للإرهاب، أنا أعرّفه على أنه استهداف المدنيين بآلافهم، ونحن نتحدث عن رجال ونساء وأطفال، وبشكل خاص الأطفال الذين يتم استهدافهم وهم مستقبل فلسطين... وأيضاً التطهير العرقي وازاحة الناس من منازلها بشكل قسري". ولفتت تنوشكا مرح إلى أنه كانت هناك "فرص للدعوة لوقف إطلاق النار، وفرصة لعدم إرسال أسلحة لإسرائيل لكنه (كايل) يريد ذلك، ويريد دعماً من المصوتين على ذلك، لذلك كان يجب علي أن أترشّح". وأضافت: "تمت دعوتي للترشح ولبّيت الدعوة. هذه المرحلة الوطنية ضمن الانتخابات العامة تتطلب أشخاصاً عليهم الاتحاد أمام هؤلاء الواقفين على دماء الآخرين".


مرح: سيكون من المعيب استخدام غزة فقط لجلب الأصوات

وكشفت تنوشكا مرح أنها لم تخطط في حياتها للمنافسة على مقعد نيابي في البرلمان، فهي عاملة في مجال التمثيل والمسرح والإخراج ولديها سجل حافل في ذلك، إذ فازت بجائزة "يونغ فيك" لأفضل مخرجة شابة في عام 2002، وفازت شركتها بجائزة برايتون فرينج للمسرح في عام 2017 عن فيلم أغاميمنون. وعملت مديرة في شركة شكسبير الملكية، وجالت مع شركتها في العديد من مسارح بريطانيا. كما شاركت تنوشكا مرح في مهرجانات دولية في أوروبا وقامت بجولات واسعة في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من الدعم الذي حصلت تنوشكا مرح عليه، وازدياد عدد المتطوعين العاملين في حملتها، إلا أنها واجهت تحديات متعلقة بخوضها انتخابات لأول مرّة في ظل حالة سياسية في بريطانيا متجهة نحو استبدال حكم المحافظين بحكومة جديدة بقيادة حزب العمال. وتصدرت قضايا الاقتصاد والضرائب والخدمات الصحية والتعليمية، أولويات الناخب البريطاني، رغم وجود أغلبية شعبية في البلاد ضد الحرب على غزة.

أنصار تنوشكا مرح في برايتون، يوليو 2024 (العربي الجديد)
تنوشكا مرح خلال تجمع انتخابي في برايتون، يوليو 2024 (ربيع عيد)

غزة غيّرت حياة تنوشكا مرح

وحول ذلك قالت تنوشكا مرح إنه "سيكون من المعيب استخدام غزة فقط وسيلةً لجلب الأصوات خصوصاً لشخص مثلي لم يخطط مسبقاً أن يكون نائباً". وأوضحت أن غزة غيّرت حياتها و"قلبت الطريقة اللطيفة في العيش التي كانت تعيشها قبل الحرب. هناك شعور لديّ أنا الفلسطينية التي نشأت هنا، بالذنب لكون حياتنا هنا جيدة جداً مقارنة بما كان ممكناً لو ولدت في فلسطين. هذا دفعني للتحرّك، لكن أنا أيضاً أقف من أجل المساواة هنا". ورأت تنوشكا مرح أن الوقوف لأجل غزة هو قضية مرتبطة مع قضايا عديدة في الانتخابات، ومنها عدم المساواة في توزيع الموارد على الناس. وقالت: "في كل مرة أرى شخصا مشرّدا أزداد إيماناً بأن هذا البلد يستطيع توفير منزل لهذا الشخص، كل مرة أرى مواعيد الانتظار في هيئة الخدمات الصحية أعرف أنه يوجد أموال يمكن أن توفر الاحتياجات المطلوبة. النظام التعليمي استُهلك والمعلمون لا يتلقون رواتب كافية. المناخ يتم تخريبه. حقوق العمال مهدورة. كل هذا مهم بشكل متساو ومترابط مع بعضه البعض". وأضافت تنوشكا مرح: "نسرق أموالاً لدعم أنظمة تجوّع الأطفال في فلسطين وفي اليمن، فيما نقول إنه لا توجد لدينا وجبات طعام كافية للأطفال في المدارس. نحن نتعامل مع أبشع صور الرأسمالية".

في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، جاء ناشطون لدعمها في حملة طرْق أبواب المنازل المستمرة، كان بينهم الكاتب الصحافي أوين جونز، الذي استقال أيضاً من حزب العمال، داعياً إلى دعم مرشّحين آخرين. في فيديو قصير نشرته على حساب حملتها على منصة إنستغرام، أشارت تنوشكا مرح إلى أن المحافظين سيحصلون على حصّة صغيرة من المصوتين، فيما ستكون الحصّة الكبرى للعمال، متسائلة "من سيحاسب حزب العمال في السلطة؟". ودعت إلى التصويت لها من أجل قضايا عديدة مهمة للناخبين ذكرتها في بيانها الرسمي في للحملة الانتخابيّة: الإسكان للجميع وبأسعار معقولة، فرض ضرائب على الأغنياء لإنقاذ نظام الخدمات الصحيّة، العمل بحالة طوارئ لإنقاذ المناخ، دعم حقوق العمال ورفع الحد الأدنى للأجور، وبالطبع وقف تمويل الحروب وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.