"تنظيم" وزارة الخارجية الأميركية تستبطن إعادة توجيه دورها

23 ابريل 2025
ترامب ووزير خارجيته في واشنطن 14 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو عن خطة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية لتقليص البيروقراطية وزيادة الكفاءة، متماشية مع سياسة الرئيس ترامب لتقليص الوظائف والنفقات.
- تشمل الخطة إغلاق قسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتقليص عدد القنصليات والسفارات في أفريقيا، وتسريح 15% من الموظفين، مع خفض موازنة الوزارة بنسبة 50%.
- تتزامن التغييرات مع توجه إدارة ترامب نحو إبرام الصفقات بدلاً من الدبلوماسية التقليدية، مما يعكس تفضيل ترامب للصفقات على الدبلوماسية في إعادة تنظيم الوزارة.

أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو، الثلاثاء، عن خطته لتحجيم "البيروقراطية المنتفخة" في وزارته، كاشفاً في بيان عن إعادة هيكلة تطاول جهاز الخارجية بمختلف أقسامه ومراتبه، إما بالتسريح، وإما بالإقفال، أو الدمج. وكان ذلك متوقعاً في جزء من سياسة اعتمدها الرئيس دونالد ترامب من البداية لتقليص الوظائف ونفقاتها في مؤسسات الدولة "ورفع الكفاءة في العمل وتسريع إنجاز المعاملات" فيها. لكن حيثيات الخطوة واستهدافاتها لمواقع وأقسام محددة في الوزارة، تبدو وكأنها تنطوي على ما هو أبعد من عملية هيكلة إدارية، لتطاول دور الوزارة الدبلوماسي وتوجهات السياسة الخارجية لإدارة ترامب.

ومن أبرز الاستهدافات كان قسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، الذي تقرر إقفاله بحجة أنه أشبه بمجمّع "لنشطاء اليسار والليبراليين" الذين يستخدمونه لممارسة "للانتقام من المحافظين". كذلك تقرر إقفال عدد من القنصليات والسفارات "في القارة الأفريقية، إضافة إلى تقليص الأقسام في الوزارة من 734 إلى 602 بما يعادل 18%، إلى جانب تسريح حوالي 15% من جهاز الوزارة؛ الذي يضم حوالي 30 ألفا، منهم 14 ألف دبلوماسي محترف والباقي يعمل في الأقسام الادارية.

وفي الخطة، سيجري خفض موازنة الخارجية للسنة المالية القادمة بنسبة 50% (موازنتها لهذه السنة 58 مليار دولار). بالأرقام لا يشكل الخفض المتوقع شيئاً يذكر بالنسبة لمقدار العجز السنوي في الموازنة. وبالتالي فإن الحيثية المالية لتبرير الخفض في الوزارة لا تستقيم. كما لا يستقيم تشديد الإدارة على الدبلوماسية لحل النزاعات الدولية، في الوقت الذي تعمل فيه على تقليص ماكينتها الدبلوماسية وتحويل سياستها الخارجية إلى عملية "تبادل الامتيازات والخدمات"، وفي الواقع، فإنها ليست بعيدة عن هذا التوصيف. وعود أو تلميحات إيران بعقد صفقات دسمة مع الشركات الأميركية بعد التوصل الى اتفاق، ربما يكون قد لعب دوره في وضع المفاوضات على "الطريق السالكة". فالتوقعات أن هذا الأسبوع قد يشهد قفزة إضافية في هذا الاتجاه، سواء في لقاء الفريق التقني غداً الأربعاء أو في الجولة الثالثة المقرر عقدها في مسقط السبت القادم. الرئيس ترامب يبدو أنه أقرب إلى المراهنة على هذا الخيار بالرغم من استمرار حشده للقوات الأميركية في المنطقة. صقور المحافظين "صاروا أقل حماساً لحروب الخارج". المضاعفات مكلفة وليس أقلها جنون أسعار النفط لو وقعت المواجهة. بعض الأصوات التي كانت تدفع باتجاه "تغيير النظام في طهران"، غابت تقريباً عن التداول. مثل هذا الخيار غير راجح في حسابات الرئيس ترامب الذي شدد تكراراً على حل سلمي. ثم إن تداعيات حرب العراق وتغيير نظامه "ما زالت ماثلة"، بحسب دان كولدويل، مساعد وزير الدفاع الذي تمت إقالته قبل يومين بتهمة "تسريب معلومات حساسة"، رغم أنه نفى ذلك.

وبالمناسبة تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع ما زالت تعيش حالة فوضى وتخبّط بسبب الهفوات التي ارتكبها الوزير بيتر هيغسيث، والتي كررها أمس، حين تبيّن أنه تحدث للمرة الثانية عن أمور حساسة مع أفراد عائلته، من هاتفه الخاص وبما تسبب بورطة للبيت الأبيض الذي تمسك به وأنقذه من خسارة موقعه. وربما تكون هذه البلبلة في البنتاغون قد ساهمت في النأي عن الخيار العسكري في الوقت الحاضر وبالتالي تعزيز خيار الصفقة مع إيران. وهو ما ينسجم مع مقاربة الرئيس ترامب للتعامل مع القضايا الخارجية. وهي تتجلى أيضا في دوره لوقف حرب اوكرانيا التي بدأها بصفقة المعادن مع هذه الأخيرة.

في قاموس ترامب لا حاجة للدبلوماسية بقدر الحاجة للخبرة في "فن إبرام الصفقة". وإعادة "تنظيم" وزارة الخارجية والتي عرضها أمس الوزير روبيو، تتوآم مع اعتماد هذا التوجه. وكان من اللافت أن روبيو تولّى الإعلان عن الجديد في وزارته وليس إيلون ماسك المفترض أن يعلن عنها باعتباره المشرف العام على عملية الهيكلة الجديدة في الإدارات، فالكيمياء بينهما مفقودة.