تنسيقيات "حراك 25 يونيو" الداعم لسعيد: حراك عفوي أم فصيل سياسي جديد؟

تنسيقيات "حراك 25 يونيو" الداعم لسعيّد: حراك عفوي أم فصيل سياسي جديد؟

08 اغسطس 2021
تتعدد الهياكل التي تدعي قربها من الرئيس سعيد وحملها لواء مشروعه السياسي (Getty)
+ الخط -

فوجئ التونسيون، يوم 25 يوليو/ تموز، بالاحتجاجات المطالبة بحل البرلمان وإسقاط الحكومة، والتي كانت منسقة بإحكام في مختلف محافظات البلاد، وتبرأت الأحزاب منها، حتى المعارضة، ليتفاعل معها الرئيس قيس سعيّد مساء معلناً "الخطر الداهم" الذي يتطلب إجراءات استثنائية.

ودعت القيادية في المجلس الأعلى لحراك 25 يوليو، نصاف المامي، خلال مؤتمر صحافي أمس السبت في العاصمة، إلى "حلّ البرلمان نهائيا والدعوة إلى استفتاء وانتخابات مبكرة، ورفض الحوار والعودة إلى المنظومة القديمة، والدعوة إلى محاسبة كل الأطراف التي أجرمت في حق الوطن"، حسب تعبيرها.

كما دعت إلى استحداث نظام سياسي وانتخابي جديد، وتحقيق المطالب والشعارات التي رفعها الشباب في حراك 25 يوليو.

وتتعدد التنسيقيات والهياكل والشخصيات التي تدعي قربها من الرئيس سعيد وحملها لواء مشروعه السياسي الجديد، وكذلك ادعاء أنها كلها حراك 25 يوليو، في وقت يتواصل الغموض عن هذه الكيانات وعلاقتها فعلا بالرئيس.

ويتساءل التونسيون عن طبيعة تنظيم هذه الاحتجاجات وتمويلها وتنسيقياتها في مختلف الجهات والمناطق، بعد أن أظهرت جانبا تنظيميا وتنسيقا لافتا، بانطلاقها في نفس التوقيت ظهرا يوم 25 يوليو للتظاهر من أمام مقار المحافظات بمختلف الجهات. 

ويؤكد نشطاء ومتظاهرون كثيرون ضمن التحركات الاحتجاجية الأخيرة علاقتهم بالرئيس التونسي قيس سعيد ومساندتهم مشروعه السياسي، وعلاقة بعضهم به خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في 2019 وحتى قبلها، مشككين في بقية المجموعات التي تدعي نفس العلاقة وتحمل نفس الاسم.

وتحدث أحمد شفطر، أحد منسقي "حراك 25 يوليو"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بصفته "أحد أعضاء فريق مشروع الأستاذ قيس سعيّد منذ 2011، ومن النشطاء المقربين منه، ومتطوع في الحملة التفسيرية الرئاسية في 2019 في جانبيها الفكري والعملي"، على حد تعبيره.

وبين شفطر أنه تم "التجييش لتحركات 25 يوليو"، مؤكدا أن برنامجهم يتمثل في "ثورة عبر الشرعية"، قائلا: "ما يهمنا هو مصلحة البلاد". وأضاف: "نحن كنا وراء صعود الأستاذ (سعيد) للسلطة، ونحن نشتغل على جملة من المحاور، ومجموعاتنا تعمل بعيدا عن الأضواء ولا يهمنا الظهور".

وفسّر المتحدث طريقة تنظيمهم قائلا: "إننا ضد ثلاثة أشياء، وهي الوصاية على أبناء الشعب بقدر ما نحن مجموعات تفكير وعمل نضع طاقاتنا على ذمته، ثم نحن ضد الوساطة بين الحكم والمحكوم، ونريد أن نجسد فكرة الشعب صاحب السيادة وصاحب القرار، وبالتالي لا نطرح أنفسنا بديلا للحكم، وثالثا نحن ضد الامتيازات لأننا نرى أن من يريد إدارة الشأن العام يجب أن يكون وطنيا ويتوفر فيه الحد الأدنى من الكفاءة والمسؤولية، وبالتالي لا تعطى له امتيازات لأنها اقتطاع من مقدرات الشعب".

وعن شكل التنظيم الهيكلي للجسم السياسي الداعم لسعيد، قال شفطر: "نحن مجموعات تفكير وعمل نطرح تصورا وفكرا جديدا وفلسفة أخرى، وهو بديل عن عصر قديم قد يتهاوى بمختلف مكوناته".

وتابع أحد منسقي "حراك 25 يوليو": "لسنا مع التنظيمات الكلاسيكية ولا نتنظم حزبيا ولا نتنظم داخل جمعيات، بل ندعو للتنظم الذاتي بآليات تسمح للناس أن تفرز فيما بين بعضها وتنتخب الأصدق".

وشدد المتحدث: "لن نتنظم في حزب ولا في جمعيات، فلسنا تنظيما كلاسيكيا، نحن قادمون من خارج المنظومة ونحن نتشكل مواطنيا، وفق القانون الانتخابي الذي نقترحه للناس"، لافتا: "لدينا تصور جاهز لقانون انتخابي ونظام سياسي ونظام حكم تونسي صرف بآليات جديدة توافق تطورات الواقع التونسي".

وبين شفطر: "نحن متشكلون في مجموعات تفكير في جميع جهات البلاد، وليس لدينا زعيم أو من ينوب عن الزعيم، ونحن لا نبيع الانخراطات، بل نحن أبناء هذا الشعب نقترح منظومة جديدة لإصلاح وضع هذا الشعب"، مشيرا إلى أن "التنسيق بينهم يحدث عبر منصات التواصل الاجتماعي وبشكل مباشر".

وبين المتحدث: "مشاريعنا جاهزة حتى قبل 2019 (الانتخابات)، وتتمثل في تلك المنصات المعدة التي يتحدث عنها الأستاذ (سعيد)، والتي تطلق كلما سنحت الفرصة، مثلا قانون الصلح الجزائي هو جاهز منذ 2012 وفق تقرير لجنة تقصي الحقائق، وقدرنا أنها أموال الشعب المنهوبة، والتي يجب أن تعود لأصحابها وفق تصور الأكثر فسادا يستثمر في المناطق الأكثر فقراً وتضرراً".

وأضاف: "لدينا تصور لبناء نظام الحكم وفق قانون انتخابي جديد، وسيتم استفتاء لتشريك أبناء الشعب وفق الفصل 3 من الدستور على أساس تغيير النظام الانتخابي من خلال الاقتراع على الأفراد في أضيق الدوائر على مستوى العمادة، مع سحب الوكالة، وهو ما نعتبره بديلا للديمقراطية التمثيلية، وهي إحدى "الصواريخ الجاهزة" في المنصات التي تنتظر إطلاقها".

وأشار في هذا السياق قائلاً: "لدينا مشروع نظام سياسي جديد جاهز منذ سنوات، ونحن نسير لسلط تشريعية فيها تمثيلية لكل المعتمديات (الدوائر السكنية) حتى يصبح المجلس التشريعي ممثلا لكل المعتمديات وللتونسيين في الخارج، ويتم انتخاب رئيس يعين رئيس حكومة بعد موافقة البرلمان".

وبين أن "النظام السياسي يبنى من تحت إلى فوق، عكس ما فعله غيرنا سابقا، ونحن نريد تجسيد إرادة الشعب ولا نريد الحكم، ونريد بناء مواطن فاعل يتمتع بسلطة القرار وهو يشبه نوعا ما النظام في سويسرا وإيرلندا".

وشدد على أنه "ليس نظاما رئاسيا ولا برلمانيا بالمعنى الكلاسيكي، هو نظام يشبه النظام الفيدرالي، وهو ما سنوضحه بعد الاستفتاء على تغيير النظام السياسي".

وأكد شفطر أنهم "على تنسيق مع الرئيس والقصر الرئاسي"، مؤكدا أنه لديهم عهدة و"الرئيس يشتغل في مهامه وسيحاسب كرئيس دولة، ونحن نشتغل في حملات تفسيرية متطوعين في الجهات ونناقش الناس ونوضح، ولكن لا نقترب من السلطة".

وعن إمكانية تنظيم احتجاجات هذه الفترة، قال: "لا نرى أي مبرر للتظاهر والضغط الآن، خاصة عندما رأينا أن السلطة بدأت تقترب من مصالح الشعب"، مشيرا إلى أنه "لدينا ثقة كبيرة في الأستاذ (سعيد) لأنه على العهد".

دلالات

المساهمون