استمع إلى الملخص
- أجبرت السلطات الإسرائيلية الأسرى الفلسطينيين على ارتداء سترات تحمل عبارات تهديدية وصورتهم في أوضاع مهينة، مما أثار مشاهد مؤثرة عند وصولهم إلى غزة حيث أحرقوا هذه السترات.
- انتقدت ممارسات إسرائيل تجاه الأسرى الفلسطينيين داخلياً ودولياً، ووصفت بأنها "غبية" و"غير مسؤولة"، مما يضع إسرائيل في موقف محرج ويؤثر على معاملة الأسرى الإسرائيليين.
إدارة سجون الاحتلال صورت الأسرى بوضعيات مهينة
حماس وسرايا القدس ومؤسسات فلسطينية تندد بالوحشية الإسرائيلية
انتقادات إسرائيلية حادة للخطوة المهينة خوفاً على المحتجزين في غزة
على عكس الحالة الصحية والبدنية الجيدة التي تظهر على الأسرى الإسرائيليين لدى إطلاق سراحهم من قبل المقاومة الفلسطينية، يبدو المشهد على الجانب الفلسطيني مختلفاً تماماً، كما تشير الحالة الصعبة والقاسية التي ظهر فيها الأسرى الفلسطينيون المطلق سراحهم اليوم السبت، وفي كل الدفعات الخمس السابقة.
وأطلق الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت سراح 369 أسيراً فلسطينياً بينهم 36 من الضفة، و333 اعتقلوا من قطاع غزة خلال حرب الإبادة، فيما أفرجت المقاومة الفلسطينية عن ثلاثة محتجزين إسرائيليين ضمن الدفعة السادسة من صفقة التبادل التي أبرمت بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وفيما لم تغفل المقاومة بعض الخطوات الإنسانية تجاه الأسرى لديها، مارس الاحتلال الإسرائيلي أصنافاً من التعذيب الجسدي والنفسي بحق الأسرى الفلسطينيين حتى اللحظة الأخيرة قبل خروجهم من سجون إسرائيلية ارتكبت فيها فظائع طيلة فترة الحرب وما بعدها.
وظهر الأسرى المحررون إلى قطاع غزة اليوم وقد أجبرتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ارتداء ستر كتب عليها عبارات تهديد مفادها "لن ننسى ولن نغفر"، مع تصويرهم بوضعيات مهينة قبل خروجهم من السجن. ولدى وصولهم بحافلات إلى القطاع المحاصر سارع الأسرى إلى خلعها وإحراقها.
أجبروهم على لبسها قبل الإفراح عنهم
— محمد سعيد 🇵🇸 (@MhmedPs) February 15, 2025
وبعد أن خرجوا أحرقوها أمام الكاميرات #غزة_محور_الكون pic.twitter.com/ISlkY7MNx2
وفي مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع في منصة إكس، ظهر أحد الأسرى من نافذة الحافلة لدى وصولها قطاع غزة، وهو يبكي بحرقة، ويقول: "قطعوا رجلي في السجن. لا أصدق أنني في غزة. لا أصدق أن فيها ناس أصلاً. كانوا يقولون لنا إن غزة انتهت. حتى أمس كانوا يقولون لنا غزة انتهت". وأضاف بمشاعر ممزوجة بالفرح: "تحيا فلسطين. كسرنا شوكة إسرائيل". ومضى قائلاً وقد اختلط كلامه مع البكاء: "الأسرى يذوقون جميع أنواع التعذيب. ذقنا جميع أنواع التعذيب والإهانات. بقنابل الصوت وغاز الفلفل".
هذا هو عدوُّنا!
— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) February 15, 2025
قطعوا رِجله للتَّسلية!
نحن نتعامل مع أقذر مجموعة بشريَّة في التَّاريخ pic.twitter.com/9pDxqjsUvE
وأفاد مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس، في بيان، بوصول الأسير المحرر نادر جمال حسين من مخيم جباليا إلى المستشفى الأوروبي بخانيونس عبر مركبة إسعاف. فيما ظهرت علامات جروح وكدمات على وجه المحرر حسين، وأنحاء متفرقة من جسده، ولم يكن قادراً على الوقوف على قدميه إضافة إلى خسارته وزنه بشكل كبير، بحسب مصادر طبية تحدثت لوكالة الأناضول.
وأدانت حركة حماس، في بيان، وضع إسرائيل شعارات عنصرية على قمصان أجبرت أسرى فلسطينيين على ارتدائها قبل الإفراج عنهم من داخل السجون. وقالت في بيان: "ندين جريمة الاحتلال بوضع شعارات عنصرية على ظهور أسرانا الأبطال، ومعاملتهم بقسوة وعنف، في انتهاك فاضح للقوانين والأعراف الإنسانية، في مقابل التزام المقاومة الثابت بالقيم الأخلاقية في معاملة أسرى العدو".
وبثت هيئة البث العبرية الرسمية، صوراً للأسرى وهم يرتدون قمصاناً بيضاء طُبع عليها "نجمة داود" وشعار مصلحة السجون، إلى جانب عبارة "لا ننسى ولا نغفر" من كلا الجانبين. وبعدما أجبرت الأسرى على ارتداء تلك القمصان، التقطت إدارة السجون صوراً لهم بشكل مهين من ظهورهم بعدما أُجبروا على الجثو على ركبهم وإنزال رؤوسهم للأسفل، بينما جرى تصوير لقطات أخرى من داخل ساحة أحد السجون الإسرائيلية حيث كان الأسرى يصطفون في طوابير محاطين بالأسلاك الشائكة.
وتعليقاً على الصور الصادمة، قال نادي الأسير الفلسطيني: "في إطار عمليات الإرهاب المنظم الذي يمارسه الاحتلال بحق الأسرى المحررين وعائلاتهم، لم تترك منظومة الاحتلال أي أداة إذلال وتنكيل وتعذيب إلا واستخدمتها". وأضاف: "الاحتلال لم يكتف بجرائمه ضد الأسرى، بل مارس إرهاباً منظماً ضد عائلاتهم عبر التهديدات والاعتقالات والقتل، إضافة إلى اقتحام المنازل وتخريبها". وحول وضعهم الصحي، أشار النادي إلى أن معظم الأسرى المحررين يعانون مشكلات صحية، ما استدعى نقل العديد منهم إلى المستشفيات، نتيجة ما تعرضوا له من انتهاكات.
بدورها أكدت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، السبت، أن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين يُظهر التزام الفصائل الفلسطينية بحسن معاملتهم، بينما تواصل إسرائيل "التفنن في قهر وتعذيب الأسرى الفلسطينيين والتنغيص على فرحتهم بالحرية".
سرايا القدس: العدو يتفنن في تعذيب الأسرى
من جانبه، قال متحدث "سرايا القدس" أبو حمزة، في منشورات عبر منصة تليغرام: "المقاومة الفلسطينية، وهي تُفرج اليوم عن عدد من أسرى العدو، لتؤكّد مدى حُسن المعاملة مع أسراهم لديها، بينما العدو يتفنّن في قهر وتعذيب أسرانا والتنغيص على فرحتهم بالحرية". وأشار إلى أن "إجبار الاحتلال للأسرى الفلسطينيين على ارتداء ملابس مكتوب عليها (لن ننسى ولن نغفر)، إضافة إلى مشاهد أوضاعهم الصحية المتدهورة بعد الإفراج عنهم، لا يحمل إلا الحقيقة التي لا يراها العالم الظالم، وهي وحشية العدو الصهيوني وقبح معاملة سجانيه لأسرانا". وأضاف أبو حمزة: "الفرق واضح وكبير بين معاملة المقاومة لأسرى الاحتلال ومعاملة الاحتلال لأسرى شعبنا الحر".
انتقادات في إسرائيل تجاه الخطوة خوفاً على معاملة المحتجزين في غزة
ووصفت أصوات بإسرائيل نشر إدارة السجون لديهم صوراً "مهينة" لأسرى فلسطينيين بأنه قرار "غبي" و"غير مسؤول"، وفقاً لـ"الأناضول". لكن هذه الأصوات لم تنطلق في انتقاداتها من الدفاع عن إنسانية الأسرى الفلسطينيين، بل بدافع القلق من أن تؤدي هذه الخطوة إلى انعكاسات سلبية على الأسرى الإسرائيليين في غزة.
ووصفت صحيفة هآرتس اليسارية الخاصة الخطوة بأنها "تصرف غبي وغير مسؤول قد ينعكس سلباً على الأسرى الإسرائيليين في غزة". وأضافت الصحيفة: "من غير المفهوم كيف اتخذت مصلحة السجون هذا القرار الذي يضع إسرائيل في موقف مُحرج".
من جانبه، وجّه الصحافي الإسرائيلي أليفور ليفي انتقادات لاذعة إلى إدارة السجون، قائلاً: "يبدو أن مصلحة السجون ومفوضها كوبي يعقوبي، ما زالا يعملان لصالح (إيتمار) بن غفير"، في إشارة إلى وزير الأمن القومي اليميني المتطرف السابق. وفي منشور عبر "إكس"، أضاف ليفي: "هذا تصرف غبي وساذج لا يخدم سوى أجندة سياسية ضيقة". بدوره، قال العميد الإسرائيلي المتقاعد آفي بنياهو إن ما حدث يعكس "فشلاً مهنياً ذريعاً".
واعتبر أنّ "هذا ما يحدث عندما لا يكون هناك جهاز إعلام وطني محترف وفعال، ولا يوجد تنسيق واضح بين المؤسسات المختلفة". وادعت هيئة البث الإسرائيلية أن قرار إجبار الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم على ارتداء قمصان "تحمل شعارات مثيرة للجدل اتُّخذ من دون علم القيادة السياسية".
وأضافت أن هذا "القرار أثار انتقادات داخل الحكومة، حيث اعتُبر تصرفاً إشكالياً قد يُلحق ضرراً بصورة إسرائيل الدولية". ونقلت الهيئة عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" من دون الكشف عن هويتها، أن القرار صدر بتوجيه مباشر من مفوض مصلحة السجون كوبي يعقوبي الذي أمر بتغيير الملابس التي تُمنح للأسرى الفلسطينيين عند الإفراج عنهم.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُصدر فيها يعقوبي قرارات مماثلة، إذ سبق لمصلحة السجون، خلال الدفعة الرابعة من صفقة التبادل قبل أسبوعين، أن أجبرت الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم على ارتداء أساور تحمل عبارة باللغة العبرية والعربية: "الشعب الأبدي لا ينسى، سألاحق أعدائي وأهزمهم"، إلى جانب شعار مصلحة السجون والعلم الإسرائيلي. وأشارت هيئة البث إلى أن هذه الممارسات قد تأتي بنتائج عكسية، إذ "تعزز الجدل الدائر حول أساليب التعامل مع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية". وأضافت أن هذه الممارسات "قد تُضعف موقف إسرائيل في المحافل الدولية، خاصة في ظل التدقيق المتزايد على ممارساتها خلال تنفيذ صفقة تبادل الأسرى".