تنامي قدرات الصين العسكرية يثير مخاوف "ناتو"

11 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 04:09 (توقيت القدس)
مناورات للجيش الصيني في غانسو، 20 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حذر الأمين العام لحلف "ناتو" من القوة العسكرية المتزايدة للصين وتحالفها مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية، مشيراً إلى ضرورة تعزيز شراكات الحلف في المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة التحديات.
- تعارض الصين توسع "ناتو" في آسيا والمحيط الهادئ، مؤكدة رفضها لوجود الحلف في المنطقة ونفيها تقديم دعم عسكري لروسيا، بينما يسعى "ناتو" لتعزيز التعاون مع حلفائه هناك.
- في قمة واشنطن 2024، أعلن "ناتو" عن جبهة موحدة ضد روسيا والصين، مع جهود لدمج دول آسيوية في الحلف، مما أثار غضب الصين.

في خضم التوترات المتصاعدة بين الصين وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، حذّر الأمين العام للحلف مارك روته، أمس الأول الاثنين، من القوة العسكرية المتنامية للصين وتحالفها الوثيق مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية، وقال إنه يجب على "ناتو" أن يعمل على تطوير شراكاته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة التحدي الذي تشكله بكين. وأدلى روته، بتصريحاته في تشاتام هاوس في لندن، تزامناً مع المفاوضات التجارية على المستوى الوزاري بين الولايات المتحدة والصين في المدينة، مشيراً إلى أن "ما نراه في الوقت الراهن هو تعزيز هائل لقدرات الصين العسكرية". ولفت إلى أن الصين تمتلك بالفعل أكبر بحرية في العالم، ومن المتوقع أن تنمو هذه القوة القتالية إلى 435 سفينة بحلول عام 2030. وأضاف أن الصين تعمل أيضاً على تعزيز ترسانتها النووية، وتهدف إلى امتلاك أكثر من ألف رأس نووي جاهز للاستخدام بحلول عام 2030. ووصف روته تحالف الصين مع روسيا وكوريا الشمالية وإيران بأنه "رباعية فظيعة حقاً"، واستشهد بدعم الصين المزعوم للغزو الروسي لأوكرانيا. وقال "إنهم يدعمون، كما نعلم جميعاً، المجهود الحربي الروسي ضد أوكرانيا"، مؤكداً أن روسيا تعيد تشكيل قواتها باستخدام التكنولوجيا الصينية.


لين تشين: حلف الأطلسي يعمل منذ سنوات على توسيع تعاونه مع حلفائه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ

قوة الصين العسكرية المتنامية

وناقش روته أيضاً منطقة المحيطين الهندي والهادئ في ظل القوة العسكرية المتنامية للصين. وقال في هذا الصدد: "لا يمكننا أن نتصور وجود مسرح واحد، وهو المسرح الأوروبي الأطلسي، علينا أن ندرك أن كل هذا مرتبط بما يحدث في المحيط الهادئ. وأضاف أن شركاء الغرب في المنطقة، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، قلقون حقاً بشأن ما يحدث في المحيط الهادئ. من جهتها، تُعارض الصين تطور علاقات "ناتو" مع دول المحيط الهادئ. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، قد ذكر في إفادة صحافية الأسبوع الماضي، أن بكين تُعارض بشدة توسع "ناتو" شرقاً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقال إن دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا ترحب بـ"إضفاء طابع آسيا والمحيط الهادئ على ناتو"، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ لا تحتاج إلى نسخة آسيا والمحيط الهادئ من "ناتو". أيضاً كانت الصين قد نفت مراراً الاتهامات بتقديم الدعم العسكري لروسيا. وقالت الخارجية الصينية إن بكين لم تقدم أبداً أسلحة فتاكة لأي من جانبي الصراع، فضلاً عن أنها فرضت رقابة صارمة على المواد ذات الاستخدام المزدوج.

وفي تعليقه على تصريحات روته، قال أستاذ الدراسات السياسية في معهد قوانغ دونغ، لين تشين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن حلف الأطلسي يعمل منذ سنوات على توسيع تعاونه مع حلفائه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وسط مخاوف مشتركة بين الأعضاء بشأن التهديد الذي يمثله تنامي القدرات العسكرية للصين. وأضاف أن اللافت في حديث روته دعوته إلى التنسيق للمساعدة في ضمان حصول الدول الأعضاء على إمدادات مستقرة من المواد الاستراتيجية، بما في ذلك المواد المستخدمة بإنتاج الذخيرة، فيما يستنكر سعي الصين إلى تطوير ترسانتها العسكرية في ظل التحديات والتهديدات الراهنة.


لي تشونغ: "ناتو" دأب خلال السنوات الأخيرة على تضخيم التهديدات العسكرية الصينية

من جهته، قال الباحث في الشؤون الدولية لي تشونغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "ناتو" دأب خلال السنوات الأخيرة على تضخيم التهديدات العسكرية الصينية، بما ينسجم مع الاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وأضاف أن الصين والدول الأعضاء في "ناتو" لديها أنظمة سياسية وقيم مختلفة، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون سبباً لقادة "ناتو" للتحريض على المواجهة مع بكين، معتبراً أن على المنظمة الدولية الالتزام بواجباتها وعدم التدخّل في شؤون منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وكذلك التدخّل في الشؤون الداخلية للصين، وعدم تحدي الحقوق والمصالح المشروعة لدول المنطقة. وحصل أول اشتباك بين بكين و"ناتو" في عام 2022، عندما حددت استراتيجية الحلف لذلك العام التعاون الصيني الروسي كتحدٍّ رئيسي، الأمر الذي أثار غضب بكين في حينه. أيضاً شهد العام الماضي تبادلاً للاتهامات بين الطرفين، حين صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي آنذاك، ينس ستولتنبرغ، بأن الصين أصبحت عاملاً حاسماً للصراع بين موسكو وكييف من خلال شراكتها "التي لا حدود لها" ودعمها واسع النطاق للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية.

"ناتو" يندد بالصين

كما أعلن حلف "ناتو" في قمة واشنطن في يوليو/تموز 2024 بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيسه، عن جبهة موحدة ضد روسيا والصين. وفي بيان مشترك، ندد قادة "ناتو" لأول مرة بدعم بكين لموسكو، وحثّوها على وقف جميع أشكال الدعم المادي والسياسي لها. ورداً على ذلك، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إن الصين لن تقبل "اتهامات لا أساس لها" وحث الحلف على عدم "التحريض على المواجهة" مع الصين أو التدخل في شؤونها الداخلية. أيضاً في قمة واشنطن، تم الكشف عن جهود قادة "ناتو" إلى جانب الولايات المتحدة لدمج أربع دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في إطار حلف الأطلسي، وقد صرح نائب وزير الخارجية الأميركي آنذاك، كيرت كامبل، بأن الولايات المتحدة تريد "إضفاء الطابع المؤسسي" على الشركاء الأربعة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ (اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية) في الحلف، في الوقت الذي تعيد فيه واشنطن تركيز اهتمامها على المنطقة. وهو الأمر الذي اعتبرته بكين دعوة لإنشاء نسخة آسيوية من الحلف في المنطقة. وبصفته أكبر وأقدم تحالف عسكري في العالم (1949)، يضم حلف "ناتو" 32 عضواً. وقد أُنشئ الحلف للدفاع الجماعي عن أوروبا عندما شكّل الاتحاد السوفييتي تهديداً. وأعادت حرب أوكرانيا تنشيط هذه المهمة، حين أعلن "ناتو"، بعد إعادة تنشيطه، أن روسيا تُشكّل أخطر تهديد مباشر، قبل أن تضيف الصين إلى القائمة.