تنافس أميركي صيني على حسم سباق مقاتلات الجيل السادس

24 ابريل 2025
ترامب يتحدث عن أف-47، واشنطن، 21 مارس 2025 (آنا مانيميكر/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في تطوير مقاتلات الجيل السادس الشبحية، حيث كشفت الصين عن طائرتها جي-36، بينما تواصل الولايات المتحدة تطوير أف-47 لتعزيز تفوقها الجوي.
- منحت الإدارة الأميركية شركة بوينغ عقداً لتطوير أف-47، مما يعكس التزامها بالحفاظ على تفوقها الجوي باستخدام تقنيات التخفي والذكاء الاصطناعي، وتعزيز القوة العسكرية الأميركية.
- جهود الصين في تطوير مقاتلات الجيل السادس تأتي ضمن خطة تحديث عسكرية شاملة، مما يشكل ضغطاً على الولايات المتحدة ويعزز سباق التسلح بين البلدين.

تتسارع، في الأشهر الأخيرة، وتيرة السباق بين الصين والولايات المتحدة للسيطرة على مستقبل الحرب الجوية مع كشف كل منهما عن خططه لإنتاج مقاتلات الجيل السادس الشبحية، جي-36 الصينية، وأف-47 الأميركية. وابتداءً من التاريخ الرمزي بالنسبة للصين، أي 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي، الذي صادف يوم ميلاد الزعيم الراحل ماو تسي تونغ (1893-1976)، تم تداول عدد من الصور ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت أظهرت على ما بدا نماذج أولية لطائرة حربية صينية من مقاتلات الجيل السادس تخضع للاختبارات (تشنغدو جي-36). وأثارت هذه الصور تساؤلات حول الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المقاتلات، التي لا تزال غامضة، في الحروب المستقبلية وكيف تنظر الصين إلى تطور الحرب الجوية في عصر الطائرات من دون طيار والذكاء الاصطناعي.

مقاتلات الجيل السادس

وذكرت وسائل إعلام صينية في حينه، أنه قد يكون نشر هذه الصور ومقاطع الفيديو بمثابة محاولة لإظهار التقدم السريع الذي تحرزه الصين في تطوير تكنولوجيا الجيل السادس (مفهوم يدل على الأسلحة الأكثر تطوراً من الجيل الخامس أي المستخدمة حالياً) في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة ودول أخرى على تطوير برامجها الخاصة للطائرات المقاتلة. ونقلت عن مراقبين عسكريين قولهم إن "المقاتلة الجديدة تتمتع بقدرات التخفي والتحمل المتطورة إلى جانب القدرة على امتصاص الموجات الكهرومغناطيسية عالية التردد من الرادارات العسكرية المتقدمة، وكذلك امتصاص إشارات الكشف منخفضة التردد التي تستخدمها الرادارات المضادة للتسلل بشكل فعال".

في المقابل، خلال الشهر الماضي، أنهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب التكهنات بإلغاء برنامج مقاتلات الجيل السادس الأميركية من طراز أف-47 (مقاتلات الجيل الخامس تشمل كلاً من أف-22 وأف-35) لأسباب تتعلق بالتكلفة، وذلك بمنح شركة بوينغ الأميركية عقد تصنيع هذه الطائرات. وذكر حينها للصحافيين في البيت الأبيض أن "نسخة تجريبية من المقاتلة الجديدة أف-47 تحلق في الأجواء منذ 5 سنوات" واصفاً إياها بـ"الطائرة الأكثر فتكاً على الإطلاق". ومن المتوقع أيضاً أن تمنح الولايات المتحدة عقداً لتطوير برنامج الهيمنة الجوية للجيل المقبل (السادس) التابع للبحرية الأميركية (مقاتلات شبحية جديدة خاصة بحاملات الطائرات)، في غضون أشهر، ما يعيد سباق تطوير القدرات العسكرية الجوية بين بكين وواشنطن إلى الواجهة.

وكان ترامب أعلن، في مارس/ آذار الماضي، أن شركة بوينغ ستقوم ببناء الطائرة المقاتلة المستقبلية للقوات الجوية، والتي يقول البنتاغون إنها ستتمتع بقدرات التخفي والاختراق التي تتجاوز بكثير قدرات أسطولها الحالي، وهي ضرورية في صراع محتمل مع الصين. وتُعرف هذه الطائرة المأهولة باسم "الهيمنة الجوية من الجيل التالي" (NGAD)، وستكون بمثابة قائد لأسطول من الطائرات المسيّرة المستقبلية المصممة لاختراق الدفاعات الجوية للصين وأي عدو محتمل آخر. وبحسب تقارير أميركية، تُقدر قيمة العقد الأولي لبدء إنتاج نسخة مخصصة لسلاح الجو بنحو 20 مليار دولار أميركي. يُذكر أن تقديرات أميركية كانت أشارت إلى أن الصين تسعى إلى تضييق الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة. ووصفت طائرات الجيل السادس بأنها ثورية في أوساط القوة الجوية، وهي مصممة لتجاوز قدرات الجيل الخامس من خلال دمج تقنيات التخفي المتقدمة والسرعات الفائقة، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الوعي الظرفي واتخاذ القرارات.

وفي هذا الصدد، سلط مسؤولون أميركيون الضوء على سرعة المقاتلة الأميركية أف-47 وقدرتها على المناورة وحمولتها الهائلة. وأكد وزير الدفاع بيت هيغسيث، للصحافيين من البيت الأبيض بجانب ترامب الشهر الماضي، على دورها في تعزيز القوة العسكرية الأميركية و"تبعث برسالة مباشرة وواضحة للغاية إلى حلفائنا مفادها أننا لن نذهب إلى أي مكان، وإلى أعدائنا بأننا قادرون، وسنكون قادرين، على إبراز القوة في جميع أنحاء العالم، دون عوائق، لأجيال مقبلة". من جهته أعلن رئيس أركان القوات الجوية الأميركية، الجنرال ديفيد ألفين، من البيت الأبيض، أن طائرة أف-47 حيوية للحفاظ على الهيمنة في الحرب الجوية لأجيال مقبلة. وأضاف أن الطائرات المقاتلة في NGAD ستملك القدرة على التفاعل مع تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، وستسمح بقدر أكبر من الفتك مقارنة بأنظمة الأسلحة السابقة.

تحديث مشروع

يقول يوان تشو، الباحث في الشؤون العسكرية بمعهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية (الصين)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تطوير الصين مقاتلات من الجيل السادس، هو جزء من خطة تحديث أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ توليه السلطة عام 2013، ولا علاقة لها بأي منافسة دولية". ويعزو ذلك إلى أن "بكين تبني خططها الاستراتيجية في ما يتعلق بالتحديث العسكري وفق دراسات وأبحاث دقيقة". وحول ما تم تداوله من لقطات للمقاتلة الصينية جي-36، يلفت يوان تشو، إلى أنه "جزء من اختبارات تجريبية، ولا تزال هناك تحديات في أداء المحرك، وتطوير البرمجيات، والتكامل الشامل لأنظمة الطيران"، مضيفاً أن "بكين لم تعلن عن اكتمال هذه التجارب بصورة رسمية".

يوان تشو: جهود الصين يجب ألا يتم تفسيرها خارج إطار التحديث العسكري المشروع لكل دولة

لكن يوان تشو يلفت إلى أن التقارير الصادرة عن مراكز أبحاث تابعة للمؤسسة العسكرية الصينية، أظهرت أن هناك محاولات لدمج الذكاء الاصطناعي والطائرات غير المأهولة (الموجهة عن بعد)، وتحويلها إلى طائرات مقاتلة لتحقيق مدى طيران أوسع وكفاءة قتالية. كما يشير إلى أن استخدام "ثلاثة محركات قد يُعوّض عن غياب محرك واحد قوي، مثل محرك شينيانغ دبليو أس-15 (Shenyang WS-15) الذي لا يزال في مرحلة التطوير". وبرأيه فإن هذه الجهود "يجب أن لا يتم تفسيرها خارج إطار التحديث العسكري المشروع لكل دولة، وهي لا تحمل أي رسائل أو تهديد لقوى أو دول أخرى". في هذا السياق يضيف أن "هناك حالياً مشاريع مشتركة لإنتاج مقاتلات من الجيل السادس في بلدان مثل بريطانيا واليابان وكذلك فرنسا وألمانيا وإسبانيا".

 

ضغط على واشنطن

أما جو يانغ، الخبير في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ، فيرى في حديث مع "العربي الجديد"، أن "منح الإدارة الأميركية الشهر الماضي شركة بوينغ عقداً لتطوير مقاتلات أف-47 من الجيل السادس، يشير إلى حجم الضغط الذي تمارسه بكين على واشنطن". ويأتي هذا القرار برأيه "لتعزيز التفوق الجوي للولايات المتحدة في ظل بيئة عالمية مليئة بالتهديدات، فضلاً عن الجهود المتسارعة التي تبذلها الصين في تحديث ترسانتها العسكرية، خصوصاً ما يتصل بالقدرات الجوية".

جو يانغ: ضغط على الولايات المتحدة وحلفائها في ما يتعلق بتحديث الجيش الصيني

ويلفت جو يانغ إلى أن "الصين أطلقت سلسلة من التجارب على مقاتلات الجيل السادس عقب عودة ترامب إلى السلطة"، مشيراً أن "مثل هذه التجارب تشكل ضغطاً على الولايات المتحدة وحلفائها في ما يتعلق بتحديث الجيش الصيني". وأوضح أنه "في الوقت الذي أوقفت فيه الولايات المتحدة عمليات تحديث مقاتلات الجيل السادس لتقييم مدى ملاءمتها لاحتياجات الدفاع، كانت الصين تعمل بوتيرة عالية مستفيدة من التطوير السريع وسهولة اتخاذ القرارات". ويرى أن هذا الأمر "أعطى ميزة لبكين في سباق التطوير والتحديث العسكري مع واشنطن".

المساهمون