تمديد حظر التجول في سريلانكا وسط تصاعد أعمال العنف

تمديد حظر التجول في سريلانكا وسط تصاعد أعمال العنف

11 مايو 2022
صدرت توجيهات للشرطة بإطلاق النار على أي شخص يقوم بتدمير الممتلكات (Getty)
+ الخط -

حثّ رئيس سريلانكا المواطنين، اليوم الأربعاء، على رفض ما وصفه بمحاولة إثارة النزعات العنصرية والتنافر الديني مع اندلاع اشتباكات في العديد من المناطق، احتجاجاً على أسلوب تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

ومددت السلطات السريلانكية حظر التجول يوماً آخر مع استمرار أعمال العنف المتفرقة وحوادث الحرق العمد، في أعقاب مهاجمة حشود مؤيدة للحكومة متظاهرين سلميين.

وصدرت توجيهات للشرطة بإطلاق النار على أي شخص يقوم بتدمير الممتلكات العامة أو التهديد بالقتل، وسقط ثمانية قتلى في احتجاجات بالشوارع هذا الأسبوع.

لكن حتى استقالة الشقيق الأكبر للرئيس غوتابايا راجاباكسا من منصب رئيس الوزراء وفرض حظر تجول لم ينجحا في نزع فتيل الغضب الشعبي.

وكتب راجاباكسا على تويتر: "هذا وقت يتعين فيه على جميع أفراد الشعب السريلانكي أن يقفوا صفاً واحداً لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".

وأضاف: "أحثّ جميع السريلانكيين على رفض المحاولات التخريبية لدفعهم نحو التنافر العرقي والديني، تعزيز الاعتدال والتسامح والتعايش أمر بالغ الأهمية".

ولم يتضح بعد ما الذي دفع الرئيس إلى توجيه هذا التحذير. لكن سريلانكا، التي يمثل السنهاليون البوذيون النسبة الأكبر من سكانها البالغ عددهم 22 مليون نسمة، بينهم أيضاً أقليات مسلمة وهندوسية ومسيحية، لها تاريخ طويل من الاضطرابات العرقية.

ويلقي السريلانكيون اللوم على أسرة راجاباكسا في الانهيار الاقتصادي الذي ترك البلاد باحتياطيات لا تتجاوز 50 مليون دولار، وعطل أغلب الواردات، وسبّب نقصاً شديداً في الغذاء والوقود والدواء وسلع أساسية أخرى.

ويقول محللون إن الرئيس قد يتعرض للمساءلة، تمهيداً لعزله إن لم يترك منصبه. لكن المعارضة، التي رفضت دعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تفتقر إلى أغلبية الثلثين الضرورية في البرلمان.

ولم تنجح قط مساءلة رئيس وعزله في سريلانكا.

مددت السلطات السريلانكية حظر التجوال يوما آخر (Getty)
مددت السلطات السريلانكية حظر التجول يوماً آخر (Getty)

وتولى راجاباكسا وشقيقه ماهيندا، الذي استقال من رئاسة الوزراء يوم الاثنين، مناصب حكومية مهمة عندما انتهت حرب أهلية استمرت 26 عاماً في 2009 بعدما تغلبت قوات الأمن على مقاتلين من أقلية التاميل.

وأضرم محتجون النار في متحف مخصص لوالدهما في معقل عائلة راجاباكسا في الجنوب هذا الأسبوع. واليوم الأربعاء، بدا المبنى مدمراً بعدما نُهبت محتوياته أو حُطّمت.

وجاب أفراد من الجيش والشرطة الشوارع في مدينة ويراكيتيا الجنوبية، موطن عائلة راجاباكسا، حيث أغلقت المتاجر والشركات بسبب حظر تجول.

وقال المتحدث باسم الشرطة نالين ثالدوا إن أربعة أشخاص أصيبوا في واقعتي إطلاق نار في بلدة راثجاما مساء أمس الثلاثاء.

وأضاف المتحدث: "عاد الهدوء الآن".

وعقب استقالة ماهيندا راجاباكسا، قامت السلطات بإجلائه رفقة عائلته من مقر إقامته الرسمي عقب محاولة آلاف المتظاهرين اقتحام المبنى الخاضع لحراسة مشددة.

ولم يعرف مكان وجودهم، لكن بعض المتظاهرين تجمعوا خارج قاعدة بحرية محصنة في مدينة ترينكومالي على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، زاعمين أن عائلة راجاباكسا محمية هناك.

ونفت السفارة الهندية في كولومبو ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي بأن بعض الشخصيات السياسية وعائلاتها فرّت إلى الهند، كذلك نفت التكهنات بأن نيودلهي ترسل قوات إلى سريلانكا.

وقالت وزارة الشؤون الخارجية الهندية إن البلاد أكدت دعمها لسريلانكا، يوم الثلاثاء، قائلة إن الهند قدمت دعماً بقيمة 3.5 مليارات دولار لمساعدة كولومبو في التغلب على الأزمة، فضلاً عن إرسال مواد أساسية كالغذاء والدواء.

بينما التزم الرئيس غوتابايا راجاباكسا مقر إقامته الرسمي الذي أحيط بصفوف من الحواجز الحديدية تحت حراسة الجيش والشرطة.

شوارع مقفرة

بدت شوارع العاصمة كولومبو خالية، الأربعاء، باستثناء وجود الجنود على نقاط التفتيش، قرب هياكل حافلات تفحمت بعدما أضرم المحتجون النيران فيها.

وفي ظل انتشار أمني كثيف بما في ذلك لحاملات جنود مدرعة، نفى قائد الجيش السريلانكي في حديث للصحافيين إمكانية وقوع انقلاب.

وقال وزير الدفاع السريلانكي كمال غوناراتني "لا تظنوا إطلاقا أننا نحاول الاستيلاء على السلطة.. لا نوايا من هذا النوع لدى الجيش".

وواصل حشد صغير تحدي حظر التجول قرب مكتب الرئيس المطل على البحر، حيث يعتصم متظاهرون منذ أسابيع لمطالبته بالاستقالة.

اقتصاد على وشك الانهيار

حذّر حاكم المصرف المركزي السريلانكي من أن اقتصاد بلاده "سينهار" ما لم تُشكّل حكومة جديدة في أقرب وقت، بينما انتشرت قوات الأمن في الشوارع بعد أعمال عنف دامية.

وتقول الشرطة إن تسعة أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 200 بجروح منذ الاثنين، عندما تحوّل الغضب السائد حيال الأزمة الاقتصادية إلى أعمال عنف بين أنصار ومعارضي الرئيس غوتابايا راجاباكسا.

وحذّر حاكم البنك المركزي ناندلال ويراسينغه من أن سريلانكا ستشهد كارثة ما لم تتولَ حكومة جديدة إدارة شؤونها بحلول يوم الجمعة.

وقال للصحافيين "سينهار الاقتصاد تماما ولن يكون من الممكن إنقاذه".

وأضاف "كانت البلاد تنزلق سريعا على منحدر عندما تسلمت منصبي قبل أكثر من شهر بقليل. اعتقدت أنه سيكون بإمكاننا وقف ذلك، لكن مع أحداث الاثنين، لم تعد المكابح تعمل".

ويعاني السريلانكيون من نقص في المواد الأساسية والوقود والأدوية منذ أشهر، في إطار أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها عام 1948.

وسعت سريلانكا للحصول على قروض عاجلة من صندوق النقد الدولي بعد حصولها على دعم، بعضه مالي، من الهند المجاورة والصين بعدما أثرت أعمال العنف بدرجة أكبر في الاقتصاد المعتمد على السياحة عقب تضرره من جائحة كوفيد-19.

وتخلّفت سريلانكا الشهر الماضي عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، الناجم بعضها عن مشاريع هدفها التباهي أقامتها عائلة راجاباكسا بقروض صينية.

وبدأ صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع مباحثات على مستوى الموظفين بشأن خطة إنقاذ محتملة.

وقال مدير بعثة الصندوق في سريلانكا ماساهيرو نوزاكي إن المنظمة المقرضة تهدف إلى أن تكون "جاهزة بشكل كامل لمناقشة السياسات فور تشكيل حكومة جديدة".

وأبدى صندوق النقد الدولي قلقه إزاء أعمال العنف، لكنه قال إنه سيستمر في المحادثات الفنية التي بدأت يوم الإثنين مع مسؤولين من سريلانكا "من الأجل الاستعداد الكامل لبدء المشاورات فور تشكيل حكومة جديدة".

قلق دولي

تم إنقاذ ماهيندا راجاباكسا في عملية عسكرية قبل الفجر، الثلاثاء، ونُقل إلى حوض سفن تابع لسلاح البحرية بعدما حاول محتجون اقتحام مقر إقامته الرسمي.

ودعا البابا فرنسيس، الأربعاء، إلى التهدئة وناشد السلطات السريلانكية "الإنصات إلى تطلعات الشعب".

وقال "أحض جميع الأطراف على التصرف بسلمية من دون الانجرار وراء العنف"، داعيا السلطات إلى "احترام حقوق الإنسان والحريات المدنية بشكل كامل".

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أعربت، أمس الثلاثاء، عن قلقها حيال العنف ونشر الجيش، بعد تصريحات مشابهة صدرت عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين "نشدد على وجوب عدم تعريض المتظاهرين السلميين قط إلى العنف أو الترهيب، سواء من قبل القوة العسكرية أو الوحدات المدنية".

(رويترز، أسوشييتد برس، فرانس برس)

المساهمون