تمايز مصري ـ سوداني: مريم الصادق المهدي تلغي زيارة القاهرة

تمايز مصري ـ سوداني: مريم الصادق المهدي تلغي زيارة القاهرة

28 ابريل 2021
يروّج حمدوك بأنه يملك ضمانات حقيقية بشأن مراعاة إثيوبيا المخاوف السودانية (الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن التحركات الرامية للتأثير سلباً على الموقف المصري السوداني المتوافق بشأن سد النهضة وجدت طريقاً لها خلال الأيام الماضية. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن تطور وصفته بـ"الخطير" بشأن الموقف السوداني، قائلة إن خلافاً دبّ أخيراً بين الطرفين، تسبّب في إلغاء لقاء كان مقرراً أن يعقد يوم الأحد الماضي، بين وزيري خارجية البلدين، المصري سامح شكري، والسودانية مريم الصادق المهدي، في القاهرة. وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن إلغاء اللقاء تقرر قبل ساعات قليلة من مغادرة الوزيرة السودانية للخرطوم في طريقها لزيارة القاهرة. وأضافت أن هناك تحركات غير مفهومة من جانب وزير الري السوداني ياسر عباس، ورئيس الحكومة عبد الله حمدوك، بشأن الملف، مشيرة إلى أن حمدوك يرفض التلويح بورقة القوة في الأزمة، حتى لو كانت من باب رفع السقف لإجبار الطرف الآخر على العودة الجدية للمفاوضات، وعدم الإضرار بمصالح الشعبين المصري والسوداني.


بن زايد سعى إلى تهدئة الغضب المصري تجاه الإمارات
 

وبحسب المصادر، فإن "حمدوك يرفض الربط بنسبة مائة في المائة بين الموقفين المصري والسوداني، مروّجاً بأن هناك تباينات يجب مراعاتها في الموقفين". وذكرت أن "رئيس الوزراء السوداني يدفع الشق المدني في منظومة الحكم السودانية للضغط على المكون العسكري، الذي يتخذ مواقف إيجابية للغاية بالنسبة لمصر، لوضع هامش في العلاقة بين البلدين يسمح للخرطوم بعدم الانسياق الكامل وراء القاهرة في تلك الأزمة، من منطلق أن للسودان مصالح حقيقية في تشغيل السد، وأن مخاوف السودان في الأزمة تتوقف عند حد التنسيق في الجوانب الفنية وعدم الضرر". ولفتت المصادر إلى أن حمدوك يروّج داخل الدوائر السودانية المختلفة أنه يملك ضمانات حقيقية بشأن الموقف الإثيوبي الخاص بمراعاة المخاوف السودانية بشكل منفصل عن مصر، والتنسيق الفني الكامل مع أديس أبابا قبل الشروع في الملء الثاني، وتشغيل السد مستقبلاً. وعلى صعيد ذي صلة، كشفت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، أن زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الأخيرة للقاهرة، يوم السبت الماضي، تضمنت ما يمكن تسميته "مساومة من جانب بن زايد"، في إطار الطرح الجديد الذي قدمه لحل أزمة سد النهضة. وأشارت إلى أنه طرح "تمديد سداد دفعات الودائع الدولارية الإماراتية لدى المصرف المركزي المصري، المقررة خلال أشهر إبريل/ نيسان الحالي، ومايو/ أيار ويونيو/ حزيران المقبلين، بقيمة 2.5 مليار دولار، وذلك من إجمالي 5.5 مليارات دولار". وأوضحت المصادر أن بن زايد لمح إلى تضمين تمديد تلك الودائع في إطار حزمة إماراتية محفزة، لإتمام اتفاق بين مصر وإثيوبيا لحلّ الأزمة بالشكل الذي يؤمن المصالح الإماراتية في المنطقة. وأفادت مصادر مصرية خاصة بأن بن زايد سعى خلال الزيارة إلى تهدئة الغضب المصري تجاه الإمارات، وتلطيف الأجواء بين البلدين، في ظل تصاعد حدة التوتر. وكشفت عن تقديمه عرضاً، تعول عليه الإمارات كثيراً لحلّ الأزمة بين مصر والسودان وإثيوبيا، لم تحدد ماهيته.

 

 

تقارير عربية
التحديثات الحية

 

وكشفت أن المستشار السياسي لبن زايد، القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، زار أديس أبابا، الأسبوع الماضي، بصورة سرية، ملتقياً رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، بهدف تقريب وجهات النظر، وإقناعه بتقديم تسهيلات من أجل التوصل لحل يحفظ ماء وجه النظام المصري، قبل الشروع في الملء الثاني المقرر في منتصف يوليو/ تموز المقبل. وتأتي المحاولة الإماراتية في سياق رأب الصدع مع مصر من جهة، وكذلك تأمين استثماراتها في إثيوبيا من جهة ثانية، فضلاً عن منع اندلاع أي مواجهة عسكرية، خصوصاً أن الإمارات هي المستثمرة الأولى في الدول الثلاث. وبحسب المصادر، فإن القاهرة رصدت زيارة دحلان الأخيرة لأديس أبابا حتى قبل أن يبلغ بها الجانب الإماراتي المسؤولين في مصر. يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه حكومة السودان ثقتها بوساطة الاتحاد الأفريقي للوصول إلى حلول سريعة وناجعة لمسألة سد النهضة تطبيقاً لشعار "حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية"، معلنة عن جولة جديدة لوزيرة الخارجية، على رأس وفد، تشمل جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ستلتقي في كينشاسا الرئيس فيليكس تشيسكيدي، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي. ويسعى السودان للتأكيد على موقفه الداعم لرئاسة الكونغو الديمقراطية لجهود الوساطة، للتوصل إلى حل عادل ومرض لكل الأطراف، يتضمن وجود اتفاق قانوني وملزم بشأن عمليات الملء والتشغيل لسد النهضة. وستشمل جولة الوفد السوداني برئاسة وزيرة الخارجية كينيا ورواندا وأوغندا، حيث ستلتقي المهدي برؤساء هذه الدول لتوضيح موقف ورؤية السودان حول حل الخلاف القائم بشأن السد.


يرفض حمدوك تماهي الموقفين المصري والسوداني في مسألة السد

 

في المقابل، رفعت إثيوبيا نبرة التحدي إزاء كل من مصر والسودان في ملف السد، الذي تبنيه فوق النيل الأزرق، والذي يعد أهم روافد نهر النيل، واصفة اتفاقات تقاسم المياه بـ"غير المقبولة". وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي إن التهديدات التي تطلقها دول المصب، في إشارة لمصر والسودان، بشأن سد النهضة، "غير مجدية". وجاء حديث مفتي رداً على سؤال بشأن تصاعد أزمة السد، والخيارات أمام البلدين المتضررين، مصر والسودان، مضيفاً أن دولتي المصب لا تريدان نجاح الاتحاد الأفريقي في إنهاء المفاوضات حول سد النهضة. واتهم المتحدث مصر والسودان بإطالة أمد المفاوضات خلال الفترة الماضية، معتبراً أنهما "خرجتا منها 9 مرات". واعتبر الدبلوماسي الإثيوبي أن الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل التي تتمسك بها دولتا المصب "لا يمكن قبولها وغير معقولة". وتشمل الاتفاقيات التي أشار إليها المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، الاتفاقية الموقعة عام 1929 بين مصر وبريطانيا، بصفتها مستعمرة المنطقة سابقاً، وتقضي بعدم إقامة أي أعمال فوق النهر إلا باتفاق مسبق مع الحكومة البريطانية، وكذلك الاتفاقية الموقعة عام 1959، الخاصة بتوزيع حصص المياه على مصر والسودان بواقع 55 ملياراً لمصر و18 ملياراً للسودان.