تقرير يكشف تداعيات سياسة نظام الأسد الممنهجة في نهب ممتلكات درعا

29 مارس 2025   |  آخر تحديث: 29 مارس 2025 - 00:51 (توقيت القدس)
عناصر من قوات النظام المخلوع في درعا البلد، 12 سبتمبر 2021 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يسلط التقرير الضوء على استخدام نظام الأسد لقوانين غير شرعية للاستيلاء على الممتلكات في درعا، مما أثر على عودة اللاجئين والنازحين، وكشف عن انتهاكات خطيرة شملت تدمير المساكن والبنى التحتية.
- منذ 2018، استهدف النظام ثلاث فئات رئيسية بالقوانين الجائرة: المشردون قسرياً، المختفون قسرياً، والقتلى، حيث بلغ عدد اللاجئين والنازحين 12.8 مليون والمختفون قسرياً 113,218 والقتلى نصف مليون.
- الاعتداءات في درعا شملت تحديات أمنية وقانونية، وأوصى التقرير بتشكيل هيئة دولية لتوثيق الجرائم ودعم برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل الدمار.

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الجمعة، تقريراً حول تداعيات التدمير والاستيلاء التي مارسها النظام المخلوع في درعا وأثرها على عودة اللاجئين والنازحين. وسلَّطت الشبكة في تقريرها الضوء على سياسة التدمير المتعمدة والمنهجية التي اتبعها نظام الأسد للاستيلاء على المنازل والأراضي والعقارات، مستخدماً في ذلك مجموعة واسعة من القوانين والتشريعات التي تفتقد إلى الشرعية القانونية.

وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لـ"العربي الجديد": "يمثّل هذا التقرير وثيقة توثيقية وتحليلية شاملة تكشف بوضوح إحدى أكثر الانتهاكات المنهجية خطورة التي مارسها نظام بشار الأسد، والمتمثلة في الاستيلاء المنظَّم على الممتلكات العقارية وتدميرها في محافظة درعا".

وأضاف: "لقد بذلنا جهوداً كبيرة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان لتوثيق هذه الجرائم بحق ممتلكات السوريين، بدءاً من إصدار القوانين الجائرة التي صُممت خصيصاً لنهب حقوق النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والمعارضين السياسيين، مروراً بعمليات التدمير الممنهجة للمساكن والبنى التحتية، وصولاً إلى اعتماد سياسة الأرض المحروقة، أدواتٍ استراتيجيةً لاقتلاع السكان وتغيير هوية المناطق بشكل دائم".

وأشار التقرير الذي جاء تحت عنوان: "تداعيات عمليات التدمير والاستيلاء التي مارسها نظام بشار الأسد على الملكيات الخاصة في محافظة درعا وأثرها على عودة اللاجئين والنازحين"، إلى توسُّع نظام بشار الأسد بشكل ملحوظ خلال السنوات الست الأخيرة (منذ عام 2018 تحديداً) في عمليات الاستيلاء على الممتلكات العقارية للسوريين، مستعيناً بمجموعة من القوانين والمراسيم التي أصدرها بشكل غير قانوني بدءاً من عام 2011، مستغلاً ظروف النزاع الداخلي المسلح، إلى جانب سيطرته الكاملة على السلطة التشريعية والتنفيذية في الدولة.

وأكد التقرير أنَّ هذه القوانين الجائرة استهدفت الشعب السوري عامة، لكنها ركّزت بصورة رئيسة على ثلاث فئات محددة، وهي المشردون قسرياً (اللاجئون والنازحون)، الذين بلغ عددهم نحو 12.8 مليون سوري حتى النصف الثاني من عام 2024 وفقاً للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أما الفئة الثانية فهم المختفون قسريّاً والذين بلغ عددهم حتى آب/أغسطس 2024 ما يقارب 113,218 سوريّاً.

والفئة الثالثة هم القتلى من المدنيين والعسكريين الذين يقدر عددهم بنحو نصف مليون سوري، والذين لم تُسجَّل غالبيتهم رسمياً في سجلات الأحوال المدنية. كما لفت التقرير إلى أنَّ معظم أفراد هذه الفئات كانوا من معارضي نظام بشار الأسد، والذين تعرضوا لعمليات استهداف وانتهاكات مباشرة منذ بدء الحراك الشعبي في آذار/مارس 2011.

وتناول التقرير أثر الاعتداءات وتدمير الممتلكات في محافظة درعا على عودة اللاجئين والنازحين، وأكد أنَّ هذه العقبات لم تقتصر فقط على حجم الدمار الكبير الذي لحق بالممتلكات والبنى التحتية، بل امتدت لتشمل منظومةً متعمدة من التحديات الأمنية والقانونية والإدارية التي فرضها نظام بشار الأسد لإعاقة عودة المهجرين واستغلال غيابهم للاستحواذ على ممتلكاتهم.

واستنتج التقرير من خلال التحليل الخرائطي أنَّ عمليات القصف المدفعي والجوي التي شنّها نظام بشار الأسد وحلفاؤه على عدد من المدن والأحياء والمناطق الريفية في محافظة درعا كانت مفرطة للغاية، وأكد أنَّ هذا "المستوى من الاستهداف لم يكن بدافع عسكري بحت، بل كان يهدف إلى إحداث أكبر قدر من التدمير في الممتلكات العقارية للسكان المدنيين بغية السيطرة عليها".

وخلص التقرير إلى أنَّ الغاية الأساسية من هذه السياسة كانت إجبار السكان على النزوح أولاً، وضمان عدم قدرتهم على العودة ثانيةً، ليتمكّن النظام لاحقاً من استغلال هذه الممتلكات في مرحلة إعادة الإعمار، مشدداً على أنَّ هذا الهدف شكّل المحرّك الأساسي لجميع المراحل السابقة، بغض النظر عن حجم الخسائر المادية الفادحة التي لحقت بالشعب السوري أو حالة التفقير المتعمَّد الناتجة عن الاستيلاء على ممتلكاتهم وأراضيهم.

وأوصى التقرير بتشكيل هيئة دولية متخصصة في توثيق الجرائم المرتبطة بالاستيلاء على الملكيات العقارية، تضمّ خبراء قانونيين ومختصين في التكنولوجيا، بحيث تعمل على جمع وتحليل الأدلة والوثائق والقوانين والمراسيم الصادرة عن نظام بشار الأسد بهذا الشأن، وإصدار قرارات محلية ودولية واضحة ترفض الاعتراف بأي قوانين أو مراسيم أصدرها نظام بشار الأسد خلال فترة النزاع، وبشكل خاص تلك التي استهدفت مصادرة أملاك اللاجئين والنازحين.

وحث التقرير على دعم برامج ومشاريع تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل صور الأقمار الصناعية، بهدف تقديم تقييم دقيق ومفصل لحجم الدمار والانتهاكات المرتكبة بحق الممتلكات العقارية في سورية، وإتاحة هذه البيانات للجهات المختصة بتنفيذ العدالة الانتقالية.