تقرير برلماني يرصد تحديات عودة مغاربة "داعش"

تقرير برلماني يرصد تحديات عودة مغاربة "داعش"

13 يوليو 2021
"مهمة استطلاعية مؤقتة" شكلها البرلمان في ديسمبر الماضي (Getty)
+ الخط -

كشف تقرير برلماني مغربي، صدر الثلاثاء عقب انتهاء أشغال "المهمة الاستطلاعية المؤقتة" التي شكلها مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، "للوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر كسورية والعراق"، عن تحديات وصعوبات تحول دون عودتهم إلى البلاد.

وبحسب مضامين تقرير "المهمة الاستطلاعية المؤقتة"، التي تم تشكيلها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، واستمعت إلى عدة مسؤولين ووزراء مغاربة ومنظمات دولية وشهادات معتقلين وعائلاتهم، فإنّ من أبرز التحديات التي تواجه عودة المقاتلين المغاربة إلى البلاد هو وجود فئة "لا تزال متشبعة بفكر تنظيم "داعش" الإرهابي، ما يطرح تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية".

ولفت التقرير البرلماني، استناداً إلى المعطيات التي قدمها وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت خلال استماع أعضاء المهمة الاستطلاعية له، إلى أّن تخوف المغرب من هذه الفئة "نابع من كون البعض منهم اكتسبوا تدريباً وخبرة في التعامل مع الأسلحة وصنع العبوات الناسفة وتجهيز السيارات المفخخة، بالإضافة إلى قدراتهم في الدعاية وتجنيد الإرهابيين".

وسجل التقرير أنّ استمرار تردي "الأوضاع الأمنية بمناطق وجود هؤلاء المقاتلين الأجانب لم يسمح بمواصلة عمليات الترحيل"، كما أنّ انشغال المجتمع الدولي بتداعيات انتشار داء كوفيد-19 ضاعف حجم صعوبات الملف وساهم في "تواريه للوراء".

ودفع هذا الوضع السلطات المغربية المختصة إلى التفكير في "أساليب عمل أخرى تمكن من تحقيق الأهداف المرجوة"، حيث باشرت، خلال شهر مارس/ آذار 2019، ترحيل مجموعة تضم "ثمانية مواطنين مغاربة كانوا موجودين في مناطق النزاع بسورية، وخضع هؤلاء المرحلون لأبحاث قضائية كإجراءات وقائية واحترازية في شأن احتمال تورطهم في قضايا مرتبطة بالإرهاب".

ووفق وزير الداخلية المغربي، فإنّ إشكالية عودة المقاتلين تقتضي استحضار الصعوبات الميدانية المرتبطة بأي إجراء لـ"تحديد هويات الأشخاص الموجودين في المخيمات المنتشرة في بؤر التوتر، وصعوبة العمل على صعيد هذه المخيمات التي تسيطر عليها قوات غير نظامية".

من جهته، كشف وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة عن "صعوبات يواجهها المغرب في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بمواطنيه في بؤر التوتر في العراق وسورية، وغياب لائحة دقيقة لهم لضعف المعلومات التي تقدمها منظمة الصليب الأحمر الدولي، في ظل غياب تمثيليات دبلوماسية مغربية في كل من سورية والعراق، حيث كانت العلاقات قد توقفت مع البلدين لأسباب أمنية".

وإلى جانب الصعوبات السابقة، تواجه السلطات المغربية، بحسب وزير الخارجية، إشكالاً كبيراً "يرتبط بمزدوجي الجنسية"، حيث يطرح "بعد إسقاط الجنسية الثانية عنهم السؤال: هل هم مغاربة أم لا؟ هل المغربي من يحمل الجنسية أم من ذهب من المغرب إلى العراق أو سورية وبعد ذلك رجع؟". وبحسب المسؤول المغربي، فإنه في حال فتح المغرب موضوع الجنسية "فربما قد نصل إلى عدد مرتفع".

ومع تصاعد المطالب الحقوقية بإعادة المغاربة المعتقلين في سورية والعراق، على الرغم من تعقيدات ملفاتهم واختلاف المعلومات المتوفّرة حولها، لجأ مجلس النواب المغربي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى تشكيل لجنة نيابية استطلاعية للوقوف على أوضاعهم، وقد أُسندت رئاستها إلى أمين عام حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض عبد اللطيف وهبي. وضمت اللجنة النيابية 16 برلمانياً يمثلون كتل الأغلبية والمعارضة. وفي إطار مساعيها الهادفة إلى وضع خريطة طريق للحدّ من معاناة هؤلاء المعتقلين، استمعت اللجنة النيابية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة حول أوضاع هؤلاء وتحديات إعادتهم إلى البلاد. واستمعت كذلك إلى أفراد من عائلات العالقين في سورية والعراق، فيما التقت بعدد من المنظمات الدولية التي تتابع هذا الملف.

وبحسب المعلومات التي أدلى بها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت خلال استماع أعضاء المهمة الاستطلاعية له، فإنّ هناك 1654 مغربياً غادروا البلاد للانضمام إلى حركات إرهابية مختلفة في المنطقة السورية العراقية، من بينهم 290 من النساء و628 من القاصرين. في حين أن هناك 250 مقاتلاً معتقلاً (232 في سورية و12 في العراق و6 في تركيا) إلى جانب 138 امرأة، من بينهن 134 في المخيمات التي تحرسها القوات الكردية، إضافة إلى حوالي 400 قاصر، من بينهم 153 فقط تأكد أنهم مولودون بالمغرب، بينما ولد الباقون بمناطق التوتر المعنية أو ببعض الدول الأوروبية.

وينقسم مجموع المقاتلين الذين غادروا المغرب إلى ثلاثة أقسام؛ هناك من التحق بـ"داعش"، وهناك من ذهب مع "القاعدة" أو "النصرة"، وهناك من التحق بالتنظيمات الهامشية. ومن ضمن هؤلاء 1300 من المقاتلين التحقوا بـ"داعش"، وفي العدد الإجمالي، هناك 740 ماتوا، و350 يعتقد أنهم لا يزالون أحياء، و269 رجعوا إلى المغرب، ويعتقد أنّ 241 هم معتقلون، وفق ما كشف عنه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لأعضاء المهمة الاستطلاعية.

إلى ذلك، أوصى التقرير بـ"إصدار قوانين إطار وقوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية، التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون في بؤر التوتر في سوريا والعراق، من أجل تسهيل عملية إرجاعهم بشكل سريع".

كما دعا واضعو التقرير الحكومة المغربية إلى "العمل في أقرب وقت من أجل التوقيع على مشاريع اتفاقيات التعاون القضائي والقانوني بين المملكة المغربية والجمهورية العراقية، لتسهيل عملية نقل الأشخاص المحكوم عليهم بين البلدين"، وكذلك، على إعمال مضمون اتفاقية نقل الأشخاص المحكوم عليهم الموقعة بين المغرب وسورية في إبريل/نيسان 2006، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر في سورية والعراق، بالإضافة إلى "إنشاء جسور التواصل بين الأطفال والنساء العالقين في بؤر التوتر بسورية والعراق وعائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم بالمغرب".

المساهمون