تقرير استخباراتي دنماركي: موسكو لم تتوقف عن التضليل في زمن كورونا

تقرير استخباراتي دنماركي: موسكو لم تتوقف عن التضليل في زمن كورونا

09 ديسمبر 2020
وزيرة الدفاع الدنماركية ترين برامسن (Getty)
+ الخط -

بحسب تقرير أعدّه جهاز الاستخبارات العسكرية الدنماركي، "إف إي"، ووُضع على طاولة وزيرة الدفاع ترين برامسن، يبدو أنّ موسكو "استغلت جائحة كورونا لمزيد من القرصنة وزعزعة ثقة الأوروبيين بحكوماتهم وبـحلف شمال الأطلسي". مدخل الكرملين من بوابة كورونا، وبالأخص تصوير غرب أوروبا والغرب عموماً عاجزين، مع تشكيك بقدرتهم على إيجاد لقاح شكّل حجر زاوية، وفقاً لمعدي التقرير الذي تسرّب منه بعض أهم النقاط قبل مناقشته، غداً الخميس، في البرلمان.

بالنسبة للاستخبارات الدنماركية، فإنّ ركائز الروس لزعزعة الوضع الأوروبي في عام كورونا، "شكلت الهجمات السيبرانية والأخبار المضللة منطلقاً خصباً برعاية سلطات دولة (روسيا) لنشر نظرية المؤامرة والأخبار الزائفة، بأهداف شريرة، بهدف تقوية النزاعات في داخل الدول الأوروبية وبينها"، بحسب ما ذهبت برامسن في معرض تعقيبها للصحافة الدنماركية على بعض محتويات التقرير (سيعرض رسمياً يوم غد الخميس على لجنة الشؤون الأمنية والخارجية).

وفي استعراض مصادر التهديد الروسي، يلقى التقرير الضوء على "هجمات سيبرانية استهدفت التعاون بين الجامعات والشركات والمختبرات التي تعمل على تطوير لقاحات لكورونا. وفي الأسبوع الماضي وحده، جرى الكشف عن هجوم سيبراني شامل لشل عملية نقل وتوزيع اللقاحات".

ويستشهد معدو التقرير الأمني لتأكيد المساعي الروسية بـ"تصريح خبراء الأمن المعلوماتي في شركة (آي بي إم)، حيث وثقوا هجمات يؤمنون بأن حكومات تقف وراءها، ومن بينها هجمات استهدفت كبار المديرين وشخصيات مفتاحية في منظمات دولية".

والإشارة إلى الجانب الروسي ليست جديدةً في التقارير الأمنية الدنماركية والغربية عموماً، لناحية "تطور جهات التهديد المحتملة، حيث الأنماط الروسية نفسها خلال السنوات الماضية، لكن هذه المرة هناك محاولة لتخريب خطوط إمداد اللقاحات، ونشر شكوك بين الشعوب الأوروبية حول فعاليتها، وما إذا كانت بالفعل ستنتج، وذلك يُعدّ طريقة لتدمير ثقة المجتمعات التي تعاني أصلاً"، بحسب برامسن.

ويبدو أن الشكوك حول وقوف روسيا خلف تلك الهجمات، وضعت الاتحاد الأوروبي في مأزق حول خمس هجمات كبرى أخرى يبقيها التقرير "سرية لدواعٍ أمنية - سياسية"، حيث "جاءت في أعقاب فرض عقوبات خلال الصيف الماضي، استهدفت روسيا في مناسبتين، مثلما استهدفت الصين وكوريا الشمالية".

وينوّه تقرير الجهاز الأمني، الموكل بعمليات في الخارج، بأن "العمل المنزلي أثناء أزمة كورونا وفّر فرصاً ذهبيةً للمقرصنين، لوجود ثغرات أمنية أكثر من الموجودة في أماكن العمل الرسمية".

 وشددت برامسن، على أن بلدها وبلدان أوروبا تعرضت خلال أزمة كورونا إلى "محاولات حثيثة للتأثير على الشارع، من خلال حملات منسقة ببث معلومات مضللة وتعزيز نظرية المؤامرة، فالناس أكثر قابلية لتلقي ذلك في عصر الأزمات وغياب اليقين، ما يزرع نزاعات ويضرب استقرار المجتمعات".

ومن بين الأمثلة التي ساقتها برامسن في تعقيبها على التقرير "الادعاء في البداية من الجانب الروسي بأن الفيروس ليس جدياً ولا هو بقاتل، وأن ساسة أوروبا يخترعون مخاطر غير موجودة، وقد ازدهرت تلك الدعاية في ألمانيا، مع نتائج ما شهدناه من كارثة انتشار العدوى بسبب إيمان البعض بنظرية المؤامرة، وعدم أخذهم الوباء على محمل الجد".

الدور الروسي في تضليل المجتمعات، من خلال قراصنة وعمليات هجوم سيبراني وبث أخبار غير دقيقة، رأى فيها كبير باحثي الشأن الروسي في "المعهد الدنماركي للدراسات الدولية"، فليمنغ سبيلدسبويل، "تطوراً، لناحية الدفع بنظرية المؤامرة وتبنيها هذه المرة من محطات إعلامية رسمية في موسكو، اعتبرت أن كورونا ليس خطيراً وأنه في مرات أخرى مجرد استغلال من حكومات الغرب لفرض أحكام تسلطية تتحكم بالشعوب".

وأخذ هذا الباحث من قصة "لهث الروس في بداية الوباء إلى تقديم مساعدات لإيطاليا، لتعزيز فكرة أن الأوروبيين خذلوا الإيطاليين، ومع ذلك كشفت الوقائع أن ذلك لم يكن صحيحاً، ولم يُترك الإيطاليون لوحدهم في مواجهة الوباء". وهو أمر كشفت عنه أيضاً برامسن، بالقول إن "الحملة الروسية للتضليل قدّمت صورة، ونجحت فيها، لتصويرنا وقد خذلنا روما، بيد أن ما تم هو تقديم المساعدة بناءً على خطة وآليات أوروبية طارئة مع حدث طارئ، وقد ضُخت المليارات لمساعدة إيطاليا".

ويبدو أن الوضع الداخلي في إيطاليا، بحسب برامسن، وبسبب علاقة الكرملين باليمين القومي، كانت لديه قابلية تصوير الروس كأصدقاء أكثر من الأوروبيين، "والروس لعبوا بذكاء على السياسة الداخلية في إيطاليا، حيث شكل البلد نموذجاً لحالة الإحباط من الاتحاد الأوروبي، بسبب غياب سياسات تضامن سابقة فيما خصّ أزمة اللاجئين وبعض القضايا الاقتصادية".

المساهمون