تفجير عدن: لحظات الرعب والبحث عن الأقارب

تفجير عدن: لحظات الرعب والبحث عن الأقارب

31 أكتوبر 2021
حصل التفجير في وقت الذروة (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

عاشت مدينة عدن، جنوبي اليمن، اليوم الأحد، حالة من الحزن والحداد والصدمة، بعد ليلة دامية شهدتها المدينة أمس السبت، عقب انفجار سيارة مفخخة في مكان مكتظ بالمدنيين على مقربة من بوابة مطار عدن الدولي، في مدينة خور مكسر على ساحل البحر العربي، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 25 آخرين، بعدما كانت الأرقام الأولية قد تحدثت عن 12 قتيلاً.

وكانت قوات الأمن في العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية، عدن، لا تزال حتى كتابة التقرير تجري تحقيقاتها في الحادثة، وتقوم بمداهمات وتفريغ كاميرات المراقبة في كل الأحياء في المناطق القريبة من موقع الانفجار، في محاولة لمعرفة مسار السيارة المفخخة التي انفجرت في منطقة مزدحمة بالمدنيين، وسط اعتقاد مصادر عدة بأن الهدف الأساسي من التفجير، إلى جانب بث الرعب في نفوس المدنيين، هو استهداف الملاحة الجوية للمطار الذي بدأت تنشط فيه الملاحة وتنتظم. وكانت شركات طيران عربية وأجنبية عدة قد بدأت حركة نقل من وإلى مطار عدن في ظل التجهيزات والتطوير والصيانة التي تُجرى للمطار من قبل الحكومة والتحالف.

أدى التفجير إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين

ويأتي التحقيق في ملابسات الانفجار، بتوجيه من رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، الذي قال مساء السبت، إنه "وجّه اللجنة الأمنية بمحافظة عدن، بإجراء تحقيق عاجل حول ملابسات التفجير الإرهابي، وتعزيز اليقظة الأمنية لتفويت الفرصة على كل من يستهدف أمن واستقرار العاصمة المؤقتة عدن". واعتبرت اللجنة الأمنية في بيان أن "الحادثة تهدف إلى تقويض حالة الأمن والاستقرار والسكينة العامة في عدن من قبل قوى التطرف والإرهاب" لافتة إلى أنها "تطمئن سكان العاصمة عدن، باستمرار عمل أجهزة ومؤسسات الدولة، بما فيها حركة الملاحة الدولية في المطار"، داعية إياهم إلى "ممارسة حياتهم بصورة طبيعية". وصدرت إدانات عربية ودولية واسعة للتفجير، بما في ذلك تأكيد الاتحاد الأوروبي إدانته الهجوم والشعور "بالصدمة والحزن جراء الخسائر المتواصلة دون معنى للأرواح"، مشدداً على أن "تنفيذ اتفاق الرياض يمثل أولوية قصوى".

وشعر سكان العديد من أحياء عدن في خور مكسر والسعادة وغيرها من الأحياء المحيطة، بهول الانفجار الذي وقع بحدود الساعة السادسة و20 دقيقة من مساء أمس، قبل أن يشاهد بعضهم ألسنة الدخان تلتهم البيوت والمباني والمحلات التجارية ومقاهي الإنترنت والسيارات في منطقة لا يقصدها المسافرون وحدهم، بل الشباب والأطفال أيضاً نتيجة تنوع المحلات التجارية ومحلات الألعاب فيها. وتعرض أغلب ضحايا التفجير للاحتراق، بسبب الحريق الذي اشتعل عقب الانفجار وتمدد بسرعة، نظراً لأن المنطقة مزدحمة بالمحلات والبيوت المتقاربة.

وروى أحد الجرحى، لـ"العربي الجديد"، من مستشفى "الجمهورية" الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة ويمنع التصوير فيه، أنه كان يشتري من أحد البقالات في المكان، لافتاً إلى أن "الناس كانوا موجودين بكثرة كالعادة في المكان"، وإذا به يجد نفسه في المستشفى، خصوصاً أنه لم يشعر سوى أن انفجاراً كبيراً حدث.

من جهتها، شرحت الحاجة أم محمد، التي تقطن في حي الأحمدي في منطقة خور مكسر، لـ"العربي الجديد"، أنها كانت تؤدي صلاة المغرب "حين هزّ انفجار المنزل"، مشيرة إلى أن "الخوف دبّ في كل الحي، وخصوصاً لدى الأطفال الذين ارتفعت أصواتهم". وأضافت: "شاهدنا من نافذة المنزل النيران من جهة المطار، فكدت أسقط من شدة خوفي على أولادي، عندما علمت أنهم جميعهم خارج المنزل، وغالباً البعض منهم يذهب للعب في ذلك المكان (مكان الانفجار)، فعشت لحظات صعبة، لا سيما أننا كنا نتصل للاطمئنان عنهم، لكنهم لم يجيبوا". ولفتت إلى أنها على الرغم من اطمئنانها لاحقاً على أولادها، إلا أن الحزن خيّم على منزلها، وعلى مدينة خور مكسر، مؤكدة استمرار شعورها بالخوف اليوم، بعدما شاهدت وضعاً "مرعباً، حيث كان الرجال والنساء في الخارج يبحثون عن أولادهم". وقالت: "هذا الإجرام أراد أن يقتل كل شبابنا وبناتنا. يريدون حرقهم"، متسائلة عن "ذنب هؤلاء الأطفال والنساء والشباب"، و"لماذا فقط عدن هي المستهدفة دائماً، حيث يتم قتل الأطفال والأبرياء فيها؟".

وصف سكان خور مكسر الوضع الذي ساد بعد التفجير بالكابوس

بدوره، أكد المواطن عبد الرب الخضر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ليلة أمس "كانت ليلة مرعبة لكل سكان خور مكسر وحي السعادة والأحمدي، وحتى بالنسبة لأولئك الذين كانوا في الساحل القريب جداً من المطار ومكان الانفجار". ووصف الخضر الوضع الذي ساد بـ"الكابوس"، بعدما "هرعت الناس من بيوتها، حيث كان كل أب أو أم  يشعر أو تشعر، بأن أقرباء لهم قد يكونون من بين الضحايا، نظراً لأن موقع الانفجار هو متنفس للشباب والأطفال ويضم نادياً رياضياً ومقهى إنترنت وألعاباً إلكترونية يرتاده الأطفال". كما لفت إلى أن "كثراً ممن يملكون سيارات تاكسي من أهالي الحي وخور مكسر، غالباً ما ينتظرون بسياراتهم في ذلك المكان لنقل مسافرين".

وأشار الخضر إلى أن الانفجار حصل في وقت الذروة الذي يخرج فيه الشباب والأطفال وكبار السن للعب أو المشي، وأيضاً النساء للتسوق، نظراً لأنه وقت انخفاض درجة الحرارة. وقال: "أصوات الناس كانت تملأ المكان وكذلك سيارات الإسعاف والإطفاء التي هرعت إلى موقع الانفجار"، مؤكداً "احتراق أشخاص داخل المحال المجاورة، وصراخهم طلباً للنجدة، فيما قامت قوات الأمن بعمليات إنقاذ إلى جانب المواطنين". ولفت إلى أن "الفاجعة كان يمكن أن تكون أسوأ لو أن الإرهابيين فجروا السيارة أثناء وجود الأطفال في المدرسة الواقعة في محيط الانفجار، والتي تضررت بشكل كبير".

من جهته، قال الشاب علي محمد لـ"العربي الجديد": "أنا غالباً ما أذهب إلى المكان من أجل لعب البلياردو كما أدخل مقهى الإنترنت"، مشيراً إلى أنه "في المساء يخرج كثر من الشباب إلى الشوارع، وحتى كبار السن. ولذلك فقد عاش الجميع لحظات صعبة، وهم يرون المشهد الذي أعقب الانفجار، وكأن الحرب قد عادت من جديد".

المساهمون