تفاصيل محادثات مسقط بين واشنطن وطهران: جولة ثانية الأسبوع المقبل

12 ابريل 2025
البوسعيدي مستقبلاً عراقجي في مسقط قبيل المباحثات، 12 إبريل 2025 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اختتمت المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسقط بأجواء إيجابية، وركزت على البرنامج النووي ورفع العقوبات، مع تبادل الرسائل عبر وزير الخارجية العماني. الجولة الثانية ستُعقد في الأسبوع المقبل في عمان.

- أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تقدم المحادثات، مشيراً إلى ضرورة تقديم تنازلات من كلا الجانبين لمنع إيران من تطوير سلاح نووي.

- رحبت دول الخليج بالمحادثات، مشيدة بدور عمان، وأكدت دعمها للحوار والدبلوماسية لتعزيز الأمن والسلام في المنطقة.

المفاوضات غير المباشرة بين عراقجي وويتكوف بدأت بوساطة البوسعيدي

المفاوضات تجرى في مكان حدده البوسعيدي مع وجود الوفدين في صالتين

ويتكوف: "الخط الأحمر" هو منع إيران من القدرة على صنع سلاح نووي

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء اليوم السبت، انتهاء المفاوضات غير المباشرة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لافتة إلى الاتفاق على استمرارها الأسبوع المقبل. وأوضحت الوزارة، في بيان، أن المفاوضات جرت "في أجواء بناءة وإيجابية وتناولت القضايا المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات". وأضافت أن عراقجي وويتكوف "تحدثا لدقائق بحضور وزير الخارجية العماني أثناء خروجهما من مكان المفاوصات".

وقال عراقجي في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، السبت، إن جلسة اليوم التفاوضية استمرت ساعتين ونصف ساعة، و"قام وزير الخارجية العماني بنقل الرسائل بين الطرفين أربع مرات"، مضيفاً أن المفاوضات جرت في "أجواء هادئة ومحترمة ولم تسخدم أي لغة غير مناسبة وأظهر الطرفان تعهدهما بالمضي قدماً في الحوارات حتى الوصول إلى اتفاق مطلوب لهما".

وأوضح عراقجي أن الطرف الأميركي "حاول كثيراً أن يظهر إرادته لاتفاق مناسب وعادل"، مشيراً إلى أنه "في الوقت الراهن، ينبغي تقييم هذه الجولة من المفاوضات" مبيناً أن الجولة الثانية من المفاوضات ستُعقد السبت المقبل وستستضيفها عُمان، مشيراً إلى أن أجواء مفاوضات اليوم "تضمن استمرارها، ونسعى خلال الجولة المقبلة إلى خوض الأطر العامة لاتفاق". وأكد عراقجي أن الطرفين لا يريدان هدر الوقت وإجراء مفاوضات استنزافية من دون نتيجة، موضحاً أن الطرف الأميركي أكد عزمه على التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن، "لكن هذا ليس عملاً سهلاً وبحاجة لإرادة من الطرفين".

 وفيما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من على متن الطائرة الرئاسية الأميركية، أن المحادثات تمضي على نحو جيد، وصف البيت الأبيض المحادثات التي جرت مع إيران بأنها "خطوة إلى الأمام"، مؤكداً أن المناقشات التي شملت المبعوث الإقليمي للرئيس دونالد ترامب كانت "إيجابية وبناءة". وقالت الرئاسة الأميركية في بيان: "هذه القضايا معقدة للغاية، وكان التواصل المباشر مع المبعوث الخاص (ستيف) ويتكوف اليوم خطوة للأمام في تحقيق نتيجة مفيدة للطرفين"، مضيفة أن الجانبين اتفقا على "الاجتماع مجدداً السبت المقبل".

وفي وقت سابق اليوم، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي، في منشور على منصة "إكس"، أنّ عراقجي وويتكوف قد بدءا، مساء اليوم السبت، مفاوضاتهما غير المباشرة في مسقط بشأن برنامج طهران النووي، وأضاف أنّ هذه المفاوضات تجرى بواسطة وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي "في مكان حدده المضيف العُماني، مع مكوث مندوبي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأميركا في صالتَين منفصلتَين"، مشيراً إلى أن الطرفين يتبادلان وجهات نظرهما ومواقفهما عن طريق البوسعيدي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في مقابلة مع التلفزيون الإيراني إن المباحثات في عُمان مستمرة، مشيراً إلى أنه "لدينا هدف واحد هو تأمين مصالح إيران القومية"، ومضيفاً أنه "لا نتوقع أن تطول هذه الجولة كثيراً". وتابع أن اجتماع وزير الخارجية الإيراني مع نظيره العماني قبل بدء المفاوضات مع أميركا تناول "طريقة إنجاز الأمر والترتيبات التي اتخذها المضيف العماني للمفاوضات، ونقلنا مواقفنا ومقترحاتنا إلى الطرف الأميركي عبر وزير خارجية عمان". وأكد بقايي في تصريحاته: "إننا نمنح فرصة صادقة للدبلوماسية للمضي قدماً في الملف النووي من جهة ورفع العقوبات من جهة ثانية".

من جانبها، ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية المحافظة عن أحد أعضاء الوفد الإيراني المفاوض أن أجواء المفاوضات غير المباشرة مع أميركا "إيجابية". وأضافت عن المصدر نفسه أن المباحثات مستمرة، مستبعداً أن تطول إلى غد الأحد.

وتأتي المحادثات في مسقط وسط ضغوط كبيرة مع تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعمل عسكري في حال الفشل بالتوصل إلى صفقة جديدة، وهي الأعلى مستوى في هذا الشأن منذ أن انسحب ترامب من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في عام 2018 خلال ولايته الأولى.

ولدى وصوله إلى سلطنة عُمان، قال عراقجي للتلفزيون الإيراني: "نشارك في المفاوضات بجدية، ونعتزم التوصل إلى اتفاق منصفٍ ومشرّف من موقف متساوٍ"، مؤكداً أن المفاوضات ستجرى على نحوٍ غير مباشر، وستتناول الملف النووي فحسب، وأضاف أنه إذا دخل الطرف الأميركي المفاوضات من موقف متساوٍ أيضاً، فـ"ستكون هناك حظوظ للتوصل إلى تفاهم أولي يؤدي إلى مسار تفاوضي"، مؤكداً أنه "ستتضح في هذا اللقاء الكثير من القضايا المبدئية"، لافتاً إلى أنه "إذا كانت لدى الطرفين إرادة كافية، فسيقرّران جدولاً زمنياً للمفاوضات، لكن من المبكر حالياً الحديث عن ذلك".

في المقابل، قال المبعوث الأميركي ويتكوف إنّ "الخط الأحمر" الذي تضعه الإدارة الأميركية هو منع إيران من القدرة على صنع سلاح نووي، وذلك في حديث لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، التي أوردت أن أي اتفاق يسمح باستمرار البرنامج النووي الإيراني بشكلٍ ما قد يكون بمثابة تراجع من الإدارة الأميركية، وانزياحٍ عن رغبة الاحتلال الإسرائيلي الذي لطالما حرص على أن يضمّ أيُّ اتفاقٍ إشرافاً أميركياً على تدمير المنشآت النووية الإيرانية.

وقال ويتكوف لـ"وول ستريت جورنال" إن الطلب المبدئي الذي ستتقدم به الإدارة سيكون إنهاء طهران برنامجها النووي، لكنّه أقرّ بأنّ التوصل إلى اتفاق سيتطلب تقديم بعض التنازلات. ولخّص ويتكوف رسالته للمسؤولين الإيرانيين بالقول: "أعتقد أن موقفنا يبدأ بتفكيك برنامجكم. هذا موقفنا اليوم"، وأضاف: "هذا لا يعني، بالمناسبة، أنه على الهامش لن نستطيع إيجاد طرق للتوصل إلى توافق بين بلدينا"، وتابع: "لا يمكن أن يكون هناك أيّ تسليح للقدرات النووية، هنا يتمثل خطنا الأحمر".

وأكد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني فدا حسين مالكي، اليوم السبت، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أنّ الوفدين سيطرحان مسوغاتهما حول شكل إجراء المفاوضات، لافتاً إلى أن الوفد الإيراني سيتحقق من جدية الطرف الأميركي في التفاوض، وما إذا "حصلت تغييرات" في توجهات ترامب، مقارنة بدورته الرئاسية الأولى.

وشدد على أنّ مباحثات مسقط تقتصر على مناقشة الملف النووي الإيراني، وأنه "لن يُسمح بفتح مواضيع أخرى، مثل القدرات الدفاعية، للنقاش"، وفي معرض ردّه على سؤال عما إذا كانت طهران تقبل بالتفاوض المباشر، أوضح أن الجانب الإيراني بعد مفاوضات اليوم سيرفع المخرجات إلى الجهات العليا في البلد، لتتخذ قرارها بشأن شكل المفاوضات وما إذا كانت ستستمر على نحوٍ غير مباشر أو مباشر، لافتاً إلى أنّ إيران ستدرس أي مقترح أميركي "لا يمسُّ كرامتنا".

وأكد البرلماني الإيراني في حديثه مع "العربي الجديد" أنّ أحد الخيارات في المفاوضات "هو المضي قدماً خطوةً خطوةً في الاتفاق، لتقييم مدى جدية الطرف الأميركي"، قائلاً إن إيران ربما تقترح اتفاقاً مرحلياً، أي خطوةً خطوةً، ليجرى وفق ذلك إلغاء عقوبات معينة في فترة محددة، ثم الانتقال إلى مرحلة أخرى إذا ألغى الأميركيون تلك العقوبات.

ترحيب خليجي بمحادثات مسقط بين واشنطن وطهران

من جهتها، رحبت دولة قطر بالمحادثات، كما أثنت على الروح الايجابية التي سادتها وتصريحات الطرفين بشأنها، إلى جانب الدور البناء الذي قامت به السلطنة في هذا السياق. وأكدت وزارة الخارجية، في بيان، دعم دولة قطر الكامل لنهج الدبلوماسية والحوار لحل كافة القضايا العالقة بين أميركا وإيران، في إطار إيمانها الراسخ بأهمية توطيد الأمن والسلم وتعزيز الاستقرار والسلام والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي.

إلى ذلك، أعلنت السعودية، مساء السبت، ترحيبها ودعمها استضافة سلطنة عُمان المحادثات الإيرانية الأميركية، معربة عن تطلعها لأن تسفر هذه الجهود عن نتائج تعزز الأمن والسلام بالمنطقة والعالم. وعبر بيان لوزارة خارجيتها، قالت السعودية إنها "تعرب عن ترحيبها باستضافة سلطنة عُمان الشقيقة المحادثات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية". وأكدت "دعمها هذه الجهود واتباع نهج الحوار سبيلاً لإنهاء كافة الخلافات الإقليمية والدولية".

كذلك، أعربت وزارة الخارجية الكويتية، السبت، عن ترحيب الكويت باستضافة سلطنة عمان المباحثات، آملة أن تسهم في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة. وقالت الخارجية في بيان لها إنها "وإذ تثمن هذه الخطوة الإيجابية، تؤكد في هذا السياق دعم وإيمان دولة الكويت بمسار الحوار والحلول الدبلوماسية لتسوية المسائل الخلافية والنزاعات على الصعيدين الإقليمي والدولي". وأشادت في الصدد نفسه بالمساعي الحميدة والجهود الدبلوماسية التي تقوم بها السلطنة في هذا الخصوص.