استمع إلى الملخص
- تعزيز التعاون العربي: تناول اللقاء سبل تعزيز التعاون العربي، مع التركيز على احترام سيادة البلدين وأمنهما، وتعزيز التنسيق الميداني والاستخباراتي، وتفعيل العلاقات التجارية والاستثمارات المتبادلة.
- ردود الفعل السياسية: رحب تحالف "السيادة" العراقي باللقاء، مشيداً بدور قطر، بينما أكد تحالف "الفتح" أن اللقاء يخدم مصالح العراق العليا، مما يعكس انحسار المعارضة العراقية للانفتاح على سوريا.
جاء إعلان كل من بغداد ودمشق عن اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في العاصمة القطرية الدوحة، بمثابة تأكيد لتسريبات سابقة في بغداد بشأن توجه الحكومة العراقية لتطبيع كامل العلاقات مع سورية الجديدة، استجابة للإجماع العربي في هذا السياق، ورغماً عن التوجه الذي تتبناه الفصائل المسلحة الحليفة لإيران برفض الخطوة وانتهاج سياسة المقاطعة.
ووفقاً لإيضاح نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، فإن "اللقاء الثلاثي (بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس السوري أحمد الشرع)، جاء بسبب الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة، وخاصة ما يجري في سورية، حيث أكد رئيس الوزراء أن العراق يراقب عن كثب التطورات الحاصلة في هذا البلد الجار، والوجود العسكري للكيان الغاصب على أرضه".
ونقلت الوكالة عن مصدر حكومي قوله إن السوداني "جدد موقف العراق الثابت والمبدئي، الداعي إلى قيام عملية سياسية شاملة، وحماية المكوّنات والتنوّع الاجتماعي والديني والوطني في سورية، وحماية المقدّسات وبيوت الله وأماكن العبادة لكل المجموعات السكانية التي يتشكل منها الشعب السوري الشقيق، واحترام حقوق الإنسان، خصوصاً بعد الأحداث التي حصلت مع الطائفة العلوية هناك".
في المقابل، ذكر بيان للرئاسة السورية أن اللقاء جاء بوساطة من دولة قطر، حيث عُقد بالدوحة "لقاء رسمي بين السوداني والشرع برعاية أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني"، مبينة أن "اللقاء تناول العلاقات بين العراق وسورية ضمن الحرص على تفعيل مسارات التعاون العربي". وأضافت أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والرئيس أحمد الشرع شددا على احترام سيادة واستقلال البلدين، كما أكدا أن أمن واستقرار البلدين هو حجر الأساس لأمن المنطقة".
وبينت أنه "تم الاتفاق بشأن أمن الحدود على تعزيز التنسيق الميداني والاستخباراتي بين الجهات المعنية"، وأشارت إلى أن "السوداني والشرع ناقشا تفعيل العلاقات التجارية وتسهيل حركة البضائع والأفراد، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة"، مؤكدة أن "لقاء رئيس الوزراء العراقي والرئيس السوري خطوة مهمة على طريق بناء علاقات متوازنة ويمثل انطلاقة جديدة نحو تعزيز العمل العربي المشترك".
وفي السياق، قال مسؤول عراقي في وزارة الخارجية في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن "لقاء الدوحة نجح في إعادة التواصل المباشر بين بغداد ودمشق بمختلف الملفات المشتركة، وساهم في إيضاح الكثير من النقاط المشتركة بين البلدين"، مؤكداً أن "الاجتماع كان إيجابياً وناجحاً تماماً، بفضل الإدارة القطرية، وأن زيارة الرئيس السوري إلى بغداد للمشاركة بالقمة العربية المقررة الشهر المقبل، ستعيد العلاقات إلى طبيعتها بشكل كامل"، واصفاً رفض الفصائل المسلحة للخطوة بأنه "لن يعيق التوجه الرسمي للدولة العراقية"، وحول سبب عدم الإعلان عن اللقاء، الذي تم وفقاً للمسؤول ذاته يوم الثلاثاء، قال إن "بعض الأطراف داخل العراق تحاول التشويش على خطوات كهذه تجاه دمشق"، وفقاً لقوله.
وأصدر تحالف "السيادة" العراقي، وهو أكبر القوى العربية السياسية السنية في العراق، بياناً أعرب فيه عن ترحيبه باللقاء. ونقل البيان عن رئيس التحالف الشيخ خميس الخنجر قوله إن "اللقاء يمثل خطوة مهمة في تعزيز التعاون العربي، وتكريس منطق الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية، وإعادة بناء جسور الثقة والتكامل بين شعوبنا، بما يخدم أمن واستقرار منطقتنا". وثمّن المسؤول "الدور الذي تلعبه قطر في دعم التقارب العربي، وندعو إلى مزيد من المبادرات التي تعزز حضور العراق وسورية في محيطهما العربي، وفتح آفاق جديدة للتعاون والتفاهم بعيداً عن الاصطفافات التي أثقلت كاهل شعوبنا لسنوات".
بدوره، قال تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري إن اللقاء مع الرئيس السوري في الدوحة "جاء لأسباب واقعية تتعلق بمصالح العراق العليا". وأوضح القيادي في التحالف عدي عبد الهادي، في تصريح صحافي، أن "السياسة تفرض أحياناً اتخاذ قرارات صعبة لضمان المصالح الاستراتيجية مع دول الجوار والإقليم"، مشدداً على أن "العراق يتبع سياسة مستقلة تقوم على مبدأ الانفتاح المدروس، بما ينسجم مع أولوياته الأمنية والاقتصادية والسياسية".
من جهتها، أبدت عضو البرلمان عن التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي)، حنان الفتلاوي، تأييدها لتحركات الحكومة العراقية، التي عدّتها بأنها "تتناسب مع حجم الخطر بالمنطقة"، وقالت في تدوينة على "إكس": "الأحداث تتسارع بالمنطقة بشكل ينذر بالخطر، ومن مصلحة العراق أن يبادر وأن يكون لاعباً أساسياً لا أن يبقى متفرجاً"، مشددة على أن "من ينتقد خطوات الحكومة ويعمل على شيطنتها عليه أن يقدم البدائل، لأن التنظير سهل، لكن المبادرة تحتاج الى شجاعة وبعد نظر".
الاحداث تتسارع بالمنطقة بشكل ينذر بالخطر ومن مصلحة العراق ان يبادر وان يكون لاعباً اساسياً لا أن يبقى متفرجاً .. ومن ينتقد خطوات الحكومة ويعمل على شيطنتها عليه ان يقدم البدائل لان التنظير سهل لكن المبادرة تحتاج الى شجاعة وبعد نظر ..
— د. حنان الفتلاوي (@hanansmohsin) April 17, 2025
ويمثل اللقاء انحساراً للمواقف العراقية التي كانت غير متقبلة للانفتاح على سورية، وتؤشر المواقف الحكومية والسياسية الى أن الفصائل العراقية الحليفة لإيران بدأت تواجه عزلة بمواقفها التي أعلنتها مسبقاً، من رفضها لدعوة الشرع لقمة بغداد، أو أي خطوة من شأنها تعزيز العلاقة المشتركة بين البلدين، وحتى الآن لم يصدر عن زعامات تلك الفصائل أي موقف إزاء اللقاء.
وعلّق الباحث في الشأن السياسي العراقي شاهو القرداغي على اللقاء، قائلاً: "زيارة السوداني إلى قطر ولقائه بالرئيس السوري ومحاور اللقاء، أمور طبيعية وضرورية في السياسة لتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز موقف العراق إقليمياً"، مشدداً على أن "تصفية الحسابات السياسية أو تحقيق أهداف انتخابية هو الدافع أمام من يهاجم اللقاء ويعمل على عزل العراق وإضعافه".
زيارة #السوداني الى قطر ولقائه بالرئيس السوري ومحاور اللقاء أمور طبيعية وضرورية في السياسة لتحقيق المصالح المشتركة وتعزيز موقف #العراق اقليمياً.
— شاهو القرةداغي (@shahokurdy) April 17, 2025
تصفية الحسابات السياسية او تحقيق اهداف انتخابية هو الدافع امام من يهاجم اللقاء ويعمل على عزل العراق واضعافه. pic.twitter.com/JFqAYJzAQM
يشار إلى أن السوادني كان قد بحث مع الشرع، في اتصال هاتفي بينهما في مطلع إبريل/ نيسان الحالي، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، كما تناول الاتصال ملف أمن الحدود والتعاون في مكافحة تهريب المخدرات، حيث شدد الطرفان على "ضرورة تنسيق التعاون الأمني لمنع أي تهديدات قد تؤثر على استقرار البلدين".
ويأتي لقاء الشرع والسوداني فيما تستعدّ بغداد لاستضافة القمة العربية في منتصف مايو/ أيار المقبل، وفي وقت زار فيه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بغداد، في منتصف مارس/ آذار، الماضي، حيث أكّد أن الحكومة السورية تريد "تعزيز التبادل التجاري" مع العراق.