تفاؤل لبناني "حذر" رغم ضغوط واشنطن واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية
استمع إلى الملخص
- أكد النائب محمد رعد على شرعية سلاح المقاومة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية، مشدداً على الحوار الداخلي لوضع استراتيجية للأمن الوطني، ودعا للضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاقات.
- جال وفد البرلمان العربي على المسؤولين اللبنانيين، مؤكداً دعم أمن واستقرار لبنان ورفض التدخلات الخارجية، مع مناقشة مقترح لإنشاء سوق عربي مشترك.
لا تزال الأجواء الإيجابية تخيّم على لبنان منذ انعقاد جلسة الحكومة يوم الجمعة الماضي وما خلصت إليه من بيانٍ جنّب، حسب تعبير رئيس البرلمان نبيه بري، البلاد "فتنة كبيرة"، رغم تواصل الضغوط الأميركية والإسرائيلية، فيما لم تقدّم واشنطن بعد للمسؤولين اللبنانيين أي ضمانات لوقف الخروقات الإسرائيلية، وكانت أبرزها، اليوم الاثنين، الغارات التي شُنَّت على جرود الهرمل، شمال شرقي البلاد.
وعقد الرئيس اللبناني جوزاف عون اجتماعاً، اليوم الاثنين، مع رئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا الجمهوري، عرض الأوضاع العامة والتطورات في لبنان والمنطقة. وقال بيان الرئاسة اللبنانية إن "عون استقبل ظهر اليوم في قصر بعبدا رئيس مجلس النواب نبيه بري وبحث معه الأوضاع العامة في البلاد عموماً وفي الجنوب خصوصاً، والتطورات بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة"، قبل أن يستقبل بري قائد الجيش العماد رودولف هيكل، حيث جرى عرض للأوضاع العامة لا سيما الأمنية والميدانية منها وشؤون المؤسسة العسكرية، فيما عبّر هيكل ردا على سؤال وجه له بعد اللقاء عن "ارتياحه" للأوضاع.
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ لقاء عون وبري "تناول الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي رحّب فيها بخطة الجيش اللبناني لحصر السلاح، والجولة الأمنية التي قام بها قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الأميرال براد كوبر، والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي شاركت للمرة الأولى في اجتماع لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية، أمس الأحد، في رأس الناقورة، وكان هناك تأكيد على ضرورة الحفاظ على الوحدة والمصلحة الداخلية والتمسّك بالثوابت الأساسية اللبنانية".
وأضافت المصادر "هناك أجواء تفاؤلية ولكن تبقى حذرة من مسار الفترة المقبلة، باعتبار أنّ هناك ترحيباً فرنسياً كما أميركياً بالخطوات التي يقوم بها لبنان، وآخرها الخطة التي وضعها الجيش اللبناني لحصر السلاح، وهناك تأكيدات بأنّ على إسرائيل أن تقوم بدورها بخطوتها، ولأجل ذلك طلب لبنان الضغط أكثر عليها لوقف خروقاتها".
وأردفت "هناك ارتياح لبناني لردات الفعل الفرنسية والأميركية، لكن كلّ شيء يبقى متوقعاً مع إسرائيل (..) على الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار أن تقوم بدورها وتضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات والانسحاب من النقاط التي تحتلها جنوباً، وتبعاً لذلك طلب لبنان تفعيل عمل لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية، إذ لا يمكن عدم التحرّك بوجه كل الخروقات التي تقوم بها إسرائيل منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي"، مشيرة إلى أن "لبنان يترقب زيارة الوفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في الأيام القليلة المقبلة، وستكون في غاية الأهمية، ولا سيما أنها ستتناول مؤتمرين لدعم الجيش وإعادة الإعمار".
وأشارت المصادر أيضاً إلى أنّ "لبنان لم يتلقَ بعد ضمانات بوقف إسرائيل اعتداءاتها، لكنه أكد أن تنفيذ الورقة الأميركية اللبنانية المشتركة يتطلب موافقة جميع الأطراف وفي مقدّمها إسرائيل، وهذه رسالة وصلت إلى قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الأميرال براد كوبر خلال لقائه عون السبت، وفي معرض الاجتماع الذي عقد في رأس الناقورة بحضور أورتاغوس، إذ عرض الجيش اللبناني خطته وأكد تصميمه على المضي قدماً بها وتنفيذها، وهو سبق أن بدأ به في جنوب الليطاني، ولكنه توقف في المقابل عند أبرز العراقيل التي تواجهه، على رأسها استمرار احتلال إسرائيل نقاطاً في جنوب لبنان، والاعتداءات الإسرائيلية اليومية".
من ناحية ثانية، وفي إطار الاجتماع الذي عقدته لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية (ميكانيزم)، أمس الأحد، قال مصدر عسكري لبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجيش اللبناني طلب من اللجنة تفعيل عملها أكثر، والقيام بخطوات جدية في إطار الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها واحتلالها للتلال جنوباً، من أجل أن يتمكن بدوره من استكمال انتشاره جنوبي الليطاني، ومهامه على صعيد تفكيك المخازن والمنشآت العسكرية ضمن هذا النطاق والتي كان بدأها منذ نوفمبر الماضي". وأضاف المصدر "كان هناك موقف إيجابي أميركي من خطة الجيش لحصر السلاح، وقد جرى التوقف عند التحديات التي تواجهها المؤسسة العسكرية، والحاجات المطلوبة لها من أجل القيام بمهامها بالشكل المطلوب، وأبدى الجانب الأميركي استعداده لتقديم المساعدة"، مشيراً إلى أنّ "الوفد الأميركي إذ رحّب بخطة الجيش، شدد على ضرورة تنفيذها".
النائب رعد: المقاومة منفتحة للنقاش حول السلاح
وفي تصريح له اليوم الاثنين، قال رئيس كتلة حزب الله البرلمانية (الوفاء للمقاومة)، النائب محمد رعد، إن "ما حصل في جلسة الخامس من سبتمبر/أيلول الجاري شكّل خطوة تراجعية نتيجة شعور الكثيرين ممن هم في السلطة وفي الحكومة بأنهم أصبحوا أمام طريق مسدود في ما اتخذوه من قرار". وأوضح رعد أن "البعض وجد صيغة لا تخرجهم من القرار الذي اتخذوه، لكنها تفسح المجال أمام بعض الهامش من الوقت ليروا ما سيفعلون في المستقبل"، مشدداً على أن "الأمر ليس حلًا ولا فتحًا لأفق، إنما مجرد تريّث".
وأكد أن "المقاومة تريد سيادة هذا البلد وتمارس حقها المشروع الوطني والقانوني والإنساني والدولي في الدفاع عن أرضها، وسلاحها شرعي أكثر من شرعية الحكومة"، بحسب زعمه، مشيراً إلى أن "المقاومة حين تصرّ على أن يبقى سلاحها ما دام هناك اعتداء إسرائيلي واحتلال، فإنّه ليس هناك أي منطق سيادي أو قانوني في العالم يمكن أن ينتزع منها هذا الحق". كما شدد رعد على أن "المقاومة تصرّفت بكل تعقّل وحكمة وحرص على السلم الأهلي، وعلى التفاهم الداخلي، وعلى الحوار الذي جرى في أجواء هادئة، من أجل وضع استراتيجية للأمن الوطني والدفاع الوطني تحفظ سيادة لبنان، وتحدد دور سلاح المقاومة كما تحدد دور سلاح الجيش"، لافتاً إلى أن "هذا الأمر يجب أن يتم بمعزل عن الضغوط والاحتلال، وعن التهديد، وفي ظل تحقّق سيادة وطنية، وضمن سلطة وطنية راعية لمثل هذا الحوار".
وأكد أن "المقاومة منفتحة للنقاش حول السلاح، لكن من الضروري أولاً تحقيق السيادة ومناقشة الأمور على هذا الأساس. يجب أن نوحّد موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي ونطالبه بالالتزام بالاتفاق الذي تم بضمانة الأميركيين والفرنسيين، بدل التملص من هذه الضمانة"، معتبراً أن "على الجميع أن يضغطوا على من تعهدوا بالضمانات لوقف العدوان الإسرائيلي والانسحاب من لبنان".
وفد من البرلمان العربي يجول على المسؤولين اللبنانيين
في سياقٍ ثانٍ، جال وفد من البرلمان العربي، اليوم الاثنين، على المسؤولين اللبنانيين، مؤكداً دعم كل ما يعزّز أمن لبنان واستقراره، مشدداً على أنّ المرحلة المقبلة ستكون مرحلة خير وتقدّم للبنان. وضمن لقاءاته بمناسبة وجوده في بيروت للمشاركة في أعمال المؤتمر التأسيسي الأول للمجلس البرلماني الآسيوي والأفريقي، أكد رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي، الدعم التام والكامل لأمن وسلامة لبنان ووحدته الوطنية وسيادته، والوقوف معه ضدّ أي تهديد قد ينال منه.
وأكد اليماحي خلال لقائه الرئيس اللبناني جوزاف عون على دعم البرلمان العربي مسيرة الإصلاح التي يقوم بها وجهوده في هذه المرحلة، معتبراً أن السياسات الأخيرة التي اتخذها عون "نرى فيها حرصه الكبير على استعادة هيبة الدولة في لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية التي يكرّسها الدستور، ويحميها الجيش اللبناني، وتحصنها إرادة اللبنانيين الذين قدموا التضحيات على مر السنين لصونه".
كذلك شدد على "رفضنا التام لأية محاولات خارجية للتدخل في شؤون لبنان الداخلية تحت أي مبرر، ونؤكد دائماً أن أمن لبنان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وسيظل البعد العربي هو السند والظهير الأساسي لحل أية أزمات قد يواجهها لبنان"، مؤكداً أيضاً "وقوف البرلمان العربي إلى جانب عون في مواجهة الانتهاكات الإجرامية المتكررة التي يقوم بها كيان الاحتلال الغاشم ضد الأراضي اللبنانية، إلى جانب دعم جهوده الحثيثة من أجل انسحاب كيان الاحتلال من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإعادة إعمار لبنان، وعودة الأهالي إلى قراهم". وفي حديثه إلى الصحافيين، قال اليماحي "هناك مقترح من عون لإنشاء سوق عربي مشترك، ونحن من جهتنا ندعم هذه الفكرة، كما ندعم كل الجهود التي تخدم لبنان".
من جانبه، أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون أن "لبنان ينادي بموقف عربي واحد من كل القضايا العربية لأن الدول العربية يجب أن تكون جسماً واحداً"، مجدّداً "تمسّك لبنان بمبادرة السلام العربية التي أقرّت في قمة بيروت العام 2002"، لافتاً إلى أهمية قيام سوق عربي اقتصادي مشترك يحقق مصالح الدول العربية وشعوبها كافة.
ودان عون "الاعتداءات التي ترتكبها إسرائيل ضد لبنان خلافاً لاتفاق وقف الأعمال العدائية المعلن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي تستهدف قرى وبلدات لبنانية وسكانها الآمنين، وكان آخرها اليوم القصف الذي تعرضت له منطقة جرود الهرمل في البقاع وأدت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى". كما استنكر بشدّة "المجازر التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة المحاصر والذي يتعرض لتدمير منهجي لدفع ما تبقى من سكانه إلى النزوح".
وضمن الجولة، التقى الوفد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، بحيث أكد دعم البرلمان العربي لكل ما يعزّز أمن لبنان واستقراره، مشدداً على أنّ المرحلة المقبلة ستكون مرحلة خير وتقدّم للبنان وشعبه، وأنه يواكب جهود الحكومة منذ تشكيلها، وجاهز لتقديم كل ما يلزم دعماً لهذا الاستقرار. بدوره، شدد سلام على أن استقرار لبنان ليس حاجة لبنانية فحسب، بل حاجة عربية جامعة، مؤكّداً أنّ الحكومة ماضية في تنفيذ قراراتها لجهة حصرية السلاح بيد الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وأضاف سلام "لبنان، وبعدما عاد إلى موقعه الطبيعي بين أشقائه العرب، يحتاج إلى تعزيز دعم الجيش اللبناني باعتباره الركيزة الأساسية لحماية الوطن"، لافتاً في الوقت نفسه إلى "ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلّها".
يونيفيل: الجيش أعاد انتشاره في أكثر من 120 موقعاً جنوبي لبنان
على صعيد آخر، قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) اليوم إن "حفظة السلام يعملون بشكلٍ وثيق مع الجيش اللبناني لاستعادة الاستقرار في المنطقة ويساعدونه في تعزيز حضوره من خلال الدوريات والتدريبات والتنسيق اليومي"، مشيرة إلى أنه "بفضل دعم اليونيفيل، أعاد الجيش انتشاره في أكثر من 120 موقعاً في جنوب لبنان، مما يعزز سلطة الدولة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701".