تغييرات وانقسام داخل حزبي السلطة قبل عام من الانتخابات النيابية في الجزائر
استمع إلى الملخص
- يشهد حزب جبهة التحرير الوطني انقسامًا داخليًا حادًا، حيث تطالب كتلة من القيادات بتنحي الأمين العام عبد الكريم بن مبارك، وتأسيس "هيئة التنسيق الوطنية لإنقاذ الحزب" لتصحيح مساره.
- تأتي هذه التغييرات في سياق ضعف الخطاب السياسي لأحزاب السلطة في الانتخابات الرئاسية الماضية، وسط مخاوف من تراجع نتائجها في الانتخابات النيابية المقبلة 2026.
قرر الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي في الجزائر مصطفى ياحي التنحي عن منصبه في قيادة أحد أبرز أحزاب السلطة والحزام الحكومي، معلناً اليوم الخميس، خلال تنصيب لجنة تحضير المؤتمر العام للحزب، أنه اتخذ الخطوة "لاعتبارات شخصية، ومهام مستقبلية تستدعي أن أترك منصبي في الحزب لأحد إطارات قيادة الحزب"، دون أن يكشف عن طبيعة المهام التي سيستُدعى إليها وما إذا كانت ذات طابع حكومي تستلزم التخلي عن المنصب الحزبي. وتم تكليف النائب في البرلمان منذر بودن بالقيادة المؤقتة للحزب، ورئاسة لجنة لتحضير المؤتمر العام السابع، المقر انعقاده بداية العام المقبل.
ويعد ياحي، الذي يتولى رئاسة جامعة في العاصمة الجزائرية، رابع أمين عام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" منذ العام 2019، إذ لم يشهد الحزب حالة استقرار في قيادته منذ استبعاد الأمين العام السابق أحمد أويحيى وتوقيفه لملاحقته في قضايا فساد، بصفته رئيساً للحكومة، وحل محله وزير الثقافة السابق عز الدين ميهوبي، الذي ترشح للانتخابات الرئاسية ونافس عبد المجيد تبون في ديسمبر/ كانون الأول 2019، لكنه تخلى عن قيادة الحزب لمصلحة الطيب زيتوني في يونيو/ حزيران 2020 الذي تنحى بدوره في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ليشغل ياحي المنصب حتى تاريخ اليوم.
وفي السياق نفسه، يشهد حزب جبهة التحرير الوطني (أكبر أحزاب السلطة في الجزائر) انقساماً داخلياً حاداً، بعد تمرد كتلة من القيادات وإعلانها تأسيس حركة تصحيح داخل الحزب، حيث تطالب بتنحي الأمين العام الحالي عبد الكريم بن مبارك، والذي صعد إلى رئاسة الحزب بشكل مفاجئ وغامض في المؤتمر العام للحزب الذي عُقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. وأعلنت كتلة هامة من قيادات الحزب، يقودها رئيس لجنة الرقابة في الحزب عبد القادر قاسي، قبل بضعة أيام، إنشاء ما سُمّيت "هيئة التنسيق الوطنية لإنقاذ الحزب". وقالت في بيان لها إنها مدفوعة إلى ذلك لأجل تصحيح مسار الحزب والحد مما اعتبرتها "انحرافات الحزب عن مساره وطبيعة خطابه الهزيل، وإلى الإقصاء الذي تعرضت له الإطارات".
وطالبت قاسي بعقد اجتماع طارئ للجنة المركزية يمهد لعقد مؤتمر وطني استثنائي يفضي إلى قيادة جديدة، لكن الأمين العام الحالي بن مبارك اتهم في تصريحات صحافية، "المتمردين" بالسعي للضغط عليه لتعيينهم في مناصب قيادية. هذه التطورات وإن بدت اعتيادية بالنظر إلى كون أحزاب السلطة في الجزائر تعيش على وقع الانقسامات بشكل مستمر منذ عقدين، وهو ما يفسر العدد الكبير للقيادات التي تداولت على رأس "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، إلا أن السياق الذي تأتي فيه تعطي مؤشراً على ارتباطها بالاستحقاقات الانتخابية، قبل عام من موعد الانتخابات النيابية، حيث تدور في الغالب الصراعات على لوائح الترشح.
في المقابل، رجحت مصادر "العربي الجديد"، أن تكون الحاجة إلى تغيير قيادات أبرز حزبين للسلطة في الجزائر مرتبطة بالضعف المسجل في الخطاب السياسي للحزبين في الانتخابات الرئاسية الماضية، في دعم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالمقارنة مع سيطرة أحزاب المعارضة على ساحة النقاش كـ"حركة مجتمع السلم" و"جبهة القوى الاشتراكية" و"العمال"، وسط مخاوف أحزاب السلطة، أن يؤدي ضعفها إلى تراجع في نتائجها بالانتخابات النيابية المقبلة 2026.