تعليمات للنواب بالتزام الصمت إزاء تعويم الجنيه ورفع الأسعار

تعليمات للنواب بالتزام الصمت إزاء تعويم الجنيه ورفع الأسعار

23 مارس 2022
يتزايد الغلاء في مصر على وقع أزمة أوكرانيا (الأناضول)
+ الخط -

سادت حالة من الغضب بين الأهالي في المحافظات المصرية المختلفة، من جرّاء "الصمت المطبق" لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ البالغ عددهم 896 عضواً، إزاء قرار المصرف المركزي أول من أمس الإثنين، خفض قيمة الجنيه مجدداً مقابل الدولار بنسبة 16 في المائة، في ظل معاناة الكثير من المصريين من صعوبات معيشية بالغة القسوة، على خلفية الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات كافة. وبلغ أمس الثلاثاء، سعر صرف الدولار، 18.45 جنيهاً، فيما أعلنت الحكومة، في بيان، إثر اجتماع لها، أنها ستعمل على هيكلة الموازنة العامة للسنة المالية 2022 - 2024 لحساب تأثير الأزمات العالمية على اقتصادها.

ورصدت "العربي الجديد" هجوماً واسعاً على أعضاء البرلمان المصري في مجموعات مخصصة لمناصريهم عبر تطبيق "واتساب"، وسط انتقادات لهم بسبب عدم تفعيل أدواتهم الرقابية في مواجهة قرارات الحكومة الأخيرة، والتي من شأنها زيادة موجة الغلاء التي تجتاح الأسواق منذ بدء الحرب في أوكرانيا، فضلاً عما قد يصاحبها من فرض ضرائب ورسوم جديدة. 

لم يفعّل النواب أدواتهم الرقابية في مواجهة قرارات الحكومة الأخيرة

وجاهر مصريون في الآونة الأخيرة بالشكوى من الغلاء الذي طاول مختلف السلع والخدمات، وسط تعالي نبرات الضيق عبر وسائل التواصل الاجتماعي المقروءة والمرئية في مشهد غير مألوف، بعدما كان الخوف من الملاحقات وبطش السلطات، يدفع معظم المصريين إلى الصمت. لكن تزايد الأعباء المعيشية ينذر بتفجر اضطرابات اجتماعية وسياسية في البلاد، بحسب محللين.

ويمثل تخفيض قيمة الجنيه مقدمة لمفاوضات الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي على غرار التعويم الأول للجنيه الذي حصل في عام 2016، والذي أعقبه اقتراض مصر ما يزيد على 20 مليار دولار من الصندوق. وترافق ذلك حينها مع برنامج اقتصادي شمل زيادة الضرائب والرسوم، وإلغاء الدعم الحكومي عن الوقود والكهرباء، وتقليص عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة.

وقال مصدر مطلع في الأمانة العامة لمجلس النواب، إن أعضاء المجلس تلقوا رسائل نصّية من الأمانة تفيد بإصدار رئيس المجلس حنفي جبالي تعليمات بعدم الظهور في وسائل الإعلام للحديث عن تعويم الجنيه أو ارتفاع الأسعار، إلا بعد الحصول على إذن مسبق منه شخصياً. علماً أن جبالي يرأس حالياً وفد مصر المشارك في أعمال الجمعية الـ144 للاتحاد البرلماني الدولي في مدينة بالي بإندونيسيا.

وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، أن الأمين العام للمجلس، المستشار أحمد مناع، هو صاحب قرار إرسال تلك التعليمات للنواب، والذي تلقى بدوره التعليمات من وكيل المجلس أحمد سعد الدين، المعروف بأنه رجل الأجهزة الأمنية تحت قبة البرلمان. ويرتبط سعد الدين بصلات وثيقة مع جهاز المخابرات العامة الذي زكّاه في منصبه الحالي، بعد فترة من الإطاحة به من منصب الأمين العام للمجلس السابق.

وبات من المتعارف عليه "استئذان" نواب البرلمان من أجهزة الأمن قبل الظهور في القنوات الفضائية، أو الإدلاء بتصريحات صحافية حول أي موضوع، لا سيما أعضاء حزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية، وكذلك من ينتمون إلى ما يعرف بـ"تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين" الذين يخضعون لتعليمات مباشرة من العقيد أحمد شعبان، مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل.

وأرجأ البرلمان المصري موعد استئناف جلساته من 22 مارس/آذار الحالي إلى 29 منه (الثلاثاء المقبل)، بسبب سفر المئات من أعضائه إلى منتجع الغردقة في محافظة البحر الأحمر للتنزه على نفقة موازنتي مجلسي النواب والشيوخ، المقتطعة في الأصل من الموازنة العامة للدولة، تحت ذريعة تنظيم النسخة الثانية من المنتدى البرلماني لحزب "مستقبل وطن".

وتزامن منتدى "مستقبل وطن" (نُظّم من 17 إلى 21 مارس) الذي حضره العديد من الوزراء على سبيل المجاملة، مع مرور البلاد بأزمة اقتصادية طاحنة بفعل الموجة التضخمية العالمية، والتي نتج عنها ارتفاع في أسعار جميع السلع الغذائية الأساسية في مصر بنسب تصل إلى 50 في المائة.

ويواجه أعضاء البرلمان انتقادات حادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بوصفهم لا يشعرون بهموم وآلام المواطنين، ويتجاهلون مطالبهم في سبيل الحفاظ على مناصبهم.

أصدر الأمين العام للمجلس أحمد مناع، تعليمات للنواب بعدم الظهور في وسائل الإعلام والحديث عن تعويم الجنيه

وخصّصت الحكومة لأعضاء مجلس النواب وموظفيه رواتب وبدلات ومكافآت سنوية بقيمة مليار و470 مليون جنيه (80.5 مليار دولار تقريباً) في الموازنة السنوية (2021-2022). ويضاف إلى ذلك بالإضافة إلى 581 مليوناً و100 ألف جنيه (نحو 31.8 مليار دولار) لأعضاء مجلس الشيوخ وموظفيه، بخلاف ما يحظى به أعضاء المجلسين من امتيازات عينية، مثل الاشتراك المجاني في الدرجة الممتازة في السكك الحديدية، والتذاكر المجانية لرحلات الطيران الداخلية.

وشهدت الانتخابات النيابية المصرية التي جرت في أواخر عام 2020 عمليات تزوير واسعة لإسقاط جميع المعارضين، من خلال التلاعب في نتائجها لصالح المرشحين عن الأحزاب الموالية للسلطة، وإضافة اللجان العامة (معنية بجمع نتائج اللجان الفرعية)، عشرات الآلاف من "الأصوات الوهمية" إلى مرشحي النظام في كل دائرة لإعلان فوزهم، بالمخالفة لما تم رصده من نتائج في اللجان الفرعية، وفق منظمات مجتمع مدني مستقلة.

أما مجلس الشيوخ فأنشئ بموجب تعديلات الدستور عام 2019، لإرضاء ومجاملة أكبر عدد من رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين الموالين للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحصينهم من أي مساءلة قضائية تخص أنشطتهم، مقابل الاستفادة من خدماتهم في تثبيت أركان النظام. إذ لا يملك المجلس أي صلاحيات تشريعية أو رقابية، ويقتصر دوره فقط على إبداء الرأي غير المُلزم في مشاريع القوانين المُحالة إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب.

المساهمون