تعطيل الإفراج عن دفعة الأسرى: هل يعرقل نتنياهو استكمال الصفقة؟

23 فبراير 2025
نتنياهو في تل أبيب، 12 فبراير 2025 (يائير ساغي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن نتنياهو تعطيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، مما أثر سلبًا على اتفاق وقف إطلاق النار، مبررًا ذلك بضغط على حماس لوقف المراسم المصاحبة لتسليم الأسرى.
- تتواصل الجهود بين حماس والوسطاء القطريين والمصريين لحل الأزمة، بينما يسعى نتنياهو لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق دون مفاوضات جادة للمرحلة الثانية.
- يواجه نتنياهو ضغوطًا من الأحزاب اليمينية ودعمًا أميركيًا مترددًا، مما يعقد التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق.

شكل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعطيل الإفراج عن دفعة الأسرى الفلسطينيين الثامنة، بالرغم من تسليم المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس 6 جنود و4 جثث إسرائيليين، انتكاسة جديدة لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي اقتربت المرحلة الأولى منه من النهاية. وبرر نتنياهو قراره بأنه يأتي في سياق الضغط على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية لوقف المراسم والمهرجانات التي تقوم بها في كل عملية تسليم للأسرى الإسرائيليين، إلى جانب ما أسماه الانتهاك الذي جرى بخصوص تسليم جثة الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس.

واعتاد نتنياهو وحكومته اليمينة في كل عملية تسليم افتعال مشكلة ومحاولة الصراخ بصوت عالٍ، مستغلاً حالة الدعم الأميركي من إدارة الرئيس دونالد ترامب الهادف هو الآخر إلى تمرير خطته بتهجير غزة والسيطرة عليها.

ويخشى الفلسطينيون من أن تكون خطوة نتنياهو الحالية مقدمة للتنصل من الاتفاق كما تنصل من بنود البروتوكول الإنساني، وسط انتقادات توجه للوسطاء والضامنين للاتفاق بعدم القدرة على إلزام الاحتلال بتعهداته. علاوة على ذلك، تكمن الخشية الأكبر في إمكانية ذهاب الاحتلال نحو فتح الحرب من جديد في ظل الضغوط التي يتعرّض لها نتنياهو من حلفائه في الائتلاف الحكومي، لا سيما التيار الديني القومي الذي يمثله بتسئليل سموتريتش.

في المقابل، تبدو الخيارات الفلسطينية محدودة في ظل المماطلة الإسرائيلية في إطلاق مفاوضات الجولة الثانية بالرغم من الاتصالات واللقاءات التي بدأها ستيف ويتكوف مع الوسطاء القطريين والاحتلال الإسرائيلي.

ومنذ بداية الصفقة سلمت المقاومة الفلسطينية 29 أسيراً وأسيرة للاحتلال عبر منظمة الصليب الأحمر، من بينهم 4 جثث، بالإضافة إلى 25 أسيراً وأسيرة أحياء، فيما أفرج الاحتلال عن مئات الأسرى والأسيرات الفلسطينيين.

ويبدو نتنياهو من خلال التسريبات الإسرائيلية معنياً بالتهرب من الاتفاق وبنوده السياسية على وجه الخصوص، ومحاولة تمديد المرحلة الأولى دون أي استكمال للمرحلة الثانية من الاتفاق، الذي سيشمل استكمال الانسحاب من غزة ووقف الحرب نهائياً. فيما تمتلك المقاومة الفلسطينية إمكانية تعطيل الإفراج عن الجثث الأربع المتبقية من المرحلة الأولى، وهو ما قد يسهم في تعطيل الصفقة والمرحلة الحالية من الاتفاق، مع إمكانية لجوء نتنياهو إلى العودة للتصعيد الميداني.

انتهاك للاتفاق واتصالات الوسطاء

من جانبه، يقول الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، إن رفض الاحتلال الإفراج عن الدفعة الحالية من الأسرى "انتهاك لترتيبات عملية التبادل التي هي جزء مركزي من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع برعاية قطرية ومصرية". ويضيف قاسم لـ"العربي الجديد" أن ما جرى "انتهاك خطير للاتفاق، فالحركة تعامل الأسرى الإسرائيليين وفقاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الخاص بالتعامل مع أسرى الحرب، بالإضافة إلى التعامل الديني والأخلاقي معهم".

ويشير إلى أن الاتصالات مع الوسطاء والضامنين للاتفاق جارية على قدم وساق، ووُضعوا في صورة الانتهاك الإسرائيلي للاتفاق عبر تعطيل الإفراج عن الدفعة الحالية من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

الاتصالات مع الوسطاء والضامنين للاتفاق جارية على قدم وساق

وبحسب الناطق باسم حركة حماس، فإن الحركة حصلت على وعود من الوسطاء بالتحرك الجاد وقدموا وعوداً بشأن التدخل للإفراج عن هذه الدفعة خلال الساعات المقبلة بعد الانتهاك الإسرائيلي الأخير.

مناورة استعراضية

إلى ذلك، يرى مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أحمد الطناني، أن مناورة نتنياهو هي في جوهرها استعراض للقوة والقدرة أمام ائتلافه الحكومي أولًا، والمجتمع الإسرائيلي إجمالًا، في محاولة لتثبيت أن دولة الاحتلال صاحبة الكلمة العليا في ما يجري على الأرض.

ويضيف الطناني لـ"العربي الجديد" أن مشاهد التسليم التي تنفذها المقاومة تتضمن رسائل واضحة وصريحة في كل مشهد، تُشكل ردًا على الادعاءات الإسرائيلية بالنجاح في تحقيق أهداف الحرب، أو أجزاء منها، خصوصًا الحديث عن القضاء على قدرات المقاومة، وتفكيك منظومة القيادة والسيطرة في قطاع غزة، سواء بشقها الحكومي أو الفصائلي.

ووفقاً لمدير مركز عروبة، فإن بنيامين نتنياهو قد افتعل أزمة تدفع جميع الأطراف إلى إعادة التفاوض، وذلك بغرض الحصول على صيغة جديدة يتم وفقها تمديد المرحلة الأولى، وتحصيل المزيد من المكاسب خلالها، دون الاضطرار إلى الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية جديًا، التي تتضمن مناحي متعددة يتجنب الخوض فيها، خصوصًا الشق المتعلق بإنهاء الحرب، واستكمال الانسحاب خصوصًا مع اقتراب استحقاق الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا).

ويوضح الطناني أن هذه العناوين "عناوين مُهددة مباشرةً لتماسك ائتلافه الحكومي، فضلاً عن كونها ستُخرج نتنياهو من دائرة القدرة على المناورة والتلاعب المستمر والمرتبط بقراءته لمؤشراته الداخلية والفرص المتاحة أمامه لتحصيل مكاسب استراتيجية أكثر تعكس نفسها على مستقبل الصراع، ليس في قطاع غزة فقط، بل في المنطقة بأسرها".

ويعتقد الطناني أن هذه الخطوة من نتنياهو تأتي، لكون هذا الوقت الذي سيُحصله سيُمثل فرصة مهمة لاستكشاف خطط إدارة ترامب وقدرتها على الضغط على دول المنطقة، فما بعد انقشاع غبار التصريحات الكبيرة لدونالد ترامب، يصل الجميع إلى لحظة الحقيقة والإمكانية التي يفترض أن يجري وفقها تجهيز خطط واقعية ويمكن تنفيذها لمستقبل قطاع غزة، وبالتالي إن أسلم الطرق في هذه اللحظة لنتنياهو، تمديد المرحلة الأولى، وهو ما يمكن أن يحصله عبر الأزمة الحالية التي ستدفع الوسطاء إلى التحرك والتفاوض حول مخرج الأزمة".

ضغوط ورغبة في الحرب

من جانبه، يعتقد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، محمد هلسة، أن نتنياهو يرغب في نسف الاتفاق الحالي وعدم استكماله بعد أن تحصل على أكبر قدر ممكن من الأسرى الإسرائيليين الأحياء، ولم تعد الجثث المتبقية تشكل أي مصدر ضغط. ويقول هلسة لـ "العربي الجديد" إن نتنياهو "محاط بضغوط كبيرة من الأحزاب اليمينية، وتحديداً سموتريتش وبن غفير، فضلاً عن تصريحات وزراء في حكومته بالانسحاب من الحكومة، حال استكمال الاتفاق".

ويوضح أن رغبة نتنياهو في استكمال الحرب تبدو واضحة، بالذات مع التصريحات الأميركية الداعمة له، غير أن تراجع ترامب في مواقفه بشأن عدم فرض خطته على أرض الواقع تجعله متردداً في المضي قدماً في أي خطة. وبحسب الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، فإن نتنياهو يخشى أن يقدم ترامب على موقف مماثل معه بما حصل مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، بالذات مع تردد الرئيس الأميركي الأخير في مواقفه بشأن غزة.

ويؤكد أن الحراك القائم في الاحتلال من المعارضة وعوائل الأسرى غير كافٍ للضغط على نتنياهو للذهاب نحو المرحلة من الاتفاق، في ظل تأثير أكبر للأحزاب الدينية والتيار الديني القومي داخل الائتلاف الحكومي.