تعز: جرائم لجنود في الجيش الوطني اليمني بلا محاسبة

12 يناير 2025
جنود يمنيون في تعز، 25 مايو 2022 (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحويل القضية إلى رأي عام: مقتل الحاج سيف الشرعبي على يد الجيش الوطني اليمني في تعز أثار غضباً واسعاً بعد تحويل ابنته الصحافية غدير الشرعبي القضية إلى رأي عام، مما أبرز التحديات الأمنية وتورط بعض القيادات في حماية المجرمين.

- الضغوط المجتمعية والإجراءات الأمنية: تصاعدت الضغوط على الأجهزة الأمنية، مما أدى إلى اعتقال تسعة أشخاص وتوجيهات لتسليم ضابط متورط. استمرت غدير في الضغط من خلال وقفات احتجاجية.

- التحديات الأمنية وغياب المحاسبة: تعكس القضية حالة الإفلات من العقاب وغياب المحاسبة، حيث تتورط قيادات عسكرية في حماية المجرمين، مما يضعف النظام القضائي والأمني وهيبة الجيش الوطني.

لم يكن الحاج سيف الشرعبي أول ضحية في تعز اليمنية يُقتل بطريقة همجية على يد أفراد الجيش الوطني اليمني التابع للسلطات اليمنية المعترف بها دولياً، لكن ابنته الصحافية غدير الشرعبي نجحت في تحويل قضيته إلى قضية رأي عام، فاتحة بذلك واحداً من الملفات الأمنية الشائكة في تعز، التي تتمثل بحماية بعض القيادات العسكرية للمجرمين المطلوبين أمنياً. مساء الاثنين 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كان الشرعبي مع أفراد أسرته في منزله، وكانت مجموعة من المسلحين (أفراد في الألوية العسكرية لمحور تعز) في الجيش الوطني اليمني يمضغون القات ليلاً بجوار منزل الشرعبي. خرج الشرعبي من منزله طالباً من المسلحين الامتناع عن مضغ القات بجانب منزله واحترام خصوصية ساكنيه، فقام أحد المسلحين ويدعى وليد كامل عبد الرقيب بإطلاق عدد من الرصاصات من سلاحه الآلي (كلاشنكوف) على الشرعبي وأرداه قتيلاً على الفور.


أسامة الشرعبي: هناك عشرات قضايا جرائم القتل المنظورة أمام النيابات في تعز والمتهمون فيها جنود

قضية رأي عام

بعد ارتكابه جريمته، لاذ القاتل بالفرار في ظل عجز الأجهزة الأمنية عن إلقاء القبض عليه، لتتحول القضية إلى قضية رأي عام من خلال تداولها على نطاق واسع، وهو ما ساهم في قيام ضغط مجتمعي حاولت الأجهزة الأمنية امتصاصه عبر خروجها بعد خمسة أيام ببيان صحافي تعلن فيه أنها ألقت القبض على تسعة مطلوبين على ذمة القضية، بينهم المتهم الثاني، وأدوات استخدمت في تهريب المتهم الأول، بالإضافة إلى ضبط السيارة التي استُخدمت في الهروب بعد تنفيذ الجريمة، وضبط الشخص الذي قادها في أثناء العملية، واستدعاء والد الجاني الرئيسي. بالتزامن مع ذلك، صدرت وثيقة رسمية تتضمن توجيهات من قائد محور تعز اللواء خالد فاضل إلى قائد اللواء 170 دفاع جوي، والمدير العام لشرطة تعز، بسرعة تسليم ضابط في اللواء 170 للإدارة العامة لشرطة تعز، "لأنه يتستر على القاتل". استمرت الصحافية غدير الشرعبي بتبني قضية والدها، وناشدت رئيس مجلس القيادة الرئاسي القبض على القاتل، كذلك نظمت بمعية ناشطين وقفات احتجاجية لمطالبة الأجهزة العسكرية والأمنية بعدم التستر على القاتل وإلقاء القبض عليه وتقديمه للعدالة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

بدوره، قال مدير الإعلام والعلاقات العامة بشرطة تعز، المقدم أسامة الشرعبي، لـ"العربي الجديد"، إنه ضُبط 16 شخصاً، أربعة منهم في البحث الجنائي على ذمة القضية، إما مشاركين في الجريمة وإما متسترين، وتجري ملاحقة المتهم الرئيسي، والحملة الأمنية مستمرة في ملاحقته ولن تتوقف حتى يُضبَط ويُسلَّم للجهات المختصة. قضية مقتل الشرعبي على يد أفراد في الجيش الوطني اليمني ليست الوحيدة، فهناك عشرات من قضايا جرائم القتل المنظورة أمام النيابات في تعز، والمتهمون فيها جنود منتمون إلى محور وشرطة تعز، وفارون من وجه العدالة. حوادث كثيرة يمكن الاستشهاد بها، على سبيل المثال لا الحصر، مقتل المواطن محمد مهدي، والطبيب محمد عبد الحكيم الجبزي، وأنور عبد الفتاح، ومحمد عبد الجليل الراشدي في جبل حبشي، وغيرها. ولعل أبرز هذه القضايا جريمة الإعدام الميداني التي ارتكبها الضابط في إدارة أمن تعز، فاروق قاسم فاضل، شقيق قائد محور تعز اللواء خالد قاسم فاضل، بحق محمد عبد الجليل سلطان مهيوب. وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة أشهر منذ ارتكاب الجريمة، إلا أن الجاني ما زال فاراً من وجه العدالة، مستقوياً بالسلطة والنفوذ اللذين يحظى بهما شقيقه قائد محور تعز. "العربي الجديد" تواصلت مع المتحدث باسم محور تعز العسكري، العقيد عبد الباسط البحر، لكنه اعتذر عن عدم التصريح، تحت مبرر رفضه لمحاولة تسييس القضايا الجنائية، وجعلها مادة للمزايدة والمناكفة والمكايدة السياسية، على حد قوله.


سامي نعمان: غياب المحاسبة والمسؤولية ساعد في التساهل بالجريمة

نكسة لجنود الجيش الوطني اليمني

من جهته، قال الصحافي سامي نعمان، لـ"العربي الجديد"، إن "ثمة أحداثاً وجرائم مؤسفة وقعت بمدينة تعز على مدى سنوات كان بالإمكان ضبطها وكبحها ببعض الحزم والمسؤولية، وفي الحقيقة استمر بعض تلك الجرائم في ظل حالة الإفلات من العقاب والمساءلة، التي كان آخرها الجريمة المروعة والمشهودة بقتل الشرعبي". وأضاف نعمان أن "ما يحدث أن قيادات تستعين ببعض الفتية المنفلتين للعمل أذرعاً أمنية لها لتنفيذ مهام معينة بعضها غير قانوني، شيئاً فشيئاً يستمرئ الفتية المسلحون النفوذ والقوة والحماية ويتمادون في الغطرسة والجريمة". ولفت نعمان إلى أن "قيادة اللجنة الأمنية والعسكرية في تعز تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الحالة المنفلتة بدرجة أساسية، لكن ينبغي التأكيد هنا أن جزءاً كبيراً من المسؤولية يلقى على عاتق السلطة المركزية في الرئاسة والحكومة الشرعية التي لم تحاسب أي مسؤول على سلوك أفراده، مع العلم أحياناً أنهم مسؤولون فعلياً وبشكل مباشر وليست مجرد مسؤولية بحكم المنصب فقط". وأشار إلى أن "هناك منظومة متكاملة من الفشل، وغياب المحاسبة والمسؤولية ساعد في التساهل بالجريمة، واحتماء المذنبين بقيادات عسكرية أو بجبهات القتال ضد المليشيا الحوثية والتذرع بذلك أمر معيب ومهين لجنود الجيش الوطني اليمني ولآلاف الجنود الشرفاء الذين يقاسون بأوضاع اقتصادية صعبة دفاعاً عن كرامة وحرية الناس، فيما يعربد غيرهم ويلجأون إلى الجبهات فراراً من العدالة... في المقابل، هناك قضاء هشّ وعاجز، بل وأحياناً لم يستطع حماية نفسه، إذ تعرّض قضاة لانتهاكات في قاعات المحاكم".

قضايا وناس
التحديثات الحية
المساهمون