تتجه الأنظار مجدداً نحو جزيرة ميون اليمنية، بعدما تبيّن أن الإمارات تنقل أجزاء من القاعدة العسكرية التي كانت تديرها في دولة إريتريا الواقعة في شرق أفريقيا وبدأت بتفكيكها، أخيراً، إلى الجزيرة اليمنية الاستراتيجية الواقعة في قلب مضيق باب المندب، والتي تربط بين البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.
وبحسب معلومات حصل عليها "العربي الجديد"، فإن الحركة في الجزيرة اليمنية، والتي كانت الإمارات وضعت يدها عليها قبل سنوات وحوّلتها إلى قاعدة خلفية لها، قد زادت خلال الأيام الماضية بشكل كبير، حيث تم رصد إدخال المعدات عبر الجزيرة بواسطة سفن إماراتية.
كما علم "العربي الجديد" أنه تم إعطاء بعض القوات التي كانت متواجدة في الجزيرة إجازة، فيما تمّ حصر الدخول والخروج من الجزيرة بأشخاص بعينهم.
وتشير المعلومات إلى أن الإمارات تنقل المعدات والجنود من إريتريا إلى جزيرة ميون، والتي تحتفظ الإمارات بتواجد عسكري فيها منذ سنوات، حيث سبق أن واجهت اتهامات بمحاولة استنساخ سيناريو الهيمنة على جزيرة سقطرى اليمنية فيها.
علم "العربي الجديد" أنه تم إعطاء بعض القوات التي كانت متواجدة في الجزيرة إجازة، فيما تمّ حصر الدخول والخروج من الجزيرة بأشخاص بعينهم.
وسبق أن أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" في إبريل/نيسان 2020، أن الإمارات عزلت الجزيرة التي تبلغ مساحتها 13 كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانها نحو 250 شخصاً، عن محيطها اليمني، ضمن محاولة لاقتطاعها وحرمان أي طرف يمني من التحكّم بمضيق باب المندب.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الإمارات جعلت من جزيرة ميّون قاعدة عسكرية لها، وممرّاً لدخول أتباعها وخروجهم، وإدخال الدعم إليهم، ليتولّى هؤلاء الوكلاء إيصال هذا الدعم إلى عدن وباقي المناطق، خصوصاً بعد إعادة الإمارات تأهيل مطار ميون العسكري الذي تستخدمه أيضاً لدعم وكلائها في الساحل الغربي.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فقد نقلت الإمارات، في الأيام الأخيرة، أكثر من 300 جندي وضابط، بما في ذلك متخصصون في استخدام الطائرات والاستخبارات، كما تم إدخال أجهزة يُعتقد أنها أجهزة اتصالات متطورة وتجسسية.
كما أوضحت مصادر تحدثت مع "العربي الجديد"، رصد وجود أجانب في الجزيرة غالباً ما يصلون ويرحلون مع الضباط الاماراتيين. كما تم نشر عدد من المدافع والآليات فيها، إلى جانب مروحيات عسكرية من نوع "بلاك هوك" و"آباتشي".
وتشمل الإجراءات الإمارتية الجديدة في الجزيرة اليمنية استحداث مواقع عسكرية جديدة، إلى جانب استكمال إنجاز مدرج لاستقبال الطائرات الحربية، والذي كانت قد بدأت العمل فيه قبل أربع سنوات، بعد الانتهاء من إنشاء مهبط الطائرات المروحية. كما تعتمد الإمارات على تسيير القوارب السريعة في دوريات حول الجزيرة لتأمينها عسكرياً.
يذكر أنّ جزيرة ميون، بسبب طبيعتها الجغرافية، وعدم وجود مياه عذبة فيها، إلى جانب المضايقات التي كان يتعرّض لها السكان في أثناء فترة حكم النظام السابق، والسيطرة الإماراتية الحالية عليها، لم تجد إقبالاً من قبل اليمنيين للسكن فيها. كذلك، لم يُسمح بوصول الاستثمارات إليها في السابق، على الرغم من أنّه يوجد في الجزيرة ميناء طبيعي ومطار.
إلى جانب ذلك، تشهد جزيرة ميون تداخلاً في الصلاحيات، فقد كانت تتبع محافظة عدن، لكن بسبب تعديلات أصدرها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، أصبحت إدارياً تتبع محافظة تعز، فيما انتخابياً تتبع مديرية المعلا في محافظة عدن. وتتبع إيرادات الجزيرة مؤسسة موانئ عدن، ويحصل نزاع بين محافظتي عدن وتعز بشكل مستمرّ على الجزيرة التي يبدو أنها ستتحوّل إلى قاعدة رئيسة للإمارات بعد تفكيك القاعدة في إريتريا.
وكانت وكالة "أسوشييتد برس" كشفت قبل أيام عن تفكيك الإمارات أجزاء من قاعدتها في إريتريا، وذلك بعد أن كانت قد قامت ببناء ميناء ووسعت مهبطاً للطائرات في مدينة عصب الإريترية ابتداء من سبتمبر/ أيلول 2015، مستخدمةً المنشأة كقاعدة لنقل أسلحة ثقيلة وقوات سودانية إلى اليمن. وبحسب "أسوشييتد برس"، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية أنها بدأت في شحن المعدات وتفكيك حتى الهياكل المقامة حديثاً في المنشأة في عصب، والتي تقع على بعد حوالي 70 كيلومتراً فقط (40 ميلاً) من اليمن.
وقامت الإمارات سابقاً بتهيئة الميناء، وتحسين مهبط الطائرات الذي يبلغ طوله حوالي 3500 متر (11500 قدم) للسماح باستقبال وإقلاع طائرات الدعم الثقيل.
تشمل الإجراءات الإماراتية الجديدة في الجزيرة اليمنية استحداث مواقع عسكرية جديدة، إلى جانب استكمال إنجاز مدرج لاستقبال الطائرات الحربية
كما بنى الإماراتيون ثكنات وحظائر للطائرات وأسيجة عبر المنشأة التي تبلغ مساحتها 9 كيلومترات مربعة (3.5 أميال مربعة) والتي شيّدتها في البدء إيطاليا خلال ثلاثينيات القرن الماضي، القوة الاستعمارية في ذلك الوقت.
ومع مرور الوقت، وضعت الإمارات العربية المتحدة في المطار دبابات "لوكلير" القتالية، ومدافع "هاوتزر" ذاتية الدفع من طراز "جي 6"، ومركبات قتالية مدرعة من طراز "بي إم بي-3"، وفقاً لخبراء الأمم المتحدة. وهذه الأنواع من الأسلحة الثقيلة شوهدت في ساحات القتال اليمنية. وشوهدت طائرات مروحية هجومية، وطائرات مسيّرة، وطائرات أخرى على مدرج نفس المطار.
كذلك، ضمّت الثكنات في القاعدة قوات إماراتيةً ويمنيةً، وكذلك صُوّرت قوات سودانية أثناء نزولها في مدينة عدن الساحلية اليمنية. وتظهر التسجيلات أن السفينة التي كانت تقلهم، "سويفت-1"، سافرت ذهاباً وإياباً إلى عصب.
ومع استمرار حرب اليمن، استخدم الإماراتيون أيضاً القاعدة لاحتجاز السجناء، حيث واجه التحالف السعودي الإماراتي ضغوطاً دولية متزايدة بشأن إساءة معاملة المحتجزين والغارات الجوية التي قتلت مدنيين.