تعثر جديد لقانون المحكمة الاتحادية في البرلمان العراقي

تعثر جديد لقانون المحكمة الاتحادية في البرلمان العراقي

22 سبتمبر 2020
اتهامات لقوى سياسية بمحاولة فرض المحاصصة الطائفية على المحكمة الاتحادية (الأناضول)
+ الخط -

تعثر مجددا الاتفاق بين القوى السياسية العراقية حول قانون المحكمة الاتحادية، الذي بات أحد متطلبات إجراء الانتخابات المبكرة في يونيو/حزيران المقبل، إذ ما تزال الخلافات تراوح مكانها في الجزء المتعلق بإضافة فقهاء شريعة إسلامية إلى أعضاء المحكمة الاتحادية بين من يُصر على منحهم حق التصويت، وآخرين يعتبرون وجودهم أصلا لا يتناسب مع تطلعات الدولة المدنية، ويرسخ الطائفية في البلاد، ويمنح مكونات أخرى غير مسلمة الحق في المطالبة بأن يكون بالمحكمة ممثلون عنها أيضا باعتبارها مكونات عراقية أصيلة. 

وتعد المحكمة الاتحادية أعلى سلطة قضائية في البلاد، مهمتها الفصل في النزاعات بين السلطات التنفيذية، وتفسير النصوص الدستورية، والمصادقة على نتائج الانتخابات، وقد شكّلت عام 2005 بعد الغزو الأميركي للبلاد، لكنها ظلت عرضة للاتهامات بالخضوع لأطراف سياسية دون غيرها، خاصة في النزاع السياسي عام 2010 بعد فوز إياد علاوي بالانتخابات التشريعية، لكن المحكمة أوجدت تفسيراً مغايراً للدستور، أثار استغراباً كبيراً، وصبّ لصالح غريمه آنذاك نوري المالكي، وهو أن تشكيل الحكومة من حق من يشكل أكبر تحالف داخل البرلمان، وليس الذي يحوز على أعلى عدد من الأصوات.

وتتألف المحكمة من رئيس وثمانية أعضاء، إلا أن بلوغ عدد من أعضائها السن القانونية للتقاعد قبل أكثر من عام ونصف العام أخلّ بنصاب المحكمة، إضافة إلى وجود ضرورة في تعديل فقرات قانونها لفصل الصلاحيات بينها وبين مجلس القضاء الأعلى، وتحديد مهامها، ما دفع بكتل سياسية إلى المطالبة بإضافة فقرة في مسودة تعديل القانون الجديد تلزم وجود فقاء بالشريعة الإسلامية من السنة والشيعة إلى أعضاء المحكمة، وهو ما اعتبرته قوى مدنية ووطنية محاولة جديدة لقتل طموحات الدولة المدنية التي ينادي بها العراقيون.

وأمس الاثنين، أنهى البرلمان قراءة ثانية لمسودة تعديل قانون المحكمة الاتحادية المثير للجدل، دون التوصل إلى أي اتفاق حيال الفقرات المختلف عليها. 

وبحسب رئيس كتلة "بيارق الخير" في البرلمان محمد الخالدي، فإن العراقيل ما تزال تواجه تمرير القانون، مضيفا، في إيجاز صحافي له، أن "القانون يواجه حاليا اعتراضات واسعة بسبب بند ورد في المشروع يتعلق بتعيين فقهاء إسلاميين"، لافتا إلى أن "قانون المحكمة الاتحادية يواجه خلافات بين القوى السياسية على أمرين مهمين، الأول يتعلق بتعيين فقهاء إسلاميين، والأمر الآخر يتعلق بتمثيل المكونات داخل المحكمة".

وأكد أن "هناك مشاكل جوهرية يمكن تجاوزها أو معالجتها مع القوى السياسية، والقانون مهم جدا ويجب حل جميع الخلافات بشأن فقرة فقهاء الشريعة الإسلامية، وتمثيل المكونات قبل تمريره داخل مجلس النواب".

مصادر برلمانية وأخرى سياسية عراقية أبلغت مراسل "العربي الجديد" في بغداد بأن بعض الكتل السياسية لوحت بالطعن بالقانون في حال إقراره ببند يتضمن وجود فقهاء شريعة إسلامية يحق لهم التصويت في قرارات المحكمة.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن "كتل الأقليات، إضافة إلى التحالف الكردستاني، تعتبر أن مثل هكذا إضافات تعزز الفكرة الدينية في المؤسسات العراقية، كما أنها ترسخ اللامدنية، ويجب أن تكون المحكمة بأعضاء متخصصين بالقضاء والدستور فقط".

ولفت إلى أن كتلا سياسية سنية شيعية تدفع باتجاه إدخال المحاصصة في أهم مؤسسة قضائية بالبلاد، على غرار المحاصصة في الوزارات والمناصب الحكومية.

عضو البرلمان عن تحالف "القوى العراقية" يحيى المحمدي أشار، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى وجود حاجة ملحة للدولة العراقية لإكمال تعديل قانون المحكمة الاتحادية وعودتها للعمل، كونها تعتبر "الجزء المهم ضمن السلطة القضائية، والتي يترتب على وجودها أحد الأمور المهمة التي ينتظرها الشعب العراقي، وهي المصادقة على نتائج الانتخابات"، مبينا أن المحكمة الاتحادية تعد "المحكمة الدستورية العليا".

وأكد وجود مشاكل تتعلق بعدد الأعضاء وفقهاء الشريعة وتحفظات كثيرة من قبل الأكراد، مستدركا القول إن "جميع الكتل لديها مواقف من القانون"، كاشفا عن أن تحالفه "القوى العراقية" لديه مقترح بشأن قانون المحكمة الاتحادية، حاله حال الكتل السياسية الأخرى، و"نريد محكمة اتحادية يتم الاتفاق عليها من قبل جميع الأطراف، تمثل الجميع، وتنظر إلى المصلحة العامة".

وتابع أن "قانون المحكمة الاتحادية يحتاج إلى ثلثي أعضاء البرلمان"، قائلا: "يجب أن يكون هناك توافق بشأن الملاحظات".

إلا أن نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب محمد الغزي أكد أن "تمرير القانون بحاجة إلى توافق سياسي، لأنه يمكن أن يمضي بالأغلبية البسيطة"، بحسب تصريحات سابقة له. 

وبدأت إشكالية المحكمة الاتحادية نهاية العام الماضي، بعد إحالة أحد أعضائها، وهو فاروق السامي، إلى التقاعد، وعدم قدرة المحكمة على تعيين عضو بديل بسبب قيام المحكمة الاتحادية، في وقت سابق، بإلغاء النص القانوني الوحيد الذي ينظم عمل المحكمة، بانتظار قيام البرلمان بتشريع "قانون المحكمة الاتحادية"، الذي من شأنه وضع الآليات المناسبة لاختيار الأعضاء الجدد.

وكانت مفوضية الانتخابات العراقية قد عبّرت، في وقت سابق، عن استعدادها لإجراء الانتخابات المبكرة في الموعد الذي حدده الكاظمي منتصف العام المقبل، مؤكدة أن إجراء الانتخابات يتطلب تحقق عدة شروط، من بينها قيام البرلمان بإكمال نصاب المحكمة الاتحادية، التي تعد الجهة الوحيدة المخولة وفقاً للقانون بالمصادقة على نتائج الانتخابات.

المساهمون