تظاهرات جديدة للحراك الشعبي في الجزائر... "تطبيع" سياسي من جانب واحد

تظاهرات جديدة للحراك الشعبي في الجزائر... "تطبيع" سياسي من جانب واحد

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
05 مارس 2021
+ الخط -

دخل قرار اتخذه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يقضي بـ"التطبيع" مع تظاهرات الحراك وعدم التعرض لها من قبل قوات الأمن حيز التنفيذ، فيما أظهرت مسيرات الحراك، اليوم الجمعة، رفض مكونات الحراك للرسائل السياسية التي وجهها إليها تبون، الإثنين الماضي.

وما أن أتمّ إمام مسجد الرحمة في قلب العاصمة الجزائرية صلاة الجمعة، حتى كانت جموع من المصلين ترفع أصواتها بالهتافات وتسحب الأعلام والرايات ولافتات مختلفة أعدت للتعبير عن مواقف وآراء سياسية. أحدث هذه الهتافات كانت "ماتخوفوناش بالجنسية، نحن ربتنا الوطنية"، في رد سريع على مناقشة الحكومة لمشروع قانون يتيح لها سحب الجنسية من جزائريين يثبت بشأنهم المساس بالوحدة الوطنية والتعامل مع دولة عدوة أو جماعة إرهابية في الخارج. كما سُمعت في مسيرات اليوم هتافات تجدد مواقف الحراك نفسها، التي ترفض الاعتراف بشرعية السلطة السياسية وتطالب بالتغيير، على غرار "تبون مزور، جاء به العسكر"، و"دولة مدنية وليس عسكرية".

وزاد تفجّر قضية تعذيب الناشط في الحراك سامي درنوني في مركز للأمن تابع لجهاز المخابرات من الغضب من ممارسات الأجهزة الأمنية، ورُدِّدت شعارات مناوئة لجهاز المخابرات، حيث رُفعت لافتة كتب عليها: "التعذيب جريمة ضد الإنسانية"، وكذا رُفعت صور للناشطين الموقوفين، أبرزهم درنوني ومحاد قاسمي، على الرغم من محاولات ناشطين تجاوز هذه الشعارات وتعديلها، على خلفية النقاشات الحادة التي أعقبت رفعها في مسيرات الجمعة الماضي.

ودخلت السلطات الجزائرية في وضع ميداني جديد إزاء مظاهرات الحراك الشعبي، إذ لم تعترض قوات الشرطة المسيرات وسمحت بالتظاهر دونما مشكلات أو محاولات إغلاق للمساحات، في ترجمة ميدانية لقرار سياسي بذلك، عبر عنه الرئيس تبون في حواره المتلفز، الإثنين الماضي، عندما أعلن أن عودة المسيرات لا تزعجه، لكن السلطات الجزائرية نشرت بشكل اعتيادي تعزيزات أمنية في الشوارع والساحات الكبرى في العاصمة وقرب المساجد، منذ الصباح الباكر، تحسباً لمظاهرات الحراك، ويبقى انتشارها أقل مما كانت عليه الحال في الأسابيع الماضية. كما بادرت السلطات إلى خفض تدفق الإنترنت منذ بدء المظاهرات، لمنع الناشطين من البث المباشر ونشر الصور، ومنع بعض القنوات الجزائرية المقيمة في الخارج من بث مظاهرات الحراك مباشرة من هواتف الناشطين.

وعلى الرغم من هذا "التطبيع" الظاهر مع مسيرات الحراك في العاصمة، يبدو أن السلطة السياسية ترغب في الوقت نفسه في محاصرة الحراك بالعاصمة وبعض ولايات منطقة القبائل، حيث حاولت قوات الأمن عرقلة المظاهرات في عدة ولايات، على غرار ميلة وسكيكدة وعنابة وقسنطينة، شرقي الجزائر. وفي مدينة وهران، نشرت السلطات حواجز على مدخلها وفتشت السيارات ذات الترقيم من خارج الولاية، منعاً لوصول متظاهرين محتملين إلى المدينة التي تعد عاصمة الغرب الجزائري.

وتأتي تظاهرات اليوم بعد أربعة أيام من حوار تلفزيوني للرئيس تبون، وجّه خلاله رسائل سياسية إلى مكونات الحراك الشعبي المختلفة، بشأن قبوله بحق التظاهر ودعوته الحراك إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المسبقة التي يعتزم تنظيمها خلال الأشهر المقبلة. وبدا واضحاً من خلال مستوى التعبئة الشعبية أنّ مكونات الحراك لم تتلقى بإيجابية رسائل تبون، خاصة بعد تجدد قضايا تعذيب الناشطين وتعنيفهم، واستقبال الرئيس لأحزاب سياسية كانت تشكل الحزام السياسي للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كـ"التجمع الوطني الديمقراطي".

لكن المواقف لا تبدو واضحة داخل صفوف الحراك الشعبي، وقال متظاهرون، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحراك لن يتوقف ما دامت مطالبه لم تتحقق. وذكر ناصر، وهو موظف في إدارة عمومية، أن "الحراك لن يتوقف. مطالبه واضحة ويجب على السلطات أن تستجيب لها. سيبقى الحراك سلمياً كما بدأ منذ 22 فبراير/ شباط 2019. الشعب هو الممثل الوحيد للحراك".

وأضاف: "استمعنا لحوار الرئيس، وقبل أي انتخابات يجب أن تتحقق المطالب والحريات، وعندها يمكن أن يشارك الحراكيون في الانتخابات ويكون للشعب تمثيله الحقيقي داخل المؤسسات"، بينما قال محمد عباسي، وهو معلم متقاعد، إنّ الانتخابات التي تنظمها السلطة الحالية "ليس لها أي معنى سياسي، ولن تحقق أي تغيير ما دامت الظروف نفسها ورجالات الحكم السابق موجودين في السلطة والمشهد".

ويبدو المشهد الجزائري عصياً على الحل في الظرف الراهن، فالسلطة متمسكة بخريطة طريقها المؤدية بالضرورة إلى انتخابات نيابية مبكرة تتيح تجديد المؤسسات، بينما يستمر الحراك الشعبي بإدارة ظهره لطروحات السلطة وخطوات التهدئة، معتبراً أن مؤشرات التغيير لم تتوفر بعد، في حين برز أخيراً فريق ثالث يساند مطالب الحراك الشعبي، لكنه يرغب في منح الرئيس تبون فرصة تكون اختباراً للنوايا في المرحلة المقبلة.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.

المساهمون