تطورات في قضية انفجار بيروت... أسماء مسؤولين كبار تضم للتحقيقات

تطورات في قضية انفجار بيروت... أسماء مسؤولين أمنيين وسياسيين كبار تضم للتحقيقات

02 يوليو 2021
القاضي البيطار طلب الإذن لاستجواب عدد من الأشخاص بمناصب عليا (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

دخلت قضية انفجار مرفأ بيروت المرحلة الأكثر دقّة بعد ورود أسماء تشغل مناصب عليا في القضية تمهيدًا للادعاء عليها بتهم عدة لن تقتصر على جرم الإهمال والتقصير.

ويؤكد مصدرٌ قضائيٌّ متابعٌ للملف لـ"العربي الجديد"، أنّ أسماءً جديدة ستطاولها "مطرقة" المحقق العدلي تشغل مناصبَ كبرى سياسية وتشمل ضباطاً أمنيين وعسكريين وقضاة، حيث بدأ فعلاً البتّ بالإجراءات والتدابير المطلوبة وفق الأصول القانونية تمهيداً للادعاء عليهم أو ملاحقتهم، لافتاً في المقابل إلى أن الادعاءات لن تقتصر فقط على جرم الإهمال والتقصير.

وقال المصدر إنّ القاضي طارق البيطار طلب الإذن من مجلس النواب ونقابة المحامين في بيروت وطرابلس لرفع الحصانة عن الوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، تمهيداً لملاحقتهم، كما سيستجوب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، المدعى عليه معهم في الملف بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص.

وأفادت وسائل إعلام محلية، اليوم، بأنّ "المحقق العدلي طلب من رئاسة الحكومة إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا كمدعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته"، علماً أنّ الجهاز الأول محسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون، في حين أنّ إبراهيم يعد بمثابة يدّ رئيس البرلمان نبيه بري اليمنى.

وسيطلب البيطار ملاحقة شخصيات عسكرية، على رأسها قائد الجيش السابق جان قهوجي، الذي تستوجب ملاحقته اتباع إجراءات معينة باعتبار أنّ الجرم الملاحق به ارتكب أثناء وظيفته، علماً أنّ المحقق العدلي السابق كان قد استمع إلى قهوجي في فبراير/شباط الماضي بصفةِ شاهدٍ.

ولفت المصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار استبعد حتى الآن فرضيتين بنسبةٍ كبيرة من الفرضيات الثلاث، التلحيم والاستهداف الجوي عبر إطلاق صاروخ، وهو يبحث في فرضية العمل الإرهابي أو الأمني المتعمّد، بيد أنه لم يتوصل إلى شيء ثابتٍ بعد، "خصوصاً أنّ دولاً كان قد طلب مساعدتها لم تتوصل هي الأخرى إلى إعطاء أدلة واضحة وصريحة، الأمر الذي يصعّب المهمة كثيراً"، مؤكداً أنّ الملف سيستغرق مدة طويلة رغم الخطوات الكبرى التي أنجزت.

في السياق، أصدر المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، اليوم الجمعة، قراراً بتخلية سبيل موقوفَيْن اثنَيْن هما الرائد في الأمن العام داود فياض والمهندسة نائلة الحاج المسؤولة في الشركة المتعهدة لأعمال صيانة العنبر رقم 12 في حرم مرفأ بيروت، فيما ردّ طلبات إخلاء سبيل موقوفين آخرين بمواقع أكثر أهمية إدارياً وأمنياً أو عسكرياً، مع الإشارة إلى أنه بإخلاء سبيل فياض لا يبقى هناك أي موقوف من الأمن العام في القضية، بعدما سبق أن أخليَ سبيل الرائد شربل فواز.

وبهذه الخطوة يبقى عدد الموقوفين 17 (من أصل مجموع 25)، بعدما كان القاضي البيطار قد أخلى، في 15 إبريل/نيسان الماضي، سبيل ستّة موقوفين، هم الرائد في أمن الدولة جوزيف النداف، الرائد في الأمن العام شربل فواز، والرقيب أول الجمركي خالد الخطيب، والرقيب أول الجمركي إلياس شاهين، والموظف جوني جرجس، والكاتب لدى دائرة المانيفست والمسؤول عن الجردة مخايل المر.

في المقابل، أصدر النائبان خليل وزعيتر (محسوبان على كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري)، بياناً أكدا فيه استعدادهما "فوراً وقبل صدور الإذن المطلوب من مجلس النواب للاستماع إليهما، للحضور أمام المحقق العدلي لإجراء اللازم وللمساعدة من أجل الوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤوليات في الجريمة".

وتجدر الإشارة إلى أنّ النائبين المذكورين كانا قد تمرّدا على المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان بعد ادعائه عليهما، ورفضا الامتثال أمامه، وتقدّما بدعوى ضدّه بالارتياب المشروع، ما أدى لاحقاً إلى تنحيته وكفّ يده وتعيين البيطار بدلاً منه.

من جهته، عمّم وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي عبر أوساطه أجواءً تؤكد أنه سيعطي إذن ملاحقة اللواء عباس إبراهيم، بما أنّ الإجراءات التي اتبعها البيطار قانونية، علماً أنه كان قد تمرّد أيضاً على بعض القرارات التي اتخذها القاضي صوان سابقاً.

في غضون ذلك، تتجه نقابة المحامين إلى إعطاء الإذن بدورها باعتبار أن الجرم المدعى به لا يتصل بمهنة المحاماة تحديداً.

قائد الجيش من طرابلس: لا تساهل مع "العابثين بالاستقرار"

على صعيدٍ آخر، أطلق قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، اليوم الجمعة، سلسلة مواقف من طرابلس، شمالي لبنان، شدد خلالها على أنه "من غير المسموح لأي كان المسّ بأمن المدينة"، مؤكداً "ألّا تساهل أو تهاون مع من يعبث بالاستقرار كائناً من كان".

وشهدت طرابلس، في الأيام القليلة الماضية، سلسلة أحداثٍ أمنية، أدت إلى جرح قرابة عشرين شخصاً بين محتجين وعسكريين خلال تحركات احتجاجية عمّت المدينة اعتراضاً على ارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي وانقطاع مواد أولية أساسية وخدمات حياتية.

كما سجلت، يوم الأربعاء، مواجهات متنقلة بين عناصر الجيش اللبناني وعشرات الشبّان، تخلّلها إطلاق نار كثيف وانتشار مسلّح في أحياءٍ عدّة، أبرزها التبانة والقبة، في المقابل سيرت دوريات عسكرية لضبطِ الوضع وحفظِ الأمن.

ومساء الأربعاء، وقع إشكال في منطقة العيرونية في طرابلس، مع محتجين خلال محاولة عددٍ من الشبان فتح الطريق، تطوّر إلى تضارب استخدمت فيه العصي والسكاكين، ما أسفر عن سقوط جريح تم نقله سريعاً إلى مستشفى طرابلس الحكومي "القبة"، لكنه ما لبث أن فارق الحياة.

ولا تزال طرابلس تشهد تحركات شعبية وقطعاً للطرق احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وقد فاقم غضب الشارع الطرابلسي غياب أبسط الخدمات، ومنها انقطاع المياه والكهرباء، التي وضعت مسنين وأطفالاً يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي أمام خطر الموت، ما دفع خيّرين إلى التدخل لتقديم المساعدة، فيما أدت الحالة المتوترة في طرابلس إلى تعليق الوقفة الاحتجاجية التي كانت محددة يوم الأحد من جانب رئيس البلدية ومرجعيات وفعاليات المدينة.

ولا تقتصر التحركات على مدينة طرابلس فقط بل تشهد مناطق عدة من لبنان، ولا سيما صيدا، جنوباً، وبيروت والبقاع شرقاً، قطعاً للطرقات واحتجاجات رافضة لحالة الانهيار التي وصلت إليها البلاد والتي تظهر المؤشرات كلها أنها ستزداد تفاقماً.