تضامن وتعاطف من أهل سيناء مع غزة

تضامن وتعاطف من أهل سيناء مع غزة

07 اغسطس 2022
سكان شمال سيناء يرتبطون بقطاع غزة (محمود همس/ فرانس برس)
+ الخط -

يتابع المصريون، في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لحظة بلحظة، وسط مشاعر من التضامن والتعاطف مع ضحايا المجازر التي تقع بحق الفلسطينيين، وذلك ما عبّرت عنه ألسنتهم التي تلهج بالدعاء، وكذلك مناصرة غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي امتلأت بصور الشهداء الفلسطينيين والقصف الإسرائيلي طيلة أيام العدوان الذي بدأ مساء الجمعة الماضية.

ولطالما كانت لأهالي سيناء مواقف عملية لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة، خلال العدوان الإسرائيلي عليهم بدءاً من حرب عام 2008 مروراً بحرب 2012 وكذلك 2014، وصولاً إلى العدوان الذي وقع في مايو/ أيار 2021، حيث استقبلت مستشفيات شمال سيناء عشرات المصابين الفلسطينيين، وسط ترحيب شعبي كبير، وتقديم كل المساعدات والدعم اللازم للمصابين ومرافقيهم، وكذلك المساعدة في إدخال المساعدات الطبية والغذائية لقطاع غزة خلال الأحداث سابقة الذكر. وفي عدوان 2012 تمكن أبناء سيناء من الوصول إلى غزة ودعم الفرق الطبية هناك، وكذلك المشاريع الإغاثية، في ظل حكم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات داعمة لغزة وأهلها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، رغم الظروف التي تحيط بسكان شمال سيناء، على الصعيد الأمني والاقتصادي، إلا أن الأوضاع في غزة كانت حاضرة وبقوة، بما في ذلك المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في حملته ضد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي. وكتب مسؤولون في تلك المجموعات منشورات داعمة لغزة وأهلها، ما يشير إلى حجم ارتباط سكان شمال سيناء بقطاع غزة، على مدار التاريخ، بحكم العلاقات العربية والقومية والجوار الجغرافي، واختلاط الدم الفلسطيني بالمصري على مدار سنوات الصراع مع الاحتلال.

وفي التعقيب على ذلك، يقول الدكتور ياسر عبد العظيم الذي يعمل طبيباً في مستشفى العريش العام لـ"العربي الجديد": "تتقطع قلوبنا حزناً على أطفال ونساء ورجال غزة الذين يستشهدون ويصابون بالقصف الإسرائيلي المتواصل، نتمنى لو نستطيع الوصول إليهم أو استقبالهم مرة أخرى للعلاج كما فعلنا قبل ذلك"، مضيفاً: "ما يربطنا بفلسطين وغزة أكبر بكثير مما يفرقنا، نشعر بالظلم والضعف الذي يعانون منه بفعل الاحتلال وحصاره وعدوانه عليهم، وواجب علينا كمصريين وعرب أن نشعر بهم ونقدم لهم كل ما نستطيع فعله".

وأشار عبد العظيم إلى أن "الرغبة تتملّك كل العاملين في الطواقم الطبية في مستشفيات شمال سيناء، لتقديم الدعم الطبي اللازم للمصابين من جرحى العدوان على غزة، وكانت لنا تجارب عدة في استقبال مصابي غزة في الحروب السابقة على قطاع غزة، وما زالت لدينا الرغبة الجامحة في تقديم يد العون الطبي لهم"، موضحاً أن الأطباء المصريين في شمال سيناء يعرفون جيداً حجم الضغط الذي يلقاه الأطباء والطواقم الطبية في مستشفيات غزة نتيجة لمعايشتهم ظروفاً مشابهة لما يحصل في غزة، خلال السنوات الماضية، بوقوع عشرات الهجمات الإرهابية والعمليات العسكرية في شمال سيناء، خلال الحرب على الإرهاب، ما يستدعي وقفة حقيقية من الفرق الطبية في شمال سيناء مع أشقائهم في الجانب الفلسطيني خلال هذه المحنة التي يتعرضون لها بفعل العدوان الإسرائيلي.

يشار إلى أن السلطات المصرية فتحت معبر رفح خلال عدوان مايو/ أيار 2021، لاستقبال الجرحى الفلسطينيين، وإدخال المساعدات الطبية والغذائية، وكذلك سيارات الإسعاف المقدمة من مؤسسات ودول خارجية، لصالح غزة، في حين أن المعبر مغلق منذ بدء العدوان في ظل الإجازة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت، وفي حين لم تستقبل أي حالة أو تعلن عن استعدادها لاستقبال حالات برغم وصول عدد المصابين إلى 280 مصاباً، منهم إصاباتهم حرجة للغاية لأطفال ونساء وكبار سن، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان لها. وتعاني مستشفيات غزة من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل لعدم توافر الوقود اللازم، بعد إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم التجاري قبل بدء العدوان بأيام.

وقال أحد تجار شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إنه وبرفقته العشرات من تجار شمال سيناء، والمواطنين، مستعدون لتقديم الدعم اللازم لسكان غزة، وفقاً لاحتياجاتهم الضرورية، خصوصاً أصحاب البيوت التي جرى هدمها في العدوان، وكذلك أهالي الشهداء والجرحى. وتابع قائلاً، شريطة عدم ذكر اسمه، "وهذا أقل الواجب الذي ينبغي علينا كمصريين تقديمه لأشقائنا الفلسطينيين في قطاع غزة المجاور للأرض المصرية"، مضيفاً: "سنبلغ مبادرتنا للجهات الحكومية في المحافظة للتنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل وصول المساعدات إلى الفلسطينيين عبر بوابة معبر رفح البري الواصل بين سيناء وقطاع غزة".

وأشار التاجر إلى أنه برغم الظروف الاقتصادية التي تمر على محافظة شمال سيناء، والتي هي انعكاس للواقع الأمني فيها، حيث لم تتعافى المحافظة من ارتدادات الحرب على الإرهاب المستمرة منذ عام 2013، وأثر على كل مناحي الحياة في المحافظة، إلا أن أهالي سيناء فيهم من النخوة والكرامة والكرم ما يكفي لدعم أشقائهم الفلسطينيين في قطاع غزة بكل ما يلزمهم للتخفيف من حدة العدوان الإسرائيلي وأثاره عليهم.

وأوضح أن "أقل ما يمكن في ذلك تقديم المعونة الغذائية والطبية للمحاصرين في غزة، داعياً كل المصريين للوقوف جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين بكل ما يحتاجونه للاستمرار في مواجهة المحتل الإسرائيلي الذي هو عدو لكل مسلم وعربي وفي مقدمتهم المصريون"، وفق قوله.

ويرتبط سكان شمال سيناء بعلاقات قرابة ونسب مع سكان قطاع غزة، خصوصاً مدينتي رفح وخان يونس جنوبي قطاع غزة، كعوائل الشاعر وقشطة وزعرب وبرهوم، وقبائل السواركة والترابين والارميلات. وقدم أهالي غزة الدعم لسكان شمال سيناء خلال الحصار الذي فرض عليهم عام 2018، من قبل قوات الجيش التي أغلقت المحافظة بشكل كامل، ومنعت دخول أي مواد غذائية أو محروقات إليها أو أدوية، فعمل أهل غزة على إدخال المواد الغذائية، خصوصاً الدقيق، وكذلك الدواء وحليب الأطفال، عبر المسافرين من معبر رفح، وغيرها من الطرق عبر الحدود الفاصلة بين المنطقتين.