تصعيد غير مسبوق في الاستيطان والإجراءات العسكرية في الضفة الغربية
استمع إلى الملخص
- تميزت الفترة الأخيرة بزيادة في عمليات الهدم والإخطارات، حيث تم تسليم 1667 إخطارًا ونُفذت 1014 عملية هدم، مع اعتداءات متزايدة من المستوطنين، مما أدى إلى استشهاد 33 فلسطينيًا.
- أظهرت التقارير تدمير 48728 شجرة زيتون ودراسة بناء 37415 وحدة استيطانية جديدة، مما يهدف إلى تعزيز السيطرة الاستيطانية وإفشال إقامة دولة فلسطينية مستقبلية.
كشف تقرير خاص، اليوم الأحد، في ذكرى مرور عامين على حرب الإبادة أعلنته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عن إقامة المستوطنين خلال هذين العامين 114 بؤرة استيطانية جديدة، في رقم اعتبره رئيس الهيئة مؤيد شعبان، خلال مؤتمر صحافي في الهيئة برام الله وسط الضفة الغربية، بأنه غير مسبوق في سياسة البلطجة وفرض الوقائع، مقارنة بـ190 بؤرة قبل السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، أي بارتفاع بلغ نحو 60%.
ووصل منسوب مصادرة الأراضي ونزع الملكية لا سيّما تحت مسمى أراضي الدولة خلال عامين؛ إلى قرابة نصف ما صادره الاحتلال منذ توقيع اتفاقية أوسلو
عام 1993. وبحسب التقرير، فقد بلغت مساحة الأراضي التي صودرت 55 ألف دونم من خلال 108 أوامر وضع يد لأغراض عسكرية أدى جزء منها لفرض 25 منطقة عازلة حول المستوطنات، و6 أوامر استملاك، و14 إعلان أراضي دولة، و6 إعلانات مصادرة لمحميات طبيعية فلسطينية.وضمن تلك المصادرات، خصّصت دولة الاحتلال ما مجموعه 16 ألف دونم من أراضٍ مصادرة لصالح رعي المستوطنين، وهو ما اعتبره شعبان ضمن إطار الإجراءات الاستيطانية غير المسبوقة، لتثبت حكومة الاحتلال، بحسب شعبان، رعايتها لإرهاب المستوطنين المسلحين في السيطرة على الأراضي بحجج الرعي والزراعة، وأكد التقرير أن دولة الاحتلال قرّرت خلال فترة حرب الإبادة؛ فصل 13 حياً استيطانياً واعتبارها مستوطنات مستقلة، وأضافت قراراً بإقامة 22 مستوطنة جديدة، وقررت تسوية أوضاع "شرعنة" 11 بؤرة من خلال قرارات حكومية، لتضاف إلى قائمة مكونة من 68 بؤرة زراعية قرّرت حكومة الاحتلال مدّها بالبنى التحتية كافّة الكفيلة بتثبتيها.
وفيما وصل عدد الإخطارات المسلّمة للفلسطينيين إلى 1667 إخطاراً للهدم، في مقابل ذلك بلغ عدد عمليات الهدم 1014 عملية تسببت بهدم 1288 منشأة، وهو ما قال شعبان إنه ارتفاع غير مسبوق في إطار منهجية استهداف البناء والنمو الطبيعي الفلسطيني. ووصل عدد الحواجز العسكرية والبوابات 916، منها أكثر من 243 بوابة حديدة جرت عملية موضعتها بعد السابع من أكتوبر 2023. وفي العام الجاري بحسب شعبان، أغلقت قوات الاحتلال تلك الحواجز والبوابات كافّة مرتين، بحيث أحكمت إغلاق الضفة الغربية خلال هاتين المرتين قبل إعادة فتحها.
وقال شعبان: "إنّ الأراضي الفلسطينية تحولت في العامين الأخيرين إلى مختبر لسياسات استعمارية غير مسبوقة، يختبر فيها آخر احتلال على وجه الأرض فنون القتل والإخضاع والتطويع الإنساني والجغرافي، وتُسنّ فيها القوانين العنصرية لحماية المستوطنين ومنحهم الغطاء القانوني والسلاح في ذات اللحظة؛ للتملص من المساءلة والاستمرار في ممارسة الإرهاب والعنف، ويُجرَّد الفلسطيني من أبسط حقوقه في السكن والتنقل والبناء والحياة بكرامة".
وأكد شعبان أن منظومة الانتهاكات تلك لا تعكس مجرد تجاوزات فردية معزولة هنا وهناك، بل تمثل ما يرقى إلى نظام فصل عنصري ممنهج تُمارسه دولة الاحتلال في وضح النهار، متحدية بذلك كل قرارات الشرعية الدولية. وأوضح شعبان أن الأرقام التي قدمها التقرير لا تعكس مجرد اعتداءات متفرقة، بل تكشف عن سياسة منظمة وممنهجة تهدف إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وتحويل الاحتلال العسكري إلى استعمار مدني دائم.
وأكد شعبان أن ما يجري منذ السابع من أكتوبر 2023، ليس طارئاً ولا ردّة فعل، بل هو تنفيذ سريع ومكثف لمخططات كانت محفوظة في الأدراج، استُدعيت تحت غطاء الحرب والإبادة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني والأعراف الاجتماعية. وعلى صعيد الاعتداءات ومنذ السابع من أكتوبر 2023، نفذت دولة الاحتلال على يد الجيش والمستوطنين ما مجموعه 38359 اعتداء، منها 7154 اعتداء على يد المستوطنين؛ تسببت باستشهاد 33 مواطناً على يد مستوطنين، وتسببت الاعتداءات التي قصدها إلحاق الأضرار بإشعال ما مجموعه 767 حريقاً في ممتلكات وحقول الفلسطينيين.
وفي استهداف ممنهج للأشجار والزراعة، لا سيّما شجرة الزيتون، أوضح التقرير أن الاعتداءات أدت إلى اقتلاع وتحطيم وتضرر ما مجموعه 48728 شجرة منها 37237 من أشجار الزيتون، وفي ذات الإطار أصدرت سلطات الاحتلال في العامين الماضيين، ما مجموعه 30 أمراً عسكرياً تحت مسمى اتخاذ الوسائل الأمنية التي تستهدف الطبقة الشجرية في مساحات واسعة وصلت إلى ألف دونم من مختلف الأراضي الفلسطينية بحجج أمنية.
كما درست الجهات التخطيطية في دولة الاحتلال ما مجموعه 355 مخططاً هيكلياً لغرض بناء ما مجموعه 37415 وحدة استيطانية على مساحة 38551 دونماً جرت عملية المصادقة على 18801 وحدة منها، وطرحت عطاءات لبناء 6430 وحدة استيطانية جديدة منها أكثر من 3000 وحدة لصالح مستوطنة معاليه أدوميم شرقي القدس، و970 وحدة لصالح مستوطنة إفرات على أراضي بيت لحم، و700 أخرى في أرئيل على أراضي محافظة سلفيت.
وتعليقاً على تلك الأرقام غير مسبوقة، قال مدير عام التوثيق والنشر في الهيئة أمير داود لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر؛ إنها تشير إلى أن ما يجري مخططات معدة مسبقاً وليست ردة فعل على ما حدث بعيد السابع من أكتوبر، بحيث جرى استدعاء مخططات كبيرة من الأدراج من أجل التنفيذ، وأكد داود أن "دولة الاحتلال، من خلال جملة الاعتداءات، تريد أن تعدم إمكانية إقامة دولة فلسطينية في المستقبل من خلال الآلية الرسمية من مؤسسات الاحتلال، من خلال جملة المخططات الاستيطانية والقوانين التي جرى التقدم بها من أجل إقرارها، وكذلك من خلال المؤسّسة غير الرسمية المتمثلة بمليشيات المستوطنين لفرض الوقائع على الأرض من خلال إقامة بؤر استيطانية وترحيل قسري للتجمعات البدوية".
وحول العدد الكبير من اعتداءات المستوطنين وتغيّر طبيعتها، قال مدير عام العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان لـ"العربي الجديد": "إن تلك الهجمات والاعتداءات أصبحت منظمة ومخططاً لها، وليست عشوائية كما في السابق"، موضحاً وجود تنسيق بين المستوطنين عبر مجموعات الواتساب وتطبيقات المراسلة، ويقدمون على خطوات يعون نتائجها، وأضاف داود: "بعد السابع من أكتوبر 2023، كان هناك قرار لتهجير قسري للتجمعات البدوية بقوة السلاح، ومن خلال هذه الإجراءات جرى تهجير 35 تجمعاً، بدعم لا محدود من حكومة الاحتلال لهم، سواء بالتمويل أو شرعنة البؤر الاستيطانية، أو توفير الحماية لهم بارتكاب الجرائم وعدم المحاسبة، ما عزّز الإجرام الاستيطاني".