استمع إلى الملخص
- أكد رئيس البرلمان الجزائري على أهمية فتح ملف تجريم الاستعمار الفرنسي، مشيراً إلى أن البرلمان سيعمل على صياغة قانون لتجريم الاستعمار كأمانة تجاه الشعب والضحايا.
- تضمنت مسودة قانون تجريم الاستعمار 54 مادة تطالب باعتراف فرنسا واعتذارها، وتقديم تعويضات، وإنشاء محكمة جنائية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الاستعمارية.
أوصى المؤتمر الدولي حول "التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر" المنعقد في العاصمة الجزائرية، اليوم الخميس، بإصدار "قانون تجريم الاستعمار وسنّ قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي، ويلزم فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن جرائمها ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتجارب النووية، ويفتح المجال للمساءلة الجزائية والمدنية"، وأوصى كذلك بـ"تشكيل لوبي حقوقي ودبلوماسي للضغط على فرنسا من خلال المنظمات الدولية لإجبارها على تقديم التعويضات والاعتراف بجرائمها".
وقال رئيس البرلمان الجزائري إبراهيم بوغالي، في تصريح على هامش المؤتمر الدولي، إنّ البرلمان "سيقوم بفتح ملف تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، نزولاً عند المطلب الشعبي في الجزائر"، مشدداً على أنّ "فتح ملف تجريم الاستعمار سيأخذ مساره الطبيعي في البرلمان الذي سيرافع من أجل الدفاع عن الشهداء وحقوق ضحايا التفجيرات النووية".
واعتبر بوغالي أنّ خطوة صياغة قانون لتجريم الاستعمار تعد "أمانة في أعناقنا لا بد من صونها، ولن نتخلى أبداً عن التزاماتنا تجاه شعبنا وشهدائنا وكل الضحايا الذين ما زالوا يعانون إلى غاية اليوم، حيث يقع على عاتق المجلس (البرلمان) مسؤولية كبيرة من منطلق الحفاظ على كرامة الشهداء والضحايا بما فيهم ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء، التي تعد الجريمة قائمة ولا تسقط بالتقادم، خاصة بفعل استمرار تداعياتها الصحية على وجه الخصوص، والاشعاعات المواجودة في المواقع التي جرت فيها".
وعززت الأزمة السياسية والدبلوماسية الحادة، القائمة بين الجزائر وباريس منذ يوليو/ تموز 2024، من التصعيد الجزائري السياسي ضد فرنسا وزيادة الضغط باستخدام ملف جرائم الاستعمار والتاريخ الكولونيالي، وهو ما يجعل الطريق تبدو سالكة باتجاه رفع التعطيل عن مبادرات نيابية كانت قُدمت في وقت سابق لصياغة قانون لتجريم الاستعمار منذ عام 1984.
وكان آخر المبادرات مسودة "قانون لتجريم الاستعمار" قدمها النائب عن كتلة حركة مجتمع السلم (معارضة) زكرياء بلخير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، ووقعها 100 من نواب البرلمان الجزائري وتتضمن 54 مادة تطرقت إلى مجموع الجوانب السياسية والقانونية والمسؤولية التاريخية للدولة الفرنسية عن جرائم الإبادة والتهجير والتجهيل ونهب الثروات الجزائرية، ويضع القانون شرطاً اعتراف فرنسا واعتذارها وإقرارها بتقديم تعويضات شرطاً رئيساً لعقد أية اتفاقيات أو معاهدات مستقبلية مع الدولة الجزائرية.
ويهدف نص المسودة التي بقيت مجمدة منذ ذلك التاريخ إلى إدانة الاستعمار الفرنسي عن كامل الأعمال الإجرامية التي ارتكبها واسترجاع الحقوق المسلوبة المعنوية والمادية على حد سواء جراء العدوان المسلح على الشعب الجزائري منذ 14 يونيو/ حزيران 1830 حتى الاستقلال، ويشدد القانون على المعاقبة بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامات مالية لكل من يقوم بتمجيد الاستعمار الفرنسي في الجزائر بأية وسيلة من وسائل التعبير.
ويحمّل القانون "الدولة الفرنسية المسؤولية كاملة عن الجرائم التي ارتكبتها الجيوش الفرنسية وعملاؤها طيلة فترة الاستعمار بصفتها جرائم ضد الإنسانية، كالتفجيرات النووية والابادة الجماعية (أكثر من 5.6 ملايين شهيد) وحقول الألغام وجريمة الألقاب المسيئة وسرقة الممتلكات والتراث الوطني"، ويشدد على أن جرائم الاستعمار الفرنسي لا تخضع لمبدأ التقادم ولا لقوانين العفو وفقاً لمقتضيات القانون الدولي الإنساني، وتنص المادة السادسة من القانون على المطالبة بالتعويضات عن الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن الجرائم الاستعمارية.
وتصنف هذه المسودة جرائم الاستعمار الفرنسي خمسة أصناف، هي جرائم حرب تشمل التقتيل والإعدامات واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وسياسات الأرض المحروقة، وجرائم العدوان بالتخطيط لاحتلال الأراضي، وجرائم الإبادة الجماعية التي تشمل إهلاك قرى وقبائل بأكملها وإخضاع الجزائريين لأحوال معيشية بقصد إهلاكهم، وجرائم ضد الإنسانية تشمل التشريد والنفي والتجنيد القسري والتفجيرات النووية، وجرائم ضد الهوية الوطنية تشمل قتل العلماء وهدم المساجد وإغلاق الكتاتيب وبث التخلف والحرب الدينية".
كما تنص مسودة قانون تجريم الاستعمار على استحداث محكمة جنائية تختص بمحاكمة كل شخص ارتكب أو ساهم في ارتكاب جريمة من الجرائم الاستعمارية سالفة الذكر، ويحاكم أمامها كل شخص ارتكب ذلك مهما كانت جنسيته أو صفته، كما يحق لكل ضحية أو لذوي الحقوق رفع دعوى أمام هذه المحكمة الجنائية، وتلزم السلطات الفرنسية بتسليم المطلوبين المتهمين أو المدانين، ويمنع القانون منح أية حقوق لمعمري الأقدام السوداء (الفرنسيين المولودين في الجزائر)، ويشدد القانون على إلزام الدولة الجزائرية فرنسا بإعادة الممتلكات المنهوبة والمهربة خلال الاستعمار، والعمل عبر قنواتها الرسمية والدبلوماسية على إجبار فرنسا على تقديم تعويضات عادلة ومنصفة لجميع ضحايا التجارب النووية التي نفذتها في الصحراء الجزائرية، ويضع القانون على عاتق الدولة الجزائرية الاعتراف لأبناء المبعدين وأحفادهم والمهجرين والمنفيين في كل الأقطار.