تتجه العلاقة بين النقابات الأمنية في تونس ووزارة الداخلية نحو مزيد من التصعيد، بسبب "التضييق" على نشاطها، فيما يؤكد النقابيون رفضهم إيقاف بعض عناصرهم مؤخرا على خلفية نشاطهم النقابي، الأمر الذي دفع قوات الأمن الداخلي لتنفيذ وقفة احتجاجية اليوم الأربعاء.
وفيما جرت وقفة بمحافظة صفاقس، أُعلن عن خطة لتوسيع الاحتجاجات لتصل إلى محافظتي المنستير وقابس، مع التأكيد على البحث عن أشكال نضالية أخرى.
وكان مقر النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي قد أغلق الإثنين، ووصف بعض النقابيين القرار بـ"الخطوة التصعيدية" التي جاءت على خلفية التوتر الحاصل مع وزارة الداخلية، ولكن هذه الأخيرة نفت علاقتها بالموضوع.
وأوضح رئيس مكتب الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية فاكر بوزغاية أن وزير الداخلية توفيق شرف الدين لم يقرر غلق المقر الذي تم بمقتضى صدور قرار قضائي، على أثر شكاية تقدم بها صاحب العمارة التي تتخذها النقابة مقرا لها.
وقال بوزغاية، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، إنه تم حجز معدات النقابة بالمقر، ومبلغ مالي يناهز 600 ألف دينار تونسي، وفتح بحث في الموضوع.
يشار إلى أن وزير الداخلية توفيق شرف الدين تطرق، خلال اجتماع المجلس الأعلى لقوات الأمن الداخلي، الإثنين الماضي، إلى "تكريس الحق في العمل النقابي وتنظيمه بالمؤسّسة الأمنيّة، بما يتماشى والدور الاجتماعي للنقابات المهنيّة الأمنيّة، في إطار علويّة القانون وضوابط العمل المؤسّساتي".
وكانت خلافات حادة قد برزت مباشرة بعد قرار وزير الداخلية منع الاقتطاع من أجور الأمنيين لفائدة النقابات، واصفا إياها بـ"غير القانونية"، مؤكدا إعداد مشروع لتوحيد النقابات الأمنية في هيكل واحد.
وقال الناطق باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، شكري حمادة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التحرك في صفاقس وغيره من التحركات المنتظرة جاءت للتعبير عن رفض التضييق على العمل النقابي، وخاصة طريقة التعامل مع الهياكل النقابية وغلق وزارة الداخلية لباب التفاوض.
وأكد أن "هناك عددا من الأمنيين الموقوفين كان قاضي التحقيق العسكري بصفاقس قد أصدر في حق 8 منهم بطاقات إيداع بالسجن، على خلفية ما حصل يوم 2 سبتمبر/ كانون الأول الماضي من أحداث عنف تزامنت مع إزالة خيام اعتصامات نقابيين أمنيين"، مطالبًا بإطلاق سراحهم.
وقال حمادة: "منذ أن أصدرت الحكومة المنشور عدد 20 الذي يضيّق المفاوضات مع النقابات، توترت العلاقة مع وزارة الداخلية، وبدأت العديد من الإشكاليات تطفو على السطح"، مضيفا أنه "لا مجال للقضاء على العمل النقابي.. لا القانون يسمح بذلك، ولا يمكن وضعنا تحت الوصاية".
وحول الجدل الذي أثير حول غلق مقر نقابة قوات الأمن الداخلي والعثور على مبلغ مالي، رد أن "غلق المقر كان في إطار حكم قضائي نفذ بالقوة العامة"، مؤكدا أن المبلغ المالي داخل المقر قانوني ومصدره نظيف، وأن من حقهم أن تكون لهم سيولة.
وبين أن "وزارة الداخلية أكدت أنها ليست وراء تسريب فيديو غلق المقر، في حين أن الموجودين هما عدل منفذ وسلطة التنفيذ، أي الضابطة العدلية، وبالتالي من وراء التسريب الذي يحاول تشويه النقابة الوطنية للأمن الداخلي منذ فترة؟".
"عودة لمربع التعليمات"
من جهته، أكد كاتب عام النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي، نبيل العياري، أن هناك في وزارة الداخلية من يريد إعادة الأمنيين إلى مربع التعليمات عوض العمل حسب ما يقتضي القانون، مؤكدا، في تصريح إعلامي، أن "النقابيين الأمنيين أصبحوا مشاريع إيقاف".
وجاء تصريح العياري إثر تحرك احتجاجي لعدد من الأمنيين بمحافظة صفاقس، أمس الأربعاء، مبينا أن "وزارة الداخلية تعمل على التضييق على العمل النقابي وإحالة كل نقابي يعبر عن رأيه أو ينشر تدوينة على التفقدية العامة أو على القضاء"، داعيا إلى إطلاق سراح زملائهم الموقوفين والتصدي للحملة التي تستهدف العمل النقابي.
وطالب العياري رئيس الجمهورية بـ"تدخل عاجل لإنقاذ وزارة الداخلية"، مبينا أن "أوضاع الأمنيين لا تختلف كثيرا عن المواطنين الفقراء والمحرومين، في ظل غلاء المعيشة والنقص الفادح في المواد الغذائية".