استمع إلى الملخص
- يُعرف عن رجي تبنيه مواقف جريئة تتماشى مع حزب القوات اللبنانية، مما يثير انتقادات واتهامات بتبرير الانتهاكات الإسرائيلية، بينما تؤكد الحكومة اللبنانية التزامها بحصر السلاح بيد الدولة.
- رد حزب الله بالتأكيد على التزامه بالقرار 1701، مشيراً إلى أن تصريحات الوزراء غالباً ما تعكس سياسات أحزابهم، مما يثير تساؤلات حول تمثيلها لسياسة الدولة.
أحدثت تصريحات وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، أمس الأربعاء، التي اتهم فيها حزب الله بالتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وبأن تمسك الحزب بسلاحه يقدّم ذريعة لجيش الاحتلال للبقاء في البلاد، ضجة في الأوساط اللبنانية، ما دفع حزب الله إلى الردّ عليه ومطالبة الحكومة اللبنانية بتصحيح هذه التصريحات التي "تشوه الحقائق وتضرّ بالمصلحة الوطنية".
وقال رجي، أمس الأربعاء، إنّ "نص اتفاق وقف إطلاق النار واضح ويحدّد المجموعات المسموح لها بحمل السلاح لكن حزب الله يتنصل منه"، وجاء موقفه بالتزامن مع تشديد الرئيس اللبناني جوزاف عون أمام وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك على أن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي يُعرقل تنفيذ القرار 1701".
وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر عن رجي تصريحات تثير بلبلة في لبنان، مثل إقراره بالانتماء إلى حزب القوات اللبنانية، برئاسة سمير جعجع، وحديثه عن دوره كمقاتل إبان الحرب الأهلية وحمله البارودة بعمر 15 سنة، وتأكيد تمثيله لهذه "المدرسة المقاومة" وعدم شعوره بأي خجل من تلك الفترة، إلى جانب تصريحات هاجم فيها حزب الله في المحافل الدولية واتهمه فيها بخرق الاتفاق، وعُرف عنه تبنيه مواقف في كثير من الأحيان خارجة عن عباءة موقف الحكومة الرسمي الذي يؤكد التزام لبنان بما وافق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ما تُرجم في أكثر من مرة بتراشق كلامي بينه وبين حزب الله.
وفي حين يعتبر قسمٌ من اللبنانيين أن كلام وزير الخارجية جريء وواضح ومباشر ويأتي في سياق التزام الدولة اللبنانية بتطبيق القرارات الدولية، على رأسها القرار 1701، يعترض عليه قسمٌ آخر باعتبار أنه يتحدث باسم حزب القوات اللبنانية، الذي ينتمي إليه، وبسبب حدية الخطاب نفسه وعدم تلاقيه مع الموقف الرسمي اللبناني، الممثل برئاستي الجمهورية والحكومة، كما يرى المعترضون في كلامه تبريراً للانتهاكات الإسرائيلية، سواء السابقة أو أي اعتداء يحصل على الأراضي اللبنانية ويسقط فيه شهداء وجرحى.
وفي السياق، تقول أوساط حكومية لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة اللبنانية ملتزمة ببيانها الوزاري، وتصرّ على تطبيق وقف إطلاق النار، وضرورة التزام إسرائيل بهذا الاتفاق، والانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية، وتعمل على حصر السلاح بيد الدولة، وفق ما ينص عليه الدستور". وتؤكد هذه الأوساط أن "هذا هو موقف الحكومة اللبنانية الذي لا تحيد عنه، بغضّ النظر عن المواقف التي تخرج عن وزراء قد يعبرون فيها أحياناً عن موقف سياسي و(يشطحون) أحياناً أخرى".
حزب الله يرد
وقال حزب الله، اليوم الخميس، في رده على رجّي: "ليست المرة الأولى التي ينبري فيها وزير الخارجية لكيل الاتهامات وترويج الافتراءات بحق حزب الله، في ظل استمرار تمادي العدو المحتل في تغوله ضد لبنان واللبنانيين، من خلال تسعير جرائمه، وانتهاكاته اليومية للسيادة، وقتل اللبنانيين في خرق مستمر وفاضح للقرار الدولي 1701 وورقة الإجراءات التنفيذية المنبثقة عنه".
وقال عضو كتلة حزب الله البرلمانية "الوفاء للمقاومة" وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، النائب إبراهيم الموسوي: "كُنّا نأمل من وزير خارجية لبنان بأن يقوم بالحد الأدنى من واجباته ومسؤولياته الوطنية تجاه جرائم العدو باستنكارها ووضعها أمام المجتمع الدولي. ولكنه ذهب بعيداً في افتراءاته لاتهام حزب الله بالتنصل من وقف إطلاق النار، في موقف خطير جداً ينقلب على الثوابت الوطنية وسياسات الحكومة، ويعطي العدو تبريراً لاعتداءاته وصك براءة مفتوحاً للمضي في إجرامه".
وأكد أنّ "حزب الله ملتزم بما التزمت به الحكومة اللبنانية بموجبات القرار 1701 وورقة الإجراءات التنفيذية، ومن أبسط واجبات وزير الخارجية أن يلتزم بتوجيهات رئيس الجمهورية وسياسات الحكومة التي عليها أن تبادر إلى تصحيح تصريحات هذا الوزير، كونها تشوّه الحقائق وتضرّ بالمصلحة الوطنية".
ودائماً ما تكون مواقف وزراء الخارجية في الحكومات المتعاقبة، آخرهم كانوا من حصص التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل)، مرتبطة بسياسة الحزب الذي ينتمون إليه وخطابه السياسي، وتخرج في كثير من الأوقات عن بيانات الحكومة الرسمية، الأمر الذي كان يثير بلبلة وإحراجاً للحكومة نفسها، وخلافات وتساؤلات حول الموقف اللبناني، وما إذا كانت المواقف الصادرة عن وزير الخارجية تمثل سياسة الدولة أم لا.