تصريحات جزائرية تحمل رسائل إيجابية إلى دول الساحل لتجاوز الأزمة

26 مايو 2025   |  آخر تحديث: 19:24 (توقيت القدس)
عطاف خلال مؤتمر التحديات الأمنية في الساحل، 25 مايو 2025 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الجزائر تسعى لتعزيز الحوار الإقليمي مع دول الساحل، رغم التوترات الأخيرة، مؤكدة على أهمية التعاون الأمني والاقتصادي ودورها كعنصر استقرار في المنطقة.
- تصريحات المسؤولين الجزائريين تعكس تحولاً دبلوماسياً ناعماً يهدف إلى بناء الثقة عبر الأمن والتنمية، مع التركيز على الحوار الشامل بدلاً من الحلول العسكرية.
- الجهود الجزائرية تشمل خطوات ملموسة مثل زيارة سيدي علي بلعرابي إلى بوركينا فاسو، وتعتمد على تجاوب دول الساحل واستعدادها لتقديم إشارات إيجابية.

حملت تصريحات جديدة لمسؤولين عسكريين وسياسيين في الجزائر، رسائل سياسية إيجابية إلى دول الساحل، بإمكانية العودة إلى الحوار الإقليمي، رغم الأزمة الحادة منذ إسقاط الجزائر طائرة مالية مسيرة مسلحة في 31 مارس/ آذار الماضي، كانت بصدد قصف مواقع لحركات الأزواد على المسافة صفر من الحدود الجزائرية.

وأكد قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة في مؤتمر عُقد حول التحديات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي، الأحد، أن "للجزائر حرصاً دائماً على تقديم يد المساعدة لبلدان الجوار، وأنها لا تزال عنصر أمن واستقرار في المنطقة، من خلال حرصها على تعزيز إمكانات الدفاع لشركائها وجيرانها في الساحل، وكذا مرافقتها في مجال مكافحة الإرهاب". وأضاف "بلادنا التي تربطها علاقات تاريخية وإنسانية متميزة مع شعوب منطقة الساحل، لطالما سعت للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسكان المنطقة". وأعاد شنقريحة في السياق التذكير بأهمية لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي كانت تجمع الجزائر مع كل من النيجر ومالي وموريتانيا اطاراً للتنسيق الإقليمي المشترك لمحاربة الإرهاب.

وعزز وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف هذا الاتجاه، بمداخلة قال فيها إن "الجزائر لا تفقد الأمل في تسوية المشكلات عبر الحوار الدائم". وتأتي أهمية هذه الرسائل الإيجابية، في ظل خفوت نسبي وتوقف خطوات التصعيد السياسي بين الجزائر ودول الساحل من جهة، والتمدد الذي تشهده المنطقة في الفترة الأخيرة للجماعات المسلحة، وتفاقم الهجمات في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ومن جانب آخر في ظل بروز تداعيات اقتصادية واجتماعية بالنسبة لسكان المناطق شمالي مالي والنيجر.

وفي هذا الصدد، يرى الباحث وأستاذ العلوم السياسية مولود ولد الصديق الذي يعمل منذ فترة على ملفات دول الساحل والتطورات المتصلة بالأوضاع السياسية والأمنية، أن تصريحات المسؤولين الجزائريين الأخيرة، تعد "مؤشرات إيجابية تنتظر أن تُستقبل بالإيجابية نفسها من قبل دول الساحل". وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ما جاء في كلمة الفريق أول شنقريحة، ووزير الخارجية، يحمل في طياته رسائل إيجابية وواضحة المعالم موجهة إلى دول الساحل، برغم التوترات السياسية القائمة وسحب السفراء".

وأضاف "في هذه الرسائل تأكيد من الجانب الجزائري أنها لا تزال تؤمن بالروابط التاريخية والإنسانية، وبمبدأ الحوار والتضامن قاعدة للعلاقات (...) هذه التصريحات ليست مجرد مواقف بروتوكولية، بل تعكس تحولاً دبلوماسياً ناعماً، يعيد تقديم الجزائر فاعلاً موثوقاً ومسؤولاً، ويطرح الأمن والتنمية جسراً لإعادة بناء الثقة مع الأنظمة والشعوب على حد سواء". واستطرد قائلاً: "التصريحات جزء من استراتيجية إرسال رسائل إيجابية إلى دول الساحل، خصوصاً في ظل الانقسامات الإقليمية"، وتابع "الجزائر تريد أن تجدد التذكير لدول الجوار باستراتيجية تتجاوز البعد العسكري الصرف، لتشكل إعلان نية سياسي ـ أمني متكامل تقوم بالأساس على الأمن عبر الحوار وليس البندقية والحوار بدل العنف".

وسبق هذه التصريحات خطوات أخرى بفتح "قنوات ناعمة" وأدوات يمكن أن تساعد على إزالة سوء التفاهم السياسي القائم مع دول الساحل، من ضمن ذلك الزيارة التي قام بها سيدي علي بلعرابي، الخليفة العام للطريقة التيجانية ذات الانتشار والتأثير في دول الساحل (على متن الطائرة الرئاسية) إلى بوركينا فاسو، ولقائه مستشار الرئيس البوركينابي أبوبكر دوكوري، إذ يعتقد أنها كانت جزءاً من مساعي التهدئة وحل الأزمة بين دول المنطقة.

ويعتقد مراقبون أن هذه الإشارات أو الرسائل الإيجابية الجزائرية مرهونة النجاح بمدى وجود رغبة مقابلة لدى دول الساحل، واستعدادها لتقديم إشارات إيجابية تجاه الجزائر، لتجاوز الأزمة، إذ يقول المحلل السياسي المالي محمدو كنفارو ديوب لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن هناك إقراراً لدى جميع الأطراف بأن واقع الأزمة القائم، لا يخدم المنطقة ولا شعوبها التي تواجه مصاعب كبيرة، والجزائر حين توجّه هذا الخطاب الهادئ والإيجابي، أمر مهم وجيد، لكن يبقى تحويله إلى خطوات تصالحية فعلية مرتبط بمدى قدرة دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو على تبني خطاب أكثر هدوءاً تجاه الجزائر، دون أن ننسى وقوعها تحت ضغوط تمارس عليها لدفعها إلى مناوئة الجزائر".