تصريحات بومبيو تضع جهاز المخابرات العراقي في مرمى نيران المليشيات

تصريحات بومبيو تضع جهاز المخابرات العراقي في مرمى نيران المليشيات الحليفة لإيران مجدداً

19 يونيو 2022
نفى جهاز المخابرات العراقي علاقته بالعملية ورأى أن الاتهامات تهدد السلم الأهلي (Getty)
+ الخط -

ساهمت تصريحات جديدة لوزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو تناول خلالها عملية مقتل زعيم "فيلق القدس" الإيراني السابق قاسم سليماني، مطلع يناير/ كانون الثاني 2020 بغارة أميركية نفذتها طائرة مسيرة بعيد وصوله إلى بغداد قادماً من دمشق؛ بوضع جهاز المخابرات العراقي، الذي ما زال عملياً تحت إدارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في خانة الاتهام مجدداً من قبل مليشيات وجماعات مسلحة حليفة لطهران، معتبرة أن تصريحات الوزير الأميركي السابق بشأن مراقبة سليماني في بغداد تأكيد على ما تعتبره تورطاً لضباط استخبارات عراقيين في الحادثة.

وكشف بومبيو، في مقابلة مع قناة "العربية" السعودية، عن أن "سليماني كان منخرطاً في مخطط لقتل 500 أميركي، وقد تمكنت الإدارة الأميركية من الإطاحة بذلك المخطط". وأردف أن أميركا عملت على حماية أصولها في العراق ومواطنيها في سورية، وفي كافة أرجاء العالم منذ فترة طويلة جداً.

وبيّن أن "أميركا كانت تراقب تحركات فيلق القدس (في بغداد)، وكانت تعمل على مشروع قتل سليماني بشكل مستمر، حتى تسنت لها الفرصة لإيقاف ما كان هجوماً وشيكاً على الموارد والأصول والمواطنين، فأصدر الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) القرار بالقضاء على سليماني".

وعقب التصريحات بساعات عدة، أعلنت مصادر أمنية عراقية انفجار عبوتين ناسفتين محليتي الصنع قرب السياج الأمني لمقر تابع لجهاز المخابرات العراقي صباح الأحد، في حي الكرادة وسط العاصمة بغداد، وخلّفت الانفجارات أضراراً مادية فقط، وفقاً لما أوردته وسائل إعلام محلية عراقية.

فيما شنّت منصات تابعة لفصائل مسلحة مرتبطة بإيران حملة تحريض واسعة على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وضباط بارزين في جهاز المخابرات، متهمين إياهم بالتورط في عملية اغتيال سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبيأبو مهدي المهندس.

ونشرت قناة "صابرين نيوز"، المرتبطة بمليشيا "كتائب حزب الله"، أسماء لضباط ومسؤولين في جهاز المخابرات صباح اليوم الأحد، مع صور لعدد منهم، متهمة إياهم بالضلوع في عملية اغتيال سليماني والمهندس.

وتبنت بعض وسائل الإعلام المحلية المرتبطة بفصائل مسلحة في العراق تفاصيل أخرى لم يذكرها بومبيو خلال المقابلة، في معرض مهاجمتها لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وجهاز المخابرات العراقي.

واليوم الأحد، قال عضو تحالف "الفتح"، الجنح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، رفيق الصالحي، إن "تحالف الفتح تحرك من أجل فتح تحقيق نيابي عبر اللجان المختصة لمحاسبة أي متورط ومتخابر مع السفارة الأميركية وتقديمه للعدالة"، وفقاً لتصريحات أدلى بها لموقع إخباري، مضيفاً أن "التحقيق سيشمل استضافة واستدعاء كبار القادة الأمنيين العراقيين لمعرفة ملابسات الحادث، وما جرى بالفعل، وحجم التوغل الأميركي في الأجهزة الأمنية العراقية وتعاونها في الجريمة".

من جهته، طالب العضو بالتحالف ذاته، عدي عبد الهادي، بتصريحات أدلى بها للصحافيين في بغداد، بما وصفه بـ"حملة تطهير مطار بغداد الدولي من جواسيس السي آي إيه".

وعلى الرغم من أن التحقيقات التي أجراها الجانب العراقي واستمرت عدة أشهر في بغداد لم تتوصل إلى أي نتائج تتعلق بتورط مسؤولين أمنيين مع الأميركيين بعملية اغتيال سليماني؛ فإن مليشيات مسلحة، وأبرزها "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، و"كتائب حزب الله"، و"النجباء"، توجّه اتهامات للجهاز بضلوعه في العملية، منطلقة من فكرة أن الجهاز الأمني الحساس يملك تعاوناً مباشراً مع الأميركيين.

وفي أكثر من مناسبة، نفى جهاز المخابرات العراقي علاقته بالعملية، وأكد في بيان له عقب الحادثة، رداً على اتهامات مماثلة لمليشيات مسلحة، أن "هذه التصريحات تمثل تهديداً صريحاً للسلم الأهلي، وتسيء إلى جهاز المخابرات الوطني العراقي".

وأضاف أن الاتهامات "باطلة وتؤذي سمعة الأجهزة الأمنية". وأشار إلى أن مهام الجهاز تتمحور حول "خدمة الوطن والشعب، وليست خاضعة للمزاجات السياسية".

وشدد بيان المخابرات على أنه يحتفظ بحقه في "الملاحقة القانونية لكل من يستخدم حرية الرأي لترويج اتهامات باطلة تضر بالعراق وبسمعة الجهاز وواجباته".

ونجح جهاز المخابرات العراقي، خلال العامين الماضيين، في تحقيق إنجازات كبيرة على مستوى الحرب العراقية على الإرهاب، سواء داخل العراق أو خارجه عبر عمليات خاصة بالتنسيق مع التحالف الدولي في سورية، وكذلك القبض على فارين بدول أخرى، لكن زعماء الجماعات الموالية لإيران تواصل ضغوطها بشأن ارتباط الجهاز بالولايات المتحدة الأميركية، وهي الاتهامات ذاتها التي تواجه جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، لكن بنحو أقل من ذلك.

وقال الإعلامي العراقي محمد الكبيسي: "تحرض مواقع الفصائل المسلحة ضد جهاز المخابرات العراقي وتكشف أسماءهم وتتهمهم باغتيال سليماني والمهندس، بينما لم يهددوا أميركا التي أعلنت تفاصيل العملية أمس على لسان بومبيو".

فيما تساءل الباحث بالشأن العراقي، شاهو القره داغي، قائلاً إن "القنوات التابعة للفصائل الموالية لإيران تهاجم جهاز المخابرات العراقي وتحرض على قتل واستهداف عناصره بتهمة المشاركة في عملية قتل سليماني. لماذا لا يتحرك القضاء لمواجهة هذه الفصائل المنفلتة وملاحقة قنواتهم الإعلامية التي تحرض على العنف؟".

وانتشر وسم أطلقه أنصار الجماعات المسلحة بعنوان "#جهاز_المخابرات_وكر_للعمالة"، هاجمت فيه حسابات مختلفة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وضباطاً من جهاز المخابرات.

المساهمون