لاقت تصريحات وزيرة الخارجية بالحكومة الليبية، نجلاء المنقوش، تتعلق بمسار التحقيق في حادث لوكربي 1988، وإمكانية تسليم بلادها للولايات المتحدة الأميركية مواطنا ليبيا يشتبه في تورطه في الحادث، جدلا بين المجلس الرئاسي والحكومة وفي الأوساط الليبية الأخرى.
وإثر قرار المجلس الرئاسي، أمس السبت، إيقاف المنقوش عن العمل احتياطيا ومنعها من السفر، بالإضافة لتشكيل لجنة للتحقيق معها في "مخالفات إدارية"، بحسب القرار، وتفردها "بملف السياسة الخارجية للبلاد دون التنسيق مع المجلس الرئاسي"، بحسب تصريحات للمتحدثة الرسمية للمجلس الرئاسي نجوى وهيبة، طلب مجلس الوزراء بالحكومة من المنقوش الاستمرار في عملها بـ"نفس الوتيرة"، وعبر عن "تقديره لكل جهودها الوطنية المبذولة، في أداء مهامها بالشكل المطلوب".
وردت الحكومة على قرار المجلس الرئاسي، خلال خطاب وجهته للمنقوش ونشرته المنصات التابعة للحكومة في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، بالتأكيد على ضرورة "اتباع جميع السلطات الإجراءات الإدارية السليمة والتزامها بمهامها المحددة في الإعلان الدستوري وملحقاته والاتفاق السياسي الليبي الموقع في جنيف"، ودعا إلى "الابتعاد عن كل ما من شأنه التسبب في تداخل الصلاحيات أو عرقة أعمال الحكومة في هذا الوقت الحساس، الذي نحتاج فيه إلى تكاتف جميع الجهود لإنجاز الاستحقاقات الوطنية".
وذكرت الحكومة أن الوزيرة حققت "نجاحا يحظى بأعلى مستويات التقدير في الأوساط الدولية من خلال تنظيمها مؤتمر استقرار ليبيا، وتبني سياسة تواصل إيجابية تجاه الدول الصديقة والشقيقة"، مشددا على أن "هذا النجاح يساعد على الاستقرار ويمنع من التدخلات السلبية في الشأن الليبي، الأمر الذي يحتم على كافة السلطات والأطراف الوطنية دعم هذه الجهود، وعدم التأثير عليها سلبًا، أو عرقلة أعمالها بأي شكل من الأشكال بما يؤثر على خطة عمل السياسة الخارجية التي تتبناها الحكومة".
لم يرد المجلس الرئاسي على قرار الحكومة حتى الآن
ولم يرد المجلس الرئاسي على قرار الحكومة حتى الآن، كما أنه لم يوضح مصير قراره أيضا، في وقت سارع مراقبون إلى الربط بين قرار المجلس الرئاسي وتصريحات المنقوش، الجمعة الماضية لقناة بي بي سي، بشأن المواطن الليبي "أبو عجيلة مسعود"، المتهم مؤخرا من قبل الولايات المتحدة الأميركية بتورطه في حادثة لوكربي التي وقعت عام 1988م، خصوصا أن القرار تلاه بيان أصدرته المنقوش نفت فيه صحة ما نسب إليها بشأن تسليم أبو عجيلة مسعود.
ونقلت بي بي سي عن المنقوش تأكيدها أن بلادها على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن تسليمها المشتبه به "أبو عجيلة مسعود" في قضية لوكربي.
لكن المنقوش أشارت إلى أنها أجابت عن سؤال متعلق بضحايا لوكربي وضحايا تفجير (مانشستر أرينا) الذي وقع سنة 2017، واتهم بتنفيذه مواطن بريطاني من أصول ليبية، ونفت "بشكل قطعي ذكرها للمعني خلال مقابلتها مع قناة بي بي سي البريطانية".
وأوضحت أنها نوهت، خلال اللقاء، إلى أن هذه القضايا من اختصاص مكتب النائب العام في ليبيا "وهو من يتولى مسؤولية معالجتها بين المؤسسات القضائية بالبلدين".
وأبو عجيلة مسعود، هو مسؤول ليبي رفيع المستوى في جهاز المخابرات الليبية في عهد النظام السابق، يقبع في أحد سجون طرابلس بعد القبض عليه عام 2011، واتهمته الولايات المتحدة الأميركية بالتورط في حادث تفجير طائرة تابعة لشركة بانام الأميركية، فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988.
وفي سياق ردود الفعل اعتبرت عضو ملتقى الحوار السياسي، أم العز الفارسي، أن هدف قرار الرئاسي "هو منع المنقوش من حضور مؤتمر باريس حول ليبيا، المقرر عقده في 12 من الشهر الجاري، معبرة عن تفاجئها بالقرار".
أما عضو ملتقى الحوار السياسي، عبد الرزاق العرادي، فاعتبر أن قرار المجلس الرئاسي "باطل"، وقال مغردا على حسابه الرسمي إن "إيقاف الرئاسي لوزيرة الخارجية هو تجاوز وتعسف في ممارسة الصلاحيات ولا يعتد به وهو والعدم سواء"، مضيفا "لا سلطان له على الحكومة ولا على وزرائها".
ومن جانبه شن عضو مجلس النواب، مصباح اوحيدة هجوماً على المنقوش، واعتبر أن تصريحاتها بشأن تسليم مسعود "للخارج خيانة ومتاجرة رخيصة"، فيما انتقد عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني، تصريحاتها، واصفا إياها بـ"التزلف والتملق".
أما وزير الخارجية الليبي الأسبق، محمد سيالة، فقد اعتبر تصريحات المنقوش "محاولة إحياء ملف قضية لوكربي"، معتبرا في تصريح لتلفزيون ليبي أن إحياء القضية "سيفتح باب جهنم على ليبيا".