تصاعد التوتر بين فرنسا والجزائر: جراح الماضي تُشعل خلافات الحاضر

15 يناير 2025
علم فرنسا وعلم الجزائر قبل وصول الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، 25 أغسطس 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تدهور العلاقات الفرنسية الجزائرية: توترت العلاقات بعد اعتراف ماكرون بخطة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، مما أغضب الجزائر وأدى لانخفاض التبادل التجاري بنسبة 30% وتأثيرات سلبية على المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

- التحديات الاقتصادية والدبلوماسية: تواجه الشركات الفرنسية صعوبات في السوق الجزائرية، مع استبعادها من مناقصات استيراد القمح، واندلاع خلافات دبلوماسية بعد اعتقال وترحيل مؤثرين جزائريين في فرنسا.

- جذور تاريخية وتأثيرات سياسية: تعود التوترات لذكريات حرب الاستقلال الجزائرية، مع دعوة ماكرون للشفافية حول ماضي فرنسا الاستعماري، واتهام الجزائر لفرنسا بإعادة كتابة التاريخ.

أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الأربعاء، أن الرئيس إيمانويل ماكرون وأعضاءً رئيسيين في الحكومة سيجتمعون في الأيام المقبلة لتحديد طريقة للرد على ما تعتبره باريس "عداءً متزايداً" من الجزائر.

وظلت العلاقات بين باريس والجزائر معقدة على مدى عشرات السنين، لكن الوضع تفاقم منذ يوليو/ تموز الماضي حين أغضب ماكرون الجزائر بالاعتراف بخطة للحكم الذاتي لمنطقة الصحراء تحت السيادة المغربية.

ولم تنقطع العلاقات الدبلوماسية، لكن مسؤولين فرنسيين قالوا إن الجزائر تتبنى سياسة تستهدف محو الوجود الاقتصادي الفرنسي من البلاد، حيث انخفض التبادل التجاري بنحو 30 بالمائة منذ الصيف.

وقال مسؤولون فرنسيون إن لسوء العلاقات تأثيرات كبيرة في المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرين إلى حجم التجارة الهائل، إلى حقيقة أن حوالى 10 بالمائة من سكان فرنسا البالغ عددهم 68 مليون نسمة لديهم روابط مع الجزائر.

وقال جان نويل بارو أمام المشرعين إنّ "العلاقة بين فرنسا والجزائر ليست علاقة ثنائية كأي علاقة أخرى، بل هي علاقة وثيقة للغاية"، متهماً الجزائر باتخاذ "موقف عدائي". وعرض بارو الذهاب إلى الجزائر لمناقشة الأزمة.

وقال ثلاثة دبلوماسيين، لوكالة "رويترز"، إنه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اقترحت جمعية البنوك الجزائرية إصدار أمر تنفيذي لإنهاء المعاملات المصرفية من فرنسا وإليها، في تحدٍّ شفهي، رغم أنها لم تمضِ قدماً في ذلك نظراً لطبيعة العلاقات التجارية الواسعة بين البلدين.

ويقول دبلوماسيون وتجار، بحسب "رويترز"، إن الشركات الفرنسية لم تعد تؤخذ بالاعتبار في المناقصات الخاصة باستيراد الجزائر للقمح الذي كانت فرنسا مصدراً رئيسياً له.

وإلى جانب الأعمال التجارية، اتهم ماكرون الجزائر بأنها "تهين نفسها" باحتجازها التعسفي للمؤلف الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الذي تدهورت صحته في الأسابيع القليلة الماضية.

ومع تعرّض حكومة ماكرون لضغوط لتشديد سياسات الهجرة، اندلع خلاف دبلوماسي أيضاً الأسبوع الماضي بعد اعتقال عدد من المؤثرين الجزائريين على وسائل التواصل الاجتماعي في فرنسا واتهامهم بالتحريض على العنف.

ورحّل أحدهم إلى الجزائر، لكن السلطات أعادته إلى باريس استناداً إلى إجراءات قانونية. وأثار ذلك غضب الأحزاب اليمينية في فرنسا، واتهم وزير الداخلية برونو ريتيلو الجزائر بمحاولة إذلال القوة الاستعمارية السابقة.

وقال بارو: "هذا انتهاك للسياقات التي تحكم علاقتنا وسابقة نعتبرها خطيرة"، مضيفاً أن هذا علاوة على اعتقال صنصال دفع باريس إلى السعي لتحديد طريقة للرد.

ونفت وزارة الخارجية الجزائرية، السبت الماضي، سعيها للتصعيد مع فرنسا، وقالت إن اليمين المتطرف في فرنسا يشنّ حملة تضليل إعلامي على الجزائر.

جروح الماضي

تأثرت العلاقات بين البلدين بالذكريات التي تركتها حرب الاستقلال التي اندلعت بين عامي 1954 و1962 حين استقلت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا عن فرنسا.

وقُتل نحو 400 ألف مدني ومقاتل جزائري، بالإضافة إلى نحو 35 ألف فرنسي وما يصل إلى 30 ألف مسلم "حركي" كانوا يقاتلون في الجيش الفرنسي ضد الثوار الجزائريين.

وطالب ماكرون على مرّ السنين بمزيد من الشفافية في ما يتعلق بماضي فرنسا مع الجزائر، بينما قال أيضاً إن "النظام السياسي العسكري" في الجزائر أعاد كتابة تاريخ الاستعمار على أساس "كراهية فرنسا".

وقال جلال حرشاوي، الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن الدولتين تخوضان مواجهة متصاعدة. وأضاف: "كثيرون من الساسة في باريس يقولون إنهم يريدون إجبار الجزائر على تخفيف موقفها، لكن الجزائر لديها كل النية للتمسك بموقفها. وتشعر الجزائر بجرأة أكبر بسبب حقيقة أن فرنسا أصبحت أقل أهمية بالنسبة إلى اقتصادها مقارنة بما كانت عليه قبل بضع سنوات".

(رويترز)

المساهمون