شيع المئات من أهالي بلدة ترمسعيا، وقرى شمالي وشرقي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، ليل الأربعاء، جثمان الشهيد عمر أبو القطين (جبارة)، والذي استشهد، نهار أمس الأربعاء، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدته ترمسعيا، خلال التصدي لهجوم المستوطنين، وإخلاء الأهالي الذين حاصرتهم النيران في منازلهم نتيجة إحراق المستوطنين لها، والمواجهات التي اندلعت مع قوات الاحتلال.
وانطلق الموكب الجنائزي من مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله، حيث نقل إليه الشهيد مصاباً بالرصاص الحي في صدره، كما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
وحمل الشبان جثمان الشهيد على الأكتاف سائرين به في شوارع مدينة رام الله، قبل نقله بمركبة إسعاف إلى مسقط رأسه ترمسعيا شمال شرقي المدينة، عبر طريق بديل يمر بقرى مجاورة لتفادي عرقلة حواجز الاحتلال.
وهتف المشيعون للشهيد، وضد الاحتلال واعتداءات المستوطنين، متوعدين بالرد، وقد حملوا أعلام الفصائل الفلسطينية، وأعلام فلسطين.
وحمل المشيعون جثمان الشهيد على أكتافهم من أطراف القرية إلى منزله، حيث ألقت عائلته عليه نظرة الوداع الأخيرة، قبل الانتقال به إلى أحد مساجد البلدة حيث أتيح لأهاليها وداعه، وأقيمت على جثمانه صلاة الجنازة قبل أن التوجه إلى المقبرة ودفنه.
والشهيد عمر أبو القطين متزوج ووالد لطفلين، ويزاول مهنة الحفر بالآليات الثقيلة، وبحسب رواية عمه محمود جبارة لـ"العربي الجديد"، فإن عمر حين علم بالهجوم ترك عمله على إحدى الىليات وانضم إلى الشبان الآخرين لصد هجوم المستوطنين على البلدة.
وقال عم الشهيد: "عمل كل جهده في صد هذا العدوان وكتب الله له الشهادة"، ويصف جبارة ابن شقيقه بالقول، إنه كان محبوباً من أقاربه وعموم أهالي البلدة، وكان يحب عمله ويتمسك به لتأمين قوت أولاده وزوجته.
روى الناشط عوض أبو سمرة، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل حادثة استشهاد جبارة، فأكد إصابة عدد آخر من الشبان بالرصاص الحي، نتيجة اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال قبيل استشهاده، مشيراً إلى أن الشهيد عمر كان من أوائل الناس الذين هبوا للوصول إلى أحد المنازل، الذي أحرق بعد ما يقارب نصف ساعة من حرق عدد آخر من المنازل، وبعد هدوء نسبي، وكان من أوائل الواصلين من أجل إخلاء أصحاب المنزل.
وأضاف أبو سمرة أن المستوطنين انسحبوا بشكل مفاجئ ليقوم بعدها جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي تجاه الشبان، مستهدفاً المناطق العلوية ليصاب عمر بصدره، وشاب آخر من قرية كفر مالك برأسه، وشاب ثالث من قرية اللبن الشرقية بظهره، ورابع من ترمسعيا بالمنطقة السفلية من جسده.
وتحدثت حنان جبارة والدة الشهيد لـ"العربي الجديد" عن إقدام ابنها الدائم، وتواجده في كل تصدٍ للمستوطنين على القرية، مؤكدة أنه تواجد في الليلة التي سبقت استشهاده عند مدخل البلدة، لصد هجوم آخر للمستوطنين، مستذكرة إصابته قبل عامين برصاص الاحتلال.
وأضافت أنه كان في عمله وقت هجوم المستوطنين الكبير، أمس الأربعاء، وانتقل إلى مكان الهجوم، واتصل بها من هناك ليطلب منها الاتصال بالدفاع المدني.
وتقول جبارة إن ابنها ترك خلفه طفلاً وطفلة، وإنها لطالما كانت تقول له أن يحذر من أجل أطفاله، فكان يجيبها بأن عليها الاعتناء بهم، ورفض عمر أكثر من مرة السفر إلى الولايات المتحدة والعمل هناك، حيث يملك إقامة في الولايات المتحدة، وكان يرد دائما أنه يريد البقاء في وطنه.
أصيب 12 فلسطينياً، على الأقل، بالرصاص الحي، خلال هجوم المستوطنين على ترمسعيا، في المواجهات مع قوات الاحتلال، وأصيب العشرات بحالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع، بينما أصيب قرابة مائة شخص بالاختناق نتيجة للحرائق التي نشبت في عشرات المنازل والمركبات بسبب هجوم المستوطنين، كما قال لافي أديب رئيس بلدية ترمسعيا لـ"العربي الجديد".