تشييع الصحافية شذى الصباغ في مخيم جنين وسط اتهامات للأجهزة الأمنية

29 ديسمبر 2024
تشييع جثمان الصحافية شذى الصباغ، مخيم جنين 29 ديسمبر 2024 (جعفر اشتية/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شيّع أهالي مخيم جنين جثمان الصحافية شذى الصباغ وسط أجواء من الحزن والغضب، مع اتهامات من العائلة للأجهزة الأمنية الفلسطينية بالمسؤولية عن مقتلها وانتظار نتائج التحقيق.
- والدة شذى أكدت أن إطلاق النار كان كثيفاً ومباشراً، نافية مزاعم التواصل معها من قبل الأجهزة الأمنية، وحملت السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن مقتل ابنتها.
- طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفتح تحقيق جنائي في حالات القتل، محذرة من تهديد الحملة الأمنية للنسيج المجتمعي وداعية إلى حوار وطني جاد.

شيّع أهالي مخيم جنين، عصر اليوم الأحد، جثمان الصحافية الشابة شذى الصباغ (22 عاماً)، التي قُتلت مساء أمس السبت بالقرب من منزلها في المخيم وسط أجواء من الحزن والغضب. وأكد صهيب مرعي، زوج شقيقة شذى، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "نتائج التشريح لم تُعلن بعد، لكن شذى أُصيبت برصاص في رأسها، مما أدى إلى مقتلها على الفور"، وأشار إلى أن العائلة تنتظر نتائج التحقيق لمعرفة التفاصيل الكاملة حول ظروف مقتلها، وسط اتهامات موجهة من العائلة إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالوقوف وراء الحادثة.

في هذه الأثناء، قررت مجموعة من الصحافيين الفلسطينيين المشاركة في نقل جثمان زميلتهم شذى الصباغ من منزلها، الواقع في منطقة تخضع للسيطرة الأمنية الفلسطينية الكاملة في مخيم جنين، رغم وجود قيود مسبقة على عدد المشاركين. وأفاد صحافيون شاركوا في الجنازة بأنه جرى التنسيق المسبق للسماح لأربعة أشخاص فقط بنقل الجثمان من منزلها، إلا أن الصحافيين رفضوا الالتزام بهذه الترتيبات وقرروا كسر القيود المفروضة، وصعد نحو 30 شخصاً نصفهم من الصحافيين، إلى منزل العائلة للمشاركة في إخراج الجثمان بعد أن ألقت عائلتها نظرة الوداع الأخيرة عليها. ونُقل جثمان الصباغ إلى مسجد مخيم جنين الكبير لأداء صلاة الجنازة عليها، بعدها حملها المشاركون على الأكتاف، وصولاً إلى مقبرة شهداء المخيم لمواراتها الثرى، وسبق التشييع إضراب تجاري شامل حداداً على روح الصحفية شذى الصباغ.

من جانبها، روت والدة الصحافية شذى الصباغ في تصريحات صحافية، شهادة مؤلمة حول اللحظات الأخيرة التي شهدتها قبل مقتل ابنتها، حينما كانت برفقتها ورفقة أحفادها، مشيرة إلى أن إطلاق النار كان كثيفاً ومباشراً واستمر حتى بعد سقوط شذى على الأرض ما حال دون محاولة إسعافها. وأوضحت الوالدة أن شذى كانت برفقتها مع عدد من الأطفال عندما خرجوا لشراء بعض الحاجيات من "البقالة"، الواقعة في الطابق الثاني داخل أحد المنازل وأثناء نزولهم من الدرج بعد الانتهاء من الشراء، بدأ إطلاق النار باتجاههم مباشرة، وقالت الوالدة: "كانوا (عناصر الأجهزة الأمنية) مقابلنا تماماً، وبدأوا بإطلاق النار علينا، حاولنا سحب الأطفال للداخل وانبطحنا على الأرض، وطلبنا من شذى أن تفعل الشيء نفسه، لكن في لحظات استشهدت شذى على الفور".

وأضافت: "كلما حاولت سحب شذى كانوا يطلقون النار بكثافة على نفس المنطقة، صرخت مراراً وطلبت منهم وقف إطلاق النار، ولكن دون جدوى، حتى عندما حاول أحد الشبان الاقتراب لإسعافها، تعرض أيضاً لإطلاق النار". وكشفت الوالدة أنها متأكدة من أن ابنتها شذى كانت مستهدفة بشكل مباشر خاصة أنها قضت يومها في مخيم جنين، حيث أجرت مقابلات مع عائلة الطفل مجد زيدان الذي قُتل قبل أيام، وقالت: "كنت متأكدة مليون بالمئة أن شذى هي المستهدفة. إطلاق النار كان متعمداً واستمر لفترة طويلة، ولم يكن هناك أي إطلاق نار من خارج المنطقة كما يدعون بوجود شبان أطلقوا النار".

ونفت الوالدة مزاعم الناطق باسم الأجهزة الأمنية، أنور رجب، الذي قال إنه تواصل معها وشرح لها ملابسات الحادثة، مؤكدة "لم يتصل بي أي شخص من الأجهزة الأمنية أو غيرها، وكل ما قيل بهذا الخصوص غير صحيح". وتحدثت الوالدة عن اللحظات الأخيرة لشذى إذ كانت تخطط لقضاء سهرة عائلية مميزة، قائلة: "كانت تقول إن الليلة ستكون سهرة مميزة، واشترت الأغراض لنقضي الوقت معاً، وكانت تحملها حين نزلنا من الدرج، لكنها أصيبت واستشهدت"، مشيرة إلى شجاعة شذى والعلاقة المميزة بينهما. وحملت الوالدة السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن مقتل ابنتها، قائلة: "أحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية استشهاد شذى وقتلها. أدعو لها بالرحمة وأن يجمعها الله مع أخيها الشهيد معتصم الصباغ".

وكان الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب أكد في بيان صحافي، بعد نحو 40 دقيقة على مقتل الصباغ، "أنه وفقاً للتحقيقات الأولية وشهادات شهود العيان، فإن قوى الأمن لم تكن في المكان"، متهماً مقاومين بقتلها واصفاً إياهم بأنهم "خارجون عن القانون".

والصباغ التي تعمل مراسلة بشكل حر، هي القتيلة المدنية الخامسة في مخيم جنين منذ أن بدأت الحملة الأمنية للسلطة الفلسطينية على المخيم، حيث قتل ستة أشخاص أحدهم يزيد جعايصة من قادة كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فيما قتل خمسة عناصر من أمن السلطة الفلسطينية.

بدورها، طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" في بيان لها، اليوم الأحد، بفتح تحقيق جنائي من النيابة العامة في جميع حالات القتل التي حصلت، وإعلان نتائج التحقيق وتقديم كل من خالف القانون للمحاكمة، مؤكدة أن استمرار هذه الأزمة وتفاقمها يحمل في طياته مخاطر جسيمة على النسيج المجتمعي، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي. ودعت الهيئة جميع الأطراف الفاعلة إلى تحكيم لغة العقل، والعمل الفوري على وقف التصعيد الميداني، والاستجابة العاجلة للمبادرات الوطنية والمجتمعية التي تهدف إلى احتواء الأزمة.

من جانبه، أكد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية في بيان صحافي، أن استمرار الحملة الأمنية في مخيم جنين تنذر بكارثة محققة تضاف إلى كوارث الشعب الفلسطيني، داعياً إلى ضرورة وقفها فوراً والذهاب إلى حوار وطني جاد ومسؤول لمعالجة الحالة الداخلية بكل أشكالها. ولليوم الخامس والعشرين على التوالي تواصل الأجهزة الأمنية حصار مداخل مخيم جنين مع إغلاقها بالسواتر الترابية، وسط اشتباكات متكررة بين مقاومين فلسطينيين والأجهزة الأمنية الفلسطينية.

المساهمون