تسجيل أول دعوى ضد المستوطنين أمام القضاء الفلسطيني

تسجيل أول دعوى ضد المستوطنين أمام القضاء الفلسطيني

08 نوفمبر 2020
يمنع المستوطنون استكمال بناء البيوت رغم وقوعها في المنطقة ب وفق أوسلو (العربي الجديد)
+ الخط -

في سابقة هي الأولى، تقدم المواطن الفلسطيني منتصر نافع منصور، من قرية بورين جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، بأول دعوى قضائية في محكمة الصلح بمدينة نابلس، ضد حارس أمن مستوطنة "براخا" المقامة على أراضي نابلس، والذي يمنعه من استكمال بناء بيته الواقع في المنطقة المصنفة "ب" وفق اتفاق أوسلو، الخاضعة إدارياً لسيطرة السلطة الفلسطينية، منذ نحو ثماني سنوات، بحجة أن البيت يقع في منطقة تابعة للمستوطنة.

وأكد منصور لـ"العربي الجديد" أن حارس أمن المستوطنة سلمه ورقة تمنعه من استكمال البناء، كما قام أكثر من مرة بهدم ما بناه منصور، وهو ما دفع بالأخير للتوجه إلى وزارة العدل الفلسطينية التي شجّعته على رفع قضية ضد المستوطن، والمطالبة بتعويض مادي ومعنوي.

وأشار منصور إلى أن قيمة التعويض الذي طالب به هي 150 ألف دينار أردني (نحو 200 ألف دولار أميركي)، بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت به، حيث يقوم المستوطنون في كل مرة بهدم ما يتم بناؤه، ومن المقرر أن تكون الجلسة المقبلة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول المقبل، بحيث تتاح الفرصة لإبلاغ المشتكى عليه من خلال الصحف أو بالطريقة التي تراها المحكمة مناسبة.

طالب منصور بتعويض قيمته 150 ألف دينار أردني، بسبب الخسائر التي لحقت به، حيث يقوم المستوطنون في كل مرة بهدم ما يتم بناؤه

 

محامو الادعاء في القضية المسجلة أمام محكمة بداية نابلس قالوا في بيان عممته وزارة العدل الفلسطينية "إن هذه دعوى فردية غير متعلقة بالحق الجمعي للشعب الفلسطيني"، مشيرين إلى أن قانون أصول المحاكمات المدنية يؤهل القضاء الفلسطيني من حيث الاختصاص، وأن إمكانية التبليغ متاحة، ومنها التبليغ بواسطة النشر بالصحف، وأن أوامر تنفيذ القرارات القضائية بحق المستوطنين ممكنة، وسيتم الإعلان لاحقاً عنها، "حيث نتدرج في إطار إحكام القانون الدولي والاتفاقيات ذات العلاقة".

وعبّر منصور عن أمله في أن تكون هذه الدعوى بداية لتحرك قضائي واسع ضد المستوطنين، خاصة من سكان بورين الذين يتعرضون بشكل مستمر لهجمات من عصابات المستوطنين، كما يمنعون الأهالي من التوسع في البناء، خاصة في الجبال وفي الأراضي القريبة من المستوطنات.

وجاءت هذه الدعوى بعد قرار الحكومة الفلسطينية نهاية عام 2019، القاضي بدعوة متضرري جرائم المستوطنين بالتوجه للقضاء الفلسطيني، ملتمسين العدالة في مواجهتهم.

 

وأوضحت وزارة العدل الفلسطينية في بيان وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة عنه، أن طلب التعويضات ينحصر بالأفعال الواقعة عن المنقولات، والأضرار الواقعة على الأموال عموماً من دون طلب التعويض عن اغتصاب الأرض الفلسطينية الذي ينبغي الخلاص منه في إطار تحرير الأرض طوعاً أو قسراً، وهي القضية الوطنية الفلسطينية الأصلية المدعومة بقرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في نهاية حكم الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي يحمل الرقم 2334 والقاضي بعدم شرعية الاستيطان بما فيه الاستيطان في القدس الشرقية.

وبحسب خبراء قانونيين، فإن الدعوى أمام القضاء الفلسطيني مقبولة قانوناً وفقاً لقواعد القانون الدولي الخاص، كون الضرر واقعاً على الأرض الفلسطينية والفاعل بوصفه أجنبياً عن هذه الأرض هو مرتكبها ويتحمّل مسؤولية التعويض وفقاً للقواعد القانونية الفلسطينية والمقارنة في العالم أجمع.

وهذا ما أكد عليه وزير العدل الفلسطيني محمد شلالدة، الذي نفى أن يكون القضاء الفلسطيني لا يملك صلاحيات تخوّله ملاحقة المستوطنين في المحاكم الفلسطينية، مشيراً في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن التشريعات المطبقة في فلسطين، واستناداً إلى قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، تجيز ملاحقة الأجنبي، وهو ما ينطبق على المستوطنين، الذين يقيمون ضمن الولاية الإقليمية الفلسطينية على الأرض المحتلة.

ينحصر طلب التعويضات بالأضرار الواقعة على الأموال عموماً دون طلب التعويض عن اغتصاب الأرض، الذي ينبغي الخلاص منه بتحرير الأرض

 

وتابع شلالدة "بعد رفع الضحايا قضايا أمام محاكم البدايات الفلسطينية في مختلف المحافظات، ستجرى مخاطبة الاحتلال الإسرائيلي كدولة محتلة بالمثول أمام القضاء الفلسطيني، وفي حال رفض الطرف الآخر اختصاص المحاكم الفلسطينية، سيتم اتباع الإجراءات الرسمية في المحاكمة العادلة وإصدار أحكام غيابية وفقاً للقوانين والتشريعات الفلسطينية".

وشدّد وزير العدل الفلسطيني محمد شلالدة على أن القضاة الفلسطينيين وعند البت في ملفات الضحايا لن يستندوا فقط للتشريعات الفلسطينية، وإنما للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت لها فلسطين، والتي وقعت عليها دولة السلطة القائمة بالاحتلال.

وبيّن شلالدة أن كل دولة ملزمة وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن تقوم بمقاضاة من ارتكب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، استناداً إلى نصّ المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على أن الدول ملزمة بسن تشريعات وطنية في قوانينها، لملاحقة مرتكبي جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة أو جنسيتها.

 

كذلك أكد الوزير أن القضية ليست محصورة في اعتداءات المستوطنين، حيث تقوم وزارة العدل وبموجب قرار صدر عن الحكومة الفلسطينية بتشكيل فريق وطني بمتابعة ملفات عدة، ومنها ملف جثامين الشهداء المحتجزة في ما تسمى بمقابر الأرقام الإسرائيلية، حيث ستطالب سلطات الاحتلال بالمسؤولية المدنية وبجبر الضرر والتعويض عن المأساة التي يتعرض لها ذووهم، إضافة لملف الشركات الأجنبية العاملة في المستوطنات وعددها أكثر من 200 شركة، وملفات خاصة بملاحقة المستوطنين مزدوجي الجنسية أمام قضاء الدولة التي يحملون جنسيتها.

المساهمون